ما دور ذكريات الألم المخيفة في تشكيل الإحساس بالألم مستقبلاً؟

ما دور ذكريات الألم المخيفة في تشكيل الإحساس بالألم مستقبلاً؟

16 يوليو , 2023

ترجم بواسطة:

لمياء المحيميد

دقق بواسطة:

زينب محمد

رُغم أن الألم والخوف هما تجربتان مختلفتان تمامًا، إلا ان دراسات سابقة بينت أنهما يمكن أن يكونا مرتبطين ببعضهما البعض أحيانًا، على سبيل المثال عندما يتعرض البشر أو عديد من أنواع الحيوانات لمواقف عصيبة أو مهددة بالحياة، فإن الخوف الحاد قد يحجب الإحساس بالألم مما يسمح لهم بالتركيز الكامل على ما يحدث لهم في هذه اللحظة.

وعلى النقيض من ذلك فقد أظهرت الأبحاث أن عند تعرض البشر لمستويات عالية من الألم فذلك يعني أن لديهم ذكريات طويلة المدى مرتبطة بالخوف مما يجعلهم يهلعون من المواقف التي ربطوا بها ذكريات ذلك الألم وهذه الذكريات بدورها قد تعزز من حساسيتهم للألم أو قد تنمي أنماط سلوكية مضرّة لتفاديه، وقد ترتبط الزيادة في شدة الألم الذي يشعر به كل من البشر أو الحيوانات نتيجة تجارب ألم قاسية بتحسب للألم بخوف وارتعاب، ولكن لا تزال الأسس العصبية لهذه العملية بالتحديد غير مفهومة بشكل كافي.

أجرى باحثون في جامعة هايدلبرغ الألمانية مؤخرًا دراسة، سعيًا لفهم مناطق تخزين التجارب المؤلمة في أدمغة الفئران وكيف يمكن لهذه الذكريات المخزنة أن تؤثر على تجارب الألم المستقبلية، وتشير نتائج البحث التي توصلوا إليها والتي نُشرت في مجلة نيتشر نيوروساينس Nature Neuroscience، إلى أن الذكريات مخزنة في قشرة الفص الجبهي، وهي المنطقة التي تغطي الجزء الأمامي من أدمغة الثدييات.

حيث أجرى الباحثون سلسلة من التجارب على الفئران البالغة باستخدام وسيلة وسم العلامات العصبية وتقنيات علم البصريات الوراثي، ففي خلال هذه التجارب تستقبل أقدام الفئران صدمات كهربائية خفيفة وهُيئت لتصبح خائفة من تلقي هذه الصدمات الكهربائية مرة أخرى، استخدم الباحثون أيضًا تقنيات علم البصريات الوراثي إما لتنشيط أو لتثبيط الشبكات العصبونية المختلفة في أدمغة الفئران وذلك لتحديد كيفية تأثير ذلك على إحساسها بالألم.

اقرأ أيضًا: هل تتمنى عدم الشعور بالألم؟

وكتب كل من الباحثة ألينا ستيجمان وشينغ ليو وزملاؤهما في ورقة البحث: “رأينا أن الذاكرة طويلة المدى المقترنة بالخوف لدى الفئران مخزنة في وحدة الإنغرام العصبي، وهي وحدة المعلومات المعرفية في قشرة الفص الجبهي مما يحدد ما إذا كانت واقعة مؤلمة قد تعيد صياغة تجربة الألم في المستقبل، وبالإضافة الى ذلك ففي حالات الآلام الالتهابية والاعتلالات العصبية تتسع وحدات الإنغرام العصبية المرتبطة بالخوف في الفص الجبهي لتشمل العصبونات التي تمثل الإحساس بالألم واللمس، مما يؤدي إلى تغييرات جليّة في عملية اتصال الفص الجبهي ومناطق الدماغ المرتبطة بالخوف وفي المقابل فإن انحسار وحدات إنغرام الخوف في الفص الجبهي تعالج حالات مزمنة مؤكدة لفرط الألم والألم خيفي”.

يبين العمل الذي قام به فريق الباحثين بعض الآليات العصبية التي يمكن أن تلعب دورًا في استمرار الألم على مدى فترات طويلة جراء تكوين ذكريات خوف مقترنة بألم حدث في الماضي، وقد تحث هذه النتائج على تطوير طرق جديدة في التدخلات العلاجية لمظاهر الآلام المزمنة التي قد تكون متعلقة بتجارب سابقة، بحيث تجمع هذه التدخلات العلاجية بين العلاج السلوكي المعرفي والعقاقير التي تستهدف شبكات الخلايا العصبية في قشرة الفص الجبهي.

كتبت ستيجمان وزملائها أيضًا: “تكشف هذه النتائج أن مجموعة منفصلة من الخلايا العصبية في الفص الجبهي قد تفسر الاعتلال الموهن والمتزامن لكل من الخوف والألم المزمن ويظهر أن تقليص ذكريات الخوف من الألم قد يخفف استمراره، ويقدم بحثنا دليلاً سببيًا ملموسًا لتخفيف الألم المرضي عن طريق التغلب على الخوف الاستباقي ويشجع على تطوير التدخلات العلاجية التي تستهدف الشبكات العصبية في الفص الجبهي للأشخاص الذين يعانون من الألم المزمن والخوف المرضي المصاحب له”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: لمياء المحيمد

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!