crossorigin="anonymous">
1 يناير , 2023
قد تعتقد عدم الشعور بالألم شعورًا رائعًا للتمتع بالحياة، والحقيقة المؤلمة أنها حالة مرضية خطيرة قد تقضي على حياتك، إذ يُعد الألم إشارة للجسم على وجود مشكلة تحتاج إلى حل مثل مرض أو إصابة، فكيف سيتعرف الجسم عليها دون ألم، كما تحميك الغريزة الفطرية لتجنب الألم من خوض مغامرات خطرة، بل لن تدرك حدوث أي كسور، مما قد يسبب تشوهات في العظام على المدى البعيد تنتهي بالإعاقة، ما رأيك أن تتعرف على المرض أكثر عن قرب؟ إذا أردت تابع السطور التالية.
هو عدم القدرة على الشعور بالألم جسديًا منذ الولادة بسبب وجود طفرات جينية نادرة من الوالدين، وقد يعاني هؤلاء المرضى من مشاكل في الحواس الأخرى مثل الشم أو الشعور بالتغيير في درجات الحرارة، ويُطلق عليها عدم الحساسية الخلقية للألم (Congenital insensitivity to pain).
يُعد عدم الشعور بالألم أحد أنواع الاضطرابات العصبية الطرفية (peripheral neuropathy) التي تنتقل وراثيًا ويحدث لاإراديًا (autonomic neuropathy)، كما يعتمد إدراك الألم على قدرة الجهاز العصبي بالشعور بالأحاسيس المؤلمة من خلال مستقبلات الألم (nociceptors) التي تُعد خلايا عصبية متخصصة في التعرف على الأنسجة والخلايا التالفة.
يعاني هؤلاء المرضى من عدم الشعور بالألم بسبب وجود مشكلة في مستقبلات الألم لديهم بشكل سليم لعدم اكتمال نموها أو عدم القدرة على الاستجابة لإشارات الألم، وبدون هذه المستقبلات لا يستطيع الجهاز العصبي إرسال إشارات عصبية للمخ تحذر من وجود ألم في منطقة ما بالجسم، مما يؤدي لعدم الشعور بالألم نهائيًا.
يرتبط عدم الشعور بالألم بالاعتلال العصبي المحيطي (peripheral neuropathy) لتأثيره على الجهاز العصبي الطرفي الذي يربط المخ والحبل الشوكي بالعضلات والخلايا العصبية التي تسبب الشعور باللمس والشم والألم.
تساعد قنوات الصوديوم التي توجد في مستقبلات الألم (nociceptors) المسؤولة عن نقل إشارات الألم للمخ والحبل الشوكي على نقل أيونات الصوديوم إلى الخلايا العصبية التي تنقل الإشارات العصبية، وعند حدوث طفرة جينية في الجين (SCN9A) المسؤول عن تصنيع وحدة الألفا في قنوات الصوديوم (NaV1.7)، ينتج الجسم وحدات ألفا لا تصلح لتصنيع قنوات الصوديوم، ويؤثر على نقل إشارات الألم من مكان الإصابة للمخ ينتج عنه عدم الشعور بالألم.
كما توجد قنوات الصوديوم في الخلايا العصبية المسؤولة عن حاسة الشم، لذلك تسبب هذه الطفرة الجينية فقدان حاسة الشم الذي يُعد أهم أعراض هذا المرض.
يوجد مستقبل (NTRK1) على سطح الخلايا العصبية التي تنقل الإحساس بالألم والحرارة واللمس، وعند ارتباط بروتين (NGFβ) بهذا المستقبل، تنتقل الإشارات للخلايا العصبية لتنمو وتحافظ على تطورها وانقسامها، لذلك عند حدوث طفرة جينية في الجين (NTRK1)، لن يجد البروتين ما يرتبط به لنقل الإشارات العصبية، وتموت الخلايا، وتفقد حاسة اللمس والشعور بالألم، بالإضافة إلى فقدان الخلايا العصبية الموجودة في الغدد العرقية، مما يسبب عدم التعرق، ومن أنواعه:
وكأن عدم الشعور بالألم لا يكفي ليُضاف إليه عدم التعرق، وحمى باستمرار، وعدم القدرة على الشعور بالحرارة أو البرودة، وتأخر في النمو والتطورات الحركية والسلوكية، وارتفاع شديد في درجة الحرارة الذي يمثل خطرًا حقيقيًا على من يعانون من عدم التعرق لعدم قدرة الجسم على تنظيم درجة الحرارة بالتعرق، كما يعانون من زيادة الإصابة ببكتيريا المكورات العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus) التي غالبًا ما تكون مقاومة لتأثير المضادات الحيوية، وكثرة حدوث نوبات الصرع نتيجة لشدة ارتفاع درجة الحرارة.
بالإضافة إلى معاناتهم من وجود فراغات في فروة الرأس، وزيادة سُمك طبقة الجلد في كف اليد أو تشوه في أظافر اليدين والقدمين، ناهيك عن فرط الحركة ونقص الانتباه، وعدم الاستقرار العاطفي، وصعوبة في التعلم، ونقص التوتر العضلي (hypotonia) ولكن لحسن الحظ تعود العضلة إلى طبيعتها مع تقدم العمر.
يتميز بانخفاض الحساسية للألم، ونقص التوتر العضلي، وعدم القدرة على البكاء لوجود خلل في الخلايا الدمعية، وتأخر في النمو، وصعوبة في الحفاظ على درجة حرارة الجسم المناسبة وضغط الدم.
غالبًا ما يلاحظ الوالدين المرض منذ الطفولة عند البكاء دون دموع، ويُصاب المراهقون بانحراف في العمود الفقري بنسبة تصل إلى 95%، بالإضافة إلى ضعف عام، وأرق، وتشنجات في الساق، أما عند وصولك إلى الرشد فعلى الأغلب قد تُصاب بفشل كلوي.
يعاني هؤلاء المرضى من عدم الشعور بالألم بشكل جزئي بسبب قدرة الجسم غير العادية على إنتاج معدل مرتفع من الأفيونات التي تسكن الألم ويعاني المريض من فقدان حاسة الشم (anosmia).
يعاني هؤلاء المرضى من عدة أعراض التي تختلف من شخص لآخر، إذ لا يشترط وجود كل الأعراض في مريض واحد، وهذه الأعراض هي:
لا يوجد علاج لهذه الحالة المرضية حاليًا، ولكن يعتمد على تعليم المرضى تجنب الإصابات، والتأكد من وجود أى إصابات بالجسم وعلاجها في أسرع وقت، وحماية أنفسهم من التعرض للأذى، كما يُعد نالوكسون هو العلاج الوحيد للتخدير الخلقي وأظهر نتائج مقبولة إلى حدٍ ما ولكن ليس بشكل كامل.
لن تعرف أنك بحاجة للذهاب إلى المستشفى لعدم وجود ألم ينبهك، مثل التهاب الزائدة الدودية أو التعرض لأزمة قلبية.
يُعد الشعور بالألم في مرحلة الطفولة من أصعب المراحل على الإطلاق لكثرة حركة الأطفال وعفويتهم، ونقص الإدراك لتفهم العواقب لبعض السلوكيات، مثل عض أصابعهم أو التعرض لحادثة عند عبور الطريق دون وعي أو التعرض للنار.
ننتقل للسؤال الأهم على الإطلاق هل هذا المرض وراثي أم يتوقف عند المريض فقط؟ إذ يُعد صفة متنحية مما يدل على وجود طفرات جينية في كل نسخة تنحدر من الوالدين للأبناء، فلن تظهر هذه الصفة إلا باجتماعهم سويًا، ولكن إذا كان الأب أو الأم فقط من يحمل هذه الصفة المتنحية دون الطرف الآخر، فإنها تنتقل لجينات الأبناء دون ظهور أعراض المرض.
ختامًا، نظرًا لطبيعة مرض عدم الشعور بالألم النادرة فإنه يتطلب من المريض فحص نفسه باستمرار مثل قياس درجة الحرارة وضغط الدم، والتأكد من عدم وجود جروح غائرة أو كسور حتى يتمكن من طلب المساعدة قبل فوات الأوان.
المصادر:
بقلم: د. نهى أشرف
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً