تحويل الماس إلى معدن

تحويل الماس إلى معدن

4 فبراير , 2021

ترجم بواسطة:

لمياء الخرجي

دقق بواسطة:

وليد حافظ

في نموذج نظري جديد.. تم إثبات أن الألماس الذي عُرف أنه عازل هو أيضًا موصل معدني عند تعرضه للإجهاد العالي.

المصدر: معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا

اكتشف الباحثون طريقة لتعديل جزء لا متناهي الصغر من الماس بطريقة مضبوطة لتحويل خصائصه الإلكترونية، بدءًا من وضع العزل، مرورًا بوضع شبه التوصيل إلى كون حالته عالية التوصيل أو معدنية. ويمكن إحداث ذلك ديناميكيًا والعكس أيضاََ بدون تردٍّ لقيمة الماس.

يعرف الماس منذ قديم الزمان بأنه أقسى وأصلب المعادن الطبيعية التي عرفها الإنسان وهو أيضا من الموصلات الحرارية وعازل كهربائي ممتاز، اكتشف الباحثون اليوم طريقة لتعديل أجزاء دقيقة من الماس بطريقة مضبوطة لتغيير خصائصه الإلكترونية وتحويلها من حالة العزل الكهربائي إلى شبه موصل وحتى حالة والتوصيل العادي أو معدنية التوصيل، ويمكن إحداث ذلك ديناميكيًا والعكس أيضا حسب الحاجة بدون تدني قيمة مادة الماس.

ويقول الباحثون بأنه على الرغم من أن البحث لايزال في مراحله المبكرة لإثباته، إلا أنه قد يفتح مجالًا واسعًا باستخدام الماس في أنواع جديدة من الخلايا الشمسية ذات النطاق العريض، ومصابيح LED عالية الكفاءة وإلكترونيات الطاقة وأجهزة بصرية وأجهزة استشعار كمي جديدة.

ونُشرت اكتشافاتهم المستندة على المحاكاة والحسابات ونتائج تجريبية سابقة هذا الأسبوع في مجلة الوقائع الأكاديمية الوطنية للعلومPNAS) ) ، وكانت الورقة من إعداد الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا “جو لي”، وطالب الدراسات العليا “زهي شي”، وعالم الأبحاث الرئيسي “مينغ داو”، والبروفيسور ورئيس جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة “سوبرا سوريش”، وكذلك العميد السابق للهندسة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأستاذ الفخري “فانيفار بوش”، و”إفجيني تسيمبالوف” و “ألكسندر شيبيف” من معهد سكولكوفو للعلوم والتكنولوجيا في موسكو.

استعمل الفريق مجموعة من حسابات الميكانيكا الكمية وتحليل القصور الميكانيكي والتعلم الآلي لإثبات أن هذه الظاهرة التي تم تصورها لفترة طويلة كاحتمال، يمكن أن تحدث بالفعل في الماس في الحالة النانوية.

أوجد مفهوم إجهاد المواد شبه الموصلة كالسيليكون لتطوير أدائها انكباباََ على صناعة الالكترونيات الدقيقة منذ أكثر من عقدين، لكن الإشكال أن لهذا الأسلوب إجهاد صغير في حدود حوالي 1 بالمائة. قضى “لي” وشركاؤه سنوات في تطوير مفهوم هندسة الإجهاد المرن وذلك استناداََ للقدرة على التسبب بتغييرات عظيمة في الخواص الكهربائية والبصرية والحرارية وغيرها من الخواص ببساطة عن طريق تشويهها بوضعها تحت ضغط ميكانيكي متوسط إلى كبير كافٍ لتغيير الترتيب الهندسي للذرات في الشبكة البلورية للمادة، ولكن دون تعطيل تلك الشبكة.

في تقدم كبير عام 2018 أظهر فريق بقيادة “سوريش” و “داو” و “لو يانغ” من كلية الفنون التطبيقية بجامعة هونغ كونغ أن إبرة من الألماس يبلغ قطرها بضع مئات من النانومترات أمكن ثنيها دون كسر في درجة حرارة الغرفة إلى ثنيات كبيرة، فقد كانوا قادرين على ثني هذه الأجزاء النانوية بشكل متكرر لإجهاد شد وصل إلى 10 بالمائة وبعد ذلك يمكن أن يعود الجزء سليماََ إلى شكله الأصلي

السر وراء الأمر هو خاصية تعرف باسم فجوة النطاق، والتي تحدد بشكل أساسي مدى سهولة تحرك الإلكترونات عبر المادة. وبالتالي فإن هذا الخاصية هي سر التوصيل الكهربائي للمادة، وبشكل طبيعي فالألماس لديه فجوة نطاق واسعة مكونة من 5.6 الكترون فولت، ما يعني  أنه عازل كهربائي قوي لا تتحرك من خلاله الإلكترونات بسهولة، أظهر الباحثون في آخر تجارب المحاكاة أن فجوات النطاق للألماس يمكن تغييرها تدريجياََ وباستمرار وعكسياََ مما يوفر نطاقاََ واسعاََ من الخصائص الكهربائية من العوازل إلى شبه الموصلات وصولًا للمعدن.

وصرح لي: “اكتشفنا أنه من الممكن تقليل فجوة النطاق من 5.6 الكترون فولت مباشرة إلى  الصفر، والهدف من ذلك أنه من الممكن التغيير باستمرار من 5.6 إلى 0 الكترون فولت فتتم تغطية كل المدى من فجوة النطاق. ومن خلال الضغط الهندسي من الممكن جعل الألماس يمتلك فجوة نطاق كالتي عند السيليكون، والذي يستخدم بكثرة في شبه الموصلات أو نيتريد الغاليوم الذي يستخدم لمصابيح الإنارة، كما من الممكن استخدامه ليصبح كاشفاََ للأشعة تحت الحمراء أو حتى يكشف مجموعة كاملة من الضوء جميعها من الأشعة تحت الحمراء حتى الجزء فوق البنفسجي من الطيف”.

وأضاف سوريش: “المقدرة على هندسة وتصميم موصلات كهربائية بالألماس دون تغيير تركيبها الكيميائي واستقرارها يوفر مرونة غير مسبوقة لتصميم المهام حسب الطلب ،  يمكن تطبيق الأساليب الموضحة في هذا العمل على مجموعة واسعة من المواد شبه الموصلة الأخرى ذات الأهمية التكنولوجية في الميكانيكيات والإلكترونيات الدقيقة والطب الحيوي والطاقة والضوئيات من خلال هندسة الاجهاد”.

إذن وعلى سبيل المثال عند ثني قطعة واحدة صغيرة من الألماس ليكون لها انحدار إجهادي يمر عبرها من الممكن أن نكوّن خلية شمسية قادرة على التقاط جميع الترددات الضوئية في جهاز واحد – شيء لا يمكن تحقيقه إلا من خلال أجهزة رديفة تجمع بين أنواع مختلفة من مواد الخلايا الشمسية معاََ في طبقات لدمج نطاقات الامتصاص المختلفة الخاصة بها، وقد يستخدم ذلك يوما ما كأجهزة كشف ضوئية واسعة الطيف للتطبيقات الصناعية أو العلمية.

أحد القيود والذي لم يتطلب فقط الكمية الصحيحة من الضغط لكن أيضاََ كان يتطلب الاتجاه الصحيح للشبكة البلورية للألماس، كان لمنع الإجهاد من التسبب في عبور التكوين الذري لنقطة التحول والتحول إلى الجرافيت وهي المادة الناعمة المستخدمة في أقلام الرصاص.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                         

يمكن للعملية تقسيم الألماس إلى نوعين من شبه الموصلات إما فجوة نطاق شبه موصلة مباشرة أو غير مباشرة وفقاََ للتطبيق المرغوب للخلايا الشمسية، على سبيل المثال، تقدم فجوة النطاق المباشرة مجموعة أكثر كفاءة من الطاقة من الضوء، مما يسمح لها بأن تكون أرق من المواد الأخرى كالسيليكون، أما نطاق الفجوات غير المباشرة فتتطلب مساراََ أطول بكثير لجمع طاقة الفوتون.

وأشار لي:”قد تكون هذه العملية مرتبطة بمجموعة متنوعة بشكل كبير من التطبيقات الممكنة مثل أجهزة الكاشف عالية الحساسية القائمة على الكم والتي تعمل على العيوب والذرات الشائبة في الألماس”، وأضاف:” باستعمال الإجهاد نستطيع التحكم بالانبعاثات ومستويات امتصاص هذه الشوائب الصغيرة. مما يتيح طرقًا جديدة للتحكم في حالات الكم الالكترونية والنووية” .

لكن نظرًا للتنوع الكبير الذي أصبح ممكناََ في شتى الحالات من خلال الأبعاد المختلفة لتغيرات الإجهاد، يضيف “لي”:  إن كان لدينا تطبيق معين يدور في خلدنا فيمكننا التحسين حتى الوصول لهدف التطبيق، والجيد في نهج الإجهاد المرن  أنه ديناميكي ما يعني أنه متغير باستمرار وفورًا حسب الحاجة”.

وأنهى الباحثون بقولهم أن هذا العمل لايزال في المرحلة المبكرة حتى يتم إثباته حيث لم يصلوا بعد إلى مرحلة تمكنهم من البدء في تصميم أجهزة عملية عليه، ولكنهم يتوقعون مع الدراسات القادمة أن تكون التطبيقات العملية ممكنة، والسبب جزئياََ أن هذا العمل الواعد بدأ حول العالم في النمو والتركيز يصب على مواد الماس المتجانسة.

تم دعم هذا العمل من قبل مكتب البحوث البحرية في الولايات المتحدة الأمريكية.

المصدر : https://www.sciencedaily.com

 ترجمة : لمياء الخرجي

تدقيق لغوي :وليد حافظ

تويتر: @Waleedhafez1981


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!