لماذا ننظر باحتقار إلى الأشخاص الذين يبدون مختلفين؟

لماذا ننظر باحتقار إلى الأشخاص الذين يبدون مختلفين؟

13 أغسطس , 2022

دقق بواسطة:

زينب محمد

النقاط الرئيسية

  • يفترض أن الأشخاص الذين يعانون من شذوذ في الوجه مثل الندبات والحميات، يحملون خصائص شخصية سيئة.
  • يمكن أن ينشأ هذا التحيز “الشاذ السيئ” للوجه من آلية تجنب مسببات الأمراض المتطورة أو يمكن تعلمه عن طريق الثقافة.
  • اختبرنا هذه الفرضيات البديلة في صيادي وجامعي هادزا، ووجدنا أن التحيز ظهر فقط  لدى أولئك الذين تعرضوا لثقافة غير هادزا.
  • يبدو أن التحيز “الشاذ السيئ” يُعلّم ثقافيًا، ويحتمل عدم تعلمه.

الوجوه تمنح الفوائد والمنافع الاجتماعية، ويضفي الناس وجوهًا جذابة ذا خصائص مرغوبة كأن تكون أكثر جدارة بالثقة، هذه الاستنتاجات لها آثار في العالم الحقيقي، فعلى سبيل المثال يكون الناس أكثر استعدادًا لاقتراض أموال من المقرضين ذوي الأوجه الجديرة بالثقة، ورُبطت الهيمنة التي حُكم عليها من وجوه طلاب ويست بوينت العسكريين، بالترقيات التي سيحصل عليها هؤلاء الأفراد العسكريون بعد عقود، وقد ارتبطت الكفاءة التي حُكم عليها من وجوه الأشخاص الذين يترشحون للمناصب السياسية، بحصص التصويت الفعلية في الانتخابات، ويستفيد المرشحون السياسيون الذين يواجهون الناخبين المحافظين من الظهور بمظهر “جمهوري نمطي” أكثر من منافسيهم.

الأمر المثير للقلق بشكل خاص هو أن الجدارة بالثقة المتصورة لوجوه السجناء ارتبطت بما إذا كانوا قد حُكم عليهم بالسجن المؤبد أو الإعدام بتهمة القتل من الدرجة الأولى.

مجملها، يمكن للأنواع “الصحيحة” من ملامح الوجه أن تجعل المرء يبدو أكثر جدارة بالثقة، ويمكن أن تسهل سعيه لتحقيق أهدافه المهنية، ويمكن أن تؤثر على مواقف الحياة أو الموت.

إذا كان امتلاك الأنواع “الصحيحة” من سمات الوجه أمرًا جيدًا، فماذا يعني هذا للأشخاص الذين لديهم أنواع “خاطئة” من سمات الوجه – تلك التي تنحرف عن القاعدة؟

الصورة النمطية “الشاذة السيئة”

لقد أُبلغنا أن الأشخاص الذين تبدو وجوههم بسمات شاذة- مثل الندوب أو الشفة المشقوقة والحنك أو الشلل – يعانون من عقوبات اجتماعية لمظهرهم المختلف، يُنظر إلى الأشخاص ذوي الوجوه الشاذة على أنهم أقل جاذبية وأقل جدارة بالثقة من الأشخاص الذين تفتقر وجوههم إلى مثل هذه السمات.

 إنها تثير تحيزات ضمنية ومشروعة وحتى سوء معاملة من قبل بعض المشاهدين، وتثير استجابات الدماغ المرتبطة بتلك التحيزات والسلوكيات، ونسمي هذه المجموعة من المعتقدات السلبية والتحيزات وحالات الدماغ والسلوكيات بالصورة النمطية “الشاذة السيئة”.

المصادر المحتملة للتحيز

من أين تأتي هذه الارتباطات السلبية بتشوهات الوجه؟

أحد الاحتمالات هو أننا نتجنب التفاعل مع الأشخاص الذين تتميز وجوههم بسمات شاذة؛ لأن تلك السمات تشير إلى وجود مرض معدي، ونظرًا لأن ليس جميع حالات الشذوذ في الوجه علامات على العدوى، فإن الصورة النمطية “الشاذة سيئة” يمكن أن تكون بسبب التعميم المفرط للآلية التي تطورت للحفاظ على صحة البشر.

إذا كانت الصورة النمطية الشاذة هي نتيجة ثانوية تطورية، إذًا هل من الطبيعي أن ينظر الإنسان باحتقار إلى الأشخاص الذين يبدون مختلفين؟ ليس بالضرورة؛ حتى بالرغم من أن معظم الأشخاص لا يتفاعلون غالبًا مع الأفراد الذين تبدو وجوههم مختلفة بشكل واضح، ويمكن أن تكون الرسائل الثقافية السلبية حول تشوهات الوجه مصدر للصورة النمطية “الشاذة سيئة”.

ولا يزال استخدام شذوذ الوجه لدلالة على الفساد الأخلاقي أداة شائعة في سرد القصص الغربية، لا يمثل تحول أناكين سكاي ووكر (Anakin Skywalker) الجسدي والأخلاقي إلى دارث فادير (Darth Vader) في ستار وورز برقول (Star Wars prequel)، والوجه المثقوب لأحدث شرير بسلسلة جيمس بوند (James Bond)، وابتسامة جوكر (Joker) المهددة التي نُحتت حرفيًا في وجهه سوى عدد قليل من الأمثلة. في فيلم The Lion King يطلق على أسوء رجل شرير اسم ندب “Scar”.

 الشخص العادي ربما ليس لديه الكثير من الخبرة المباشرة مع شذوذ الوجه، إلا أن الاستعارات السلبية حول الحالات الشاذة تتخلل في الثقافة الغربية.

كلا الطريقين المحتملين للصورة النمطية “الشاذة سيئة” كنتيجة ثانوية للتكيف لتجنب مسببات الأمراض، أو كنتيجة ثانوية لتعلم ثقافي أمران معقولان. كيف يمكننا معرفة أيهما على حق؟

هذه ليست مجرد مشكلة للباحثين المهتمين باختلافات الوجه- فالاعتماد المفرط على متطوعين بحثيين من سكان غربيين ومتعلمين وصناعيين وأثرياء وديمقراطيين، يهدد قابلية تعميم البحث في علم النفس والتخصصات المتحالفة بشكل عام، حتى صور الوجوه التي يستخدمها الباحثون في دراساتهم غالبًا ما تكون غريبة للغاية.

إذا كانت الصورة النمطية “الشاذة سيئة” ليست مجرد نتيجة ثانوية للتعلم الاجتماعي- إذا كانت مرتبطة بتجنب مسببات الأمراض، فيجب علينا أن نعثر على دليل على ذلك في الأشخاص غير الغرباء.

 تعاونّا مع علماء نفس متعددي الثقافات كريستوفر سميث (Kristopher Smith)، وكورين أبيسيلا (Coren Apicella) لاختبار هذه الفكرة في دراسة نشرت مؤخرًا، وبحثنا عن دليل على الصورة النمطية الشاذة السيئة في أفراد قبيلة الصيادين في شمال غرب تنزانيا، هادزا.

صيادي وجامعي الهادزا

تختلف حياة صيادي وجامعي هادزا (وهي إحدى المجموعات العرقية الأصلية بتنزانيا) اختلافًا كبيرًا عن حياة الشخص العادي في ثقافة متطورة ماديًا، يعيش حوالي ٣٠٠ هادزا على ما يمكنهم اصطياده وعلفه، ويعيشون عادةً مع ٢٠-٣٠ آخرين من الهادزا في المخيمات التي تنقل الموقع كل ستة إلى ثمانية أسابيع عند استنفاد الموارد المحلية.

ويختلف الهادزا في تعرضهم لثقافة غير الهادزا؛ حيث لم يكن لدى البعض سوى القليل من التعرض للعالم خارج أرض الهادزا، وإذا كانت الصورة النمطية “الشاذة السيئة” هي الأداة لتجنب مسببات الأمراض، فلقد استنتجنا أنه يجب اكتشافه في الهادزا (حتى أولئك الهادزا المتعرضين بشكل محدود لثقافة غير الهادزا).

باستخدام خوارزميات الكمبيوتر أنشأنا صورًا لهادزا لم يسبق لها مثيل، وندبات مركبة رقميًا على وجوههم، وأخذنا هذه الصور إلى عشرة معسكرات لهادزا، وسألنا متطوعي هادزا عن ردود أفعالهم على الوجوه في الصور، عرضنا عليهم صورتين للأوجه- واحدة بها ندبة والأخرى بدونها- وسألنا عن الشخص الذي يتوقعون أن يكون لديه شخصية أخلاقية أفضل.

في البداية بدت نتائجنا متسقة مع فكرة أن تجنب مسببات الأمراض هو أصل الصورة النمطية “الشاذة السيئة”؛ عندما سئلوا عمن يعتقدون أنه يتمتع بشخصية أخلاقية أفضل اختار الهادزا الوجوه النموذجية أكثر من الوجوه التي تعاني من الندوب، وعندما أخذنا في الاعتبار مقدار تعرض كل فرد من الهادزا لثقافة غير الهادزا، تلاشى دليل على قابلية تعميم الصورة النمطية الشاذة سيئة.

على نقيض أفراد الهادزا الأكثر تعرضًا لثقافة غير الهادزا، فإن أولئك الأقل تعرضًا لها كان من المرجح بنفس القدر أن يختاروا الوجوه المصابة بالندوب كما كانوا يختارون الوجوه النموذجية عند الحكم على الشخصية الأخلاقية.

ونظرًا لأن فقط الهادزا الذين تعرضوا لثقافة غير الهادزا أظهروا دليلًا على الصورة النمطية الشاذة سيئة، فتشير دراستنا إلى أن هذا التحيز قد عُلّم.

إن دعم الأصل الثقافي للصورة النمطية الشاذة الخبيثة للوجه السيئ يولد التفاؤل: فإذا عُلّمت الصورة النمطية، إذًا يمكن أيضًا عدم تعلمها.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: هديل البريدي

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!