في ظل صراع العالم مع تغير المناخ والحاجة إلى مصادر طاقة مستدامة، ازدادت الحاجة الملحة للطاقة المتجددة ووسائل تخزينها. وعلى الرغم من وفرتها، تعاني الطاقة الشمسية تواجه صعوبة في الإمداد المستمر.

للتغلب على هذه المشكلة، تظهر أنظمة تخزين الطاقة المبتكرة كحلول أساسية، وبينما تُستخدم بطاريات تخزين الطاقة على نطاق واسع، يبرز خيار واعد آخر وهو تخزين الطاقة باستخدام الجاذبية.

تعد تقنية تخزين الطاقة بالجاذبية تقنية حديثة تعتمد على الجاذبية لتخزين الطاقة، ويمكن أن تصبح عنصرًا أساسيًا في أنظمة الطاقة المستدامة نظرًا لقدرتها على التخزين طويل الأمد وصيانتها القليل، كما أنها أقل تكلفة مقارنة بالبدائل الأخرى مما يجعلها خيارًا قويًا للاستخدام على نطاق شبكات الكهرباء.

كيفية عملها

تعتمد تقنية تخزين الطاقة بالجاذبية على رفع كتلة ثقيلة أثناء فائض إنتاج الطاقة ثم إطلاقها لإنتاج الكهرباء عند ارتفاع الطلب أو نقص الطاقة الشمسية.

تتضمن الأوزان المستخدمة عادةً الماء أو كتل خرسانية أو كتل من التربة المضغوطة، وعلى عكس تخزين الطاقة بالضخ الكهرومائي، تقدم هذه التقنية مرونة أكبر في اختيار المواقع.

يتكون النظام النموذجي من مكبس ثقيل داخل وعاء أسطواني مملوء بالسوائل، عند فائض إنتاج الطاقة الشمسية يُستخدم الفائض لرفع المكبس مما يحول الطاقة الكهربائية الزائدة إلى طاقة مخزنة، وعند ارتفاع الطلب يهبط المكبس مما يدفع السائل عبر توربين لتوليد الكهرباء لتلبية الاحتياج.

حل مشكلة الطاقة المتجددة

مع تسارع الدول نحو التحول إلى الطاقة المتجددة، يقدم تخزين الطاقة بالجاذبية حلاً لمشكلة التقطع التي تواجه الطاقة الشمسية والرياح، حيث يُعتبر تخزين الطاقة لفترات غياب الشمس أو الرياح أمرًا ضروريًا لضمان إمداد مستقر وموثوق.

تشهد ماليزيا تقدمًا ملحوظًا في تعزيز قدرتها على إنتاج الطاقة المتجددة وتهدف إلى زيادتها من 2% في عام 2018 إلى 20% بحلول عام 2025.

يعتمد تحقيق هذه الأهداف على حلول تخزين الطاقة الفعالة، ويقدم تخزين الطاقة بالجاذبية خيارًا مستدامًا طويل الأمد يمكنه أن يكمل الأنظمة الأخرى ويساعد في تحقيق التوازن بين العرض والطلب على الشبكة.

تعد الأنظمة تحت الأرض لتخزين الطاقة بالجاذبية في ماليزيا خيارًا مناسبًا بفضل المواقع العديدة للمناجم المهجورة في البلاد، مثل ترونوه وباتو غاجه وبيستاري جايا.

المزايا مقارنةً بالبطاريات

رغم شيوع استخدام بطاريات تخزين الطاقة الشمسية إلا أنها تواجه تحديات، مثل عمرها القصير والحاجة إلى صيانة منتظمة والتأثير البيئي الناتج عن إنتاجها والتخلص منها، وفي المقابل، توفر أنظمة تخزين الطاقة بالجاذبية مزايا عديدة للتخزين على نطاق واسع.

عمرها الافتراضي أطول بعقود مع حاجة أقل للصيانة مقارنة بالبطاريات التي تتدهور بمرور الوقت. ومن الناحية البيئية، تتجنب الأنظمة بالجاذبية التفاعلات الكيميائية الضارة مما يقلل من التأثير البيئي ومشاكل التخلص منها، كما أنها تُعتبر أكثر فعالية من حيث التكلفة على نطاق واسع مع انخفاض التكاليف على المدى الطويل.

البحث والتطوير

رغم أنها لا تزال في مراحل التطوير الأولى وتواجه تحديات مثل ارتفاع تكاليف الإنشاء والعقبات التنظيمية، يمكن للأبحاث المستمرة ودعم الحكومات معالجة هذه المشكلات.

توجد فرص واعدة خصوصًا في المناطق التي تتطلب تخزين طاقة على نطاق واسع، ولكنها تواجه صعوبات في استخدام الخيارات التقليدية مثل التخزين بالضخ الكهرومائي أو مزارع البطاريات الكبيرة.

تُعتبر هذه التقنية ميزة في الأماكن ذات المساحات المحدودة أو التي تعاني من قيود بيئية تمنع استخدام أنظمة تخزين أخرى.

لتحقيق إمكاناتها بالكامل، فإن الأبحاث المستمرة والتجارب الميدانية على أراض الواقع لا غنى عنها لإثبات فعاليتها في بيئات متعددة.

تؤدي الحكومات وشركات الطاقة أدوارًا رئيسية في دفع عجلة تبني تقنية تخزين الطاقة بالجاذبية، حيث يمكن لصناع القرار تعزيز الاستثمار بتوفير الحوافز والمنح البحثية، بينما تسعى شركات الطاقة إلى بناء شراكات لتمويل وتنفيذ التقنية على نطاق واسع.

تتمثل إحدى الخطوات المستقبلية في دعم الحكومات والقطاع الخاص للمبادرات تجريبية لتوضيح مدى كفاءة تقنية تخزين الطاقة بالجاذبية وقابليتها للتطبيق على نطاق واسع.

تُوفر هذه المبادرات بيانات قيّمة حول الأداء في السيناريوهات الواقعية، مما يساعد على تحسين التقنية وتوسيع استخدامها.

بالتزامن مع ذلك، يُعد الابتكار المستمر في التصميم والتشغيل أمرًا حيويًا لخفض التكاليف وتعزيز الكفاءة. وتشمل مجالات التركيز تحسين حجم ووزن الكتل المستخدمة في أنظمة تخزين الطاقة بالجاذبية واستكشاف مواد بديلة.

يمكن للشراكات بين القطاعين العام والخاص معالجة التحديات المالية والتقنية المرتبطة بنشر أنظمة تخزين الطاقة بالجاذبية على نطاق واسع. ويُعد التعاون بين شركات الطاقة والحكومات والمؤسسات البحثية ضروريًا لتبادل المعرفة والموارد.

مع التحول العالمي نحو مستقبل منخفض الكربون، يقدم تخزين الطاقة بالجاذبية حلاً واعدًا لتحدي تقطع الطاقة المتجددة.

بفضل قدرته على تخزين كميات كبيرة من الطاقة الشمسية بتكلفة إجمالية أقل مقارنةً بالبطاريات التقليدية، يمكن لتخزين الطاقة بالجاذبية أن يساهم مساهمة كبيرة في استقرار شبكات الطاقة وتسهيل التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة.

على الرغم من استمرار التحديات، تشير الأبحاث الجارية وتنفيذ المشاريع الميدانية إلى مستقبل مشرق. من خلال تبني حلول مبتكرة مثل تخزين الطاقة بالجاذبية، يمكننا اتخاذ خطوات فعالة نحو مستقبل طاقة مستدامة وموثوقة.

المصدر: https://cosmosmagazine.com

ترجمة: رزان محمود بخش

مراجعة وتدقيق: زينب محمد