العثور على الرابط المفقود بين أمراض القلب ومشاكل النوم

العثور على الرابط المفقود بين أمراض القلب ومشاكل النوم

17 سبتمبر , 2023

دقق بواسطة:

زينب محمد

تشير دراسة جديدة إلى أن مشكلات النوم التي غالبًا يعاني منها الأشخاص المصابون بأمراض القلب قد تكون ناجمة عن تلف مجموعة من الأعصاب التي تنظم كلاً من القلب والدماغ.

يعاني الأشخاص المصابون بأمراض القلب غالبًا مشاكل نوم مروعة، وقد حدد العلماء مؤخرًا ارتباطًا مباشرًا بين هذه الحالات لأول مرة في دراسة جديدة أجريت على الفئران والأنسجة البشرية.

أوضح البحث المنشور في مجلة Science أن أمراض القلب قد تعرقل إنتاج هرمون النوم الميلاتونين في الدماغ بسبب تلف مجموعة من الأعصاب التي تتصل بكلا العضوين — وتسمى العقدة العنقية العلوية SCG.

هذه الأعصاب توجد في الرقبة، فهي جزء من الجهاز العصبي اللاإرادي، الذي ينظم العمليات اللاإرادية في الجسم مثل التنفس ومعدل ضربات القلب. ونظرًا لأن الأعصاب التي تنشأ من العقدة العنقية العلوية SCG تتصل بكلٍ من القلب والغدة الصنوبرية — وهي بنية الدماغ الدقيقة المسؤولة عن إنتاج الميلاتونين — فإن المشكلات المتعلقة بالقلب يمكن أن توضح سبب انحراف صانع الميلاتونين في الجسم عن المسار الصحيح.

صرح المؤلف الكبير ستيفان إنجلهاردت، أستاذ علم العقاقير والسميات في الجامعة التقنية في ميونيخ قائلاً: “تصور العقدة على أنها صندوق تبديل كهربائي؛ ففي حالة المريض الذي يعاني من اضطرابات في النوم عقب مرض في القلب، يمكنك التفكير في وجود مشكلة في أحد الأسلاك تسببت في اندلاع حريق في صندوق التبديل ثم انتشاره إلى سلك آخر”.

أعربت بروك أجروال، الأستاذ المساعد في العلوم الطبية بجامعة كولومبيا التي لم تشارك في هذه الدراسة لمجلة Live Science، عبر البريد الإلكتروني أن هذا البحث “مهم وجاء في الوقت المناسب”، مشيرًة أن هذا البحث يظهر آلية جديدة قد تساعد على تفسير سبب أن المصابين بأمراض القلب يكونون أكثر عرضة لاضطرابات النوم.

وأمضت في حديثها محذرة: “فإن الدراسات المستقبلية المرتقبة بالإضافة إلى التجارب السريرية لأي علاجات محتملة تنجم عن هذه الآلية يجب إجراؤها”.

إن النضال من أجل النوم يعد أحد الآثار الجانبية الشائعة لأمراض القلب- فعلى سبيل المثال، يعاني ما يصل إلى 73٪ من الأشخاص المصابين بقصور القلب من أعراض الأرق. وقد أظهرت الدراسات السابقة أن مستويات الميلاتونين تنخفض لدى الأشخاص المصابين بأمراض القلب، لكن لم يعرف العلماء السبب.

في الدراسة الجديدة، حلل الباحثون عينات من أنسجة المخ البشري مأخوذة من متوفين مصابين بأمراض القلب وآخرين لم يصابوا بأمراض القلب. وقد كشف تحليل ما بعد الوفاة عن انخفاض عدد الألياف العصبية، أو المحاور العصبية في العقدة العنقية العلوية SCG للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب مقارنةً بالأصحاء. كانت العقدة العنقية العلوية SCG  أيضًا لدى المصابين بأمراض القلب بها ندوب متضخمة بشكل ملحوظ.

تتصل الأعصاب من العقدة العنقية العلوية (SCG) بالغدة الصنوبرية في الدماغ (في الصورة أعلاه) ، وهي المسؤولة عن إنتاج هرمون النوم الميلاتونين. (حقوق ملكية الصور : sciencepics عبر Getty Images)

في دعم تجارِب الفئران، وجد الفريق أن الخلايا المناعية المسماة البلاعم، التي تلتهم الخلايا المريضة والمتضررة كانت موجودة في العقد العنقية للفئران المصابة بأمراض القلب، ولوحظ التهاب وندوب في أعصاب القوارض، بالإضافة إلى قلة عدد المحاور في غددها الصنوبرية والميلاتونين في دمائها مقارنةً بالفئران السليمة. كذلك تعطلت إيقاعات الساعة البيولوجية للقوارض— وهي العمليات الداخلية التي تنظم كيفية استجابة الجسم ليلاً ونهارًا. وهذا دليل على التغيرات في معدل الأيض ومستويات النشاط على سبيل المثال.

وجد الفريق أن إعطاء الميلاتونين للفئران قلب هذا الاضطراب تمامًا. علاوةً على ذلك، فعند استخدام الأدوية للقضاء على البلاعم في العقد العنقية للقوارض، فقد استعادوا مستويات الميلاتونين الطبيعية.

ولأن هذه التحاليل أجريت على الفئران و16 إنسانًا فقط ، فإن هذه النتائج تستدعي مزيدًا من الدراسات للكشف عن الآليات التي تدفع الخلايا المناعية نحو العقدة العنقية العلوية SCG، وهذا ما نوّه به الباحثون في المجلة. وقد يستلزم ذلك دراسة الخلايا العصبية التي تربط القلب والحبل الشوكي، وكذلك البروتينات الناقلة التي تسمى السيتوكينات التي تستدعي البلاعم.

يعتقد الفريق أن هذه الدراسة قد تمهد الطريق نحو تطويرعقاقير جديدة لعلاج اضطرابات النوم الناتجة عن أمراض القلب، وذلك مع مرور الوقت.

 صرح إنجلهارت في رسالة بالبريد الإلكتروني لموقع Live Science: “بات من الضروري الحصول على دليل من خلال إجراء تجربة سريرية عشوائية لتحديد ما إذا كان بالفعل الميلاتونين العلاجي فعالاً في علاج اضطرابات النوم لدى مرضى القلب المزمن. فإذا ثبتت فعاليته، فعندئذ يمكن للعديد من المرضى  تجنب الآثار الجانبية غير المرغوبة الناتجة عن تناول حبوب التنويم”.

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: مي محمد

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!