ماذا سيحدث إذا ضربك البرق ونجوت؟

ماذا سيحدث إذا ضربك البرق ونجوت؟

25 أغسطس , 2023

ترجم بواسطة:

فتحية علي

دقق بواسطة:

زينب محمد

يقول أخصائي أمراض البرق: “إذا ضربك البرق ونجوت، ستتحول إلى إنسان آخر”. تلقى الطبيب الشرعي رايان بلومنتال، بعد أسابيع قليلة من تسلمه وظيفته الجديدة، مكالمة لفحص جثة تم العثور عليها في أحد الحقول حيث تمزقت ملابس المتوفاة وانفجرت طبلة أذنها، وقال بلومنتال الذي يعمل الآن في جامعة بريتوريا في جنوب إفريقيا: “لقد بدا المشهد مزعجًا للغاية”.

لم يكن الجاني قاتلًا متسلسلًا بل كان البرق! إذ يمكن لهذه الظاهرة المشحونة كهربائيًا أن ترسل ملايين الفولتات من الكهرباء عبر الجسم، وقد قادت هذه القوة المدمرة للبرق بلومنتال إلى أن يصبح أحد أفضل علماء أمراض البرق في العالم، ولكن ماذا يحدث بالضبط عندما يضرب البرق شخصًا ما؟ وماذا يحدث إن نجا؟

يُقتل معظم الأشخاص الذين يموتون من الصواعق على الفور بسبب السكتة القلبية، حيث يقوم الجهد الكهربائي الهائل الذي ينتقل عبر المسامير بإضعاف إيقاع القلب الطبيعي وقد تنفجر طبلة الأذن أيضًا بسبب موجة الضغط القادمة أو يصاب جهازهم التنفسي بالشلل أو يعانون من حروق ثانوية بسبب اشتعال شعرهم أو ملابسهم، ومع ذلك لا يقتل البرق كل ضحاياه؛ حيث إن حوالي 90٪ من الأشخاص الذين أصيبوا يظلون على قيد الحياة؛ ويمكن أن تمر صاعقة البرق عبر جسمك في كثير من الأحيان في غضون أجزاء من الثانية ولا يعتبر هذا وقتًا كافيًا حتى لترك علامة.

يعاني الأشخاص الذين ينجون من ضربات البرق غالبًا من تلف الأعصاب واضطراب ما بعد الصدمة والأعراض العصبية المشابهة لإصابات ما بعد الارتجاج التي يتعرض لها لاعبو كرة القدم مثل ضعف الحكم وصعوبة التركيز، كما أفادت الدكتورة ماري آن كوبر، أخصائية سلامة البرق في المجلس الوطني لسلامة البرق والأستاذة الفخرية لطب الطوارئ في جامعة إلينوي في شيكاغو.

وأضافت  الدكتورة كوبر لمجلة لايف ساينس إنه من غير الواضح تمامًا كيف تحدث إصابات الدماغ هذه، مع الأخذ في الاعتبار انخفاض عدد الصواعق والنقص النسبي في تمويل الأبحاث.

 ومع ذلك يعتقد الخبراء أنها ربما تكون ناجمة عن مزيج من اضطراب الأنسجة الناتج عن التدفق الحاد والقوي للصدمة الناتجة عن تغير الضغط البارومتري المفاجئ، ويمكن أن تكون هذه الحالات  حادة ومنهكة حيث أفاد بعض الناجين عن تعرضهم لفقدان الذاكرة وآلام أعصاب مزمنة واكتئاب وما يعتبرونه «قدرات روحانية» مثل التعرف المسبق وفقًا لتقرير خدمة الأرصاد الجوية الوطنية، وقال بلومنتال لمجلة لايف ساينس: “بمجرد أن يصيبك البرق، فأنت لن تكون نفس الشخص”.

أبلغ بعض الناجين عن وجود «أشكال  ليشتنبرغ» تشبه السرخس على جلدهم، والتي يُعتقد أنها تنشأ من تسرب السوائل من الأوعية الدموية التالفة إلى الأنسجة المحيطة، وفي تقرير حالة لعام 2020 في مجلة نيوانجلاند الطبية،  وصف رجل يبلغ من العمر 54 عامًا حالته عند تعرضه لضربة برق بأنه كان مذهولاً في البداية مع خدر في أجزاء من جسده وتكونت أشكال ليشتنبرغ على ذراعه اليسرى وفخذه وظهره وأردافه، ومع ذلك أفاد أن الأشكال كانت غير مؤلمة واختفت بعد يومين عندما زار الطبيب.

كما حقق أحد الناجين ويدعى روي سوليفان الرقم القياسي العالمي لأشد  إصابات البرق وكان يعمل حارسًا في حديقة شيناندواه الوطنية حيث تعرض لضربات البرق 7 مرات منفصلة بين عامي 1942 و1977، وعلى الرغم من إصابته بحروق في شعره وملابسه إلا أنه نجا من الضربات السبع وانتحر عام 1983 عن عمر يناهز 72 عامًا.

قال ستيف ماشبورن، الذي يدير مجموعة دعم دولية للناجين من البرق، لصحيفة واشنطن بوست إن الأفكار الانتحارية هي عرض آخر يعاني منه بعض الناجين من البرق والذين يمكن أن يعانوا آلامًا شديدة ومشاكل في التعافي بعد الحدث، والجدير بالذكر أن ماشبورن قد عانى من كسر ظهره في ضربة صاعقة عام 1969، ولحسن الحظ تعد إصابات البرق من بين أكثر الإصابات التي يمكن الوقاية منها في العالم المتقدم.

حذرت دكتورة كوبر قائلة إذا وجدت نفسك بالخارج أثناء عاصفة رعدية اركض بأسرع ما يمكنك إلى مكان آمن ولا تخرج لمدة 30 دقيقة حتى انتهاء البرق والرعد.

التقط الباحثون ضربة البرق هذه التي ظهرت للعيان في قوانغتشو- الصين، باستخدام كاميرا فيديو فائقة السرعة التقطت 10000 لقطة في الثانية.

حذر بلومنتال من أن ما بين 3% و5% فقط من ضربات البرق هي ضربات مباشرة، والإصابات المباشرة التي  تحدث عندما يلمس الشخص شيئًا مثل شجرة أو مبنى ضربته صاعقة تمثل نسبة 5% أخرى من إصابات البرق، وأكثر إصابات البرق شيوعًا هي الومضات الجانبية والتيار الأرضي واللتان تمثلا معًا أكثر من 80% من صدمات البرق، ويعتبر تأثير التيار الأرضي مشابهًا إلا أنه يحدث عندما يضرب البرق الأرض تحت أقدام الضحية ويمكن أن تسبب هذه الحوادث الضرر لأجسام  متعددة في وقت واحد.

 وأضاف بلومنتال: “إن البرق هو سبب نفوق قطعان حيوانات بأكملها”؛ إن نسبة 10% إلى 12% من إصابات البرق الأخيرة ناتجة عن ظاهرة غريبة تتمثل في التيارات الصاعدة، حيث تنجذب القوى الكهربائية ذات الشحنة الإيجابية على الأرض إلى سحب العاصفة ذات الشحنة السلبية في السماء، ومع تراكم الشحنة الموجبة فإنها ترسل «حلقات» من الهواء المشحون إلى السماء والتي بدورها تقوم بنقل الصدمة الكهربائية.

ولحسن الحظ  تعد إصابات البرق من بين أكثر الإصابات التي يمكن الوقاية منها في العالم المتقدم، وتعتبر وفيات البرق حاليًا نادرة نسبيًا في الولايات المتحدة إذ يرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى جهود كوبر وزملائها الأعضاء في المجلس الوطني لسلامة البرق.

فمنذ عام 2001 عقد المجلس أسبوعًا سنويًا للتوعية بالسلامة من البرق للفت الانتباه إلى مخاطر الصواعق، وبدأت المبادرة عندما شهدت الولايات المتحدة حوالي 55 حالة وفاة بسبب البرق في المتوسط سنويًا، وانخفض هذا الرقم إلى 19 في عام 2022 وفقًا لمعهد معلومات التأمين.

تأمل دكتورة كوبر والعالم بلومنتال حاليًا جلب مستوى مماثل من الوعي، بالإضافة إلى موارد مثل مانع الصواعق إلى إفريقيا، وتركز مبادرة كوبر الجديدة التي تتمثل في شبكة المراكز الأفريقية للبرق والكهرومغناطيسية (Net ACLE)، على الحد من وفيات البرق لكل من البشر والماشية في جميع أنحاء القارة، وتكتسب هذه المهمة أهمية خاصة بالنظر إلى الوتيرة المتسارعة لتغير المناخ الذي يؤدي إلى حدوث عواصف متكررة وشديدة.

يقول بلومنتال: “سنرى طقسًا أكثر قسوة خلال فترات زمنية أقصر ولذلك علينا أن نأخذ هذا الأمر بشكل جاد جدًا”.

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: فتحية علي النائب

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!