التحكم في النشاط العصبي للخلايا باستخدام الفوتونات كنواقل عصبية

التحكم في النشاط العصبي للخلايا باستخدام الفوتونات كنواقل عصبية

1 مايو , 2023

ترجم بواسطة:

أماني علاّم

دقق بواسطة:

زينب محمد

تتكون أدمغتنا من مليارات الخلايا العصبية التي تتصل معًا وتكون شبكات معقدة. تتواصل هذه الخلايا مع بعضها عن طريق إرسال إشارات كهربائية تُعرف باسم “جهد الفعل”، وإشارات كيميائية تُعرف باسم “النواقل العصبية” ضمن عملية تسمى النقل العصبي أو المشبكي (synaptic transmission).

تُفرز النواقل العصبية الكيميائية من خلية عصبية واحدة وتنتشر إلى الخلايا الأخرى حتى تصل إلى الخلايا المستهدفة فتولد إشارة تثير النشاط الخلوي أو تثبطه أو تنظمه. إن توقيت وقوة هذه الإشارات مهم للدماغ لمعالجة المعلومات الحسية وتفسيرها، واتخاذ القرارات وتوليد السلوك.

يسمح لنا التحكم في الاتصال بين الخلايا العصبية بفهم الاضطرابات العصبية ومعالجتها بشكل أفضل، وإعادة ربط أو إصلاح الخلل الوظيفي في الدوائر العصبية بعد تعرضها للتلف، وتحسين قدرات التعلم لدينا أو توسيع مجموعة سلوكياتنا. هناك طرق عديدة للتحكم في النشاط العصبي، إحدى هذه الطرق الممكنة هي استخدام الأدوية التي تغير مستويات النواقل العصبية الكيميائية في الدماغ وتؤثر في نشاط الخلايا العصبية. هناك طريقة أخرى، وهي التحفيز الكهربائي لمناطق محددة في الدماغ لتنشيط الخلايا العصبية أو تثبيطها. والطريقة الثالثة هي استخدام الضوء للتحكم في النشاط العصبي.

استخدام الفوتونات للتحكم في النشاط العصبي

استخدام الضوء لمعالجة النشاط العصبي تقنية حديثة نسبيًا اكتُشفت في الماضي. إنها تتضمن تعديلاً جينيًا للخلايا العصبية للتعبير عن البروتينات الحساسة للضوء أو القنوات الأيونية أو المضخات أو إنزيمات محددة في الخلايا المستهدفة. تسمح هذه التقنية للباحثين بالتحكم الدقيق في نشاط مجموعات معينة من الخلايا العصبية بدقة أعلى.

وعلى الرغم من ذلك هناك بعض القيود؛ حيث يجب توصيلها بالقرب من الخلايا العصبية لتحقيق الدقة الكافية على مستوى التشابك العصبي، لتناثر الضوء في أنسجة الدماغ. لذلك تعد إجراء غازي (جراحي) وتحتاج إلى تدخلات خارجية. وعلاوةً على ذلك، الشدة المطلوبة للوصول إلى الخلايا المستهدفة قد تؤذيها.

للتغلب على هذه التحديات، قدم فريق من الباحثين بمعهد العلوم الضوئية (ICFO) في مجلة Nature Methods، نظامًا يستخدم الفوتونات بدلاً من النواقل العصبية الكيميائية كخطة للتحكم في النشاط العصبي. طور الباحثون، مونتسيرات بورتا، وأدريانا كارولينا غونزاليس، ونيوس سانفيليوس-سيردان، وشادي كاريمي، ونوافات مالايونغ، والكساندرا بيدي، ولويس فيليب موراليس، وسارا غونزاليس -بوليفار بقيادة الأستاذ مايكل كريج مع بابلو فرناندز وسيدريك هيرث، طريقة لربط خليتين عصبيتين باستخدام اللوسيفراز (luciferases)، وهي إنزيمات باعثة للضوء، والقنوات الأيونية الحساسة للضوء.

طوروا واختبروا نظامًا يسمى (PhAST) -وهو اختصارًا للفوتونات كنواقل عصبية- في الدودة المستديرة (Caenorhabditis elegans) وهي كائن نموذجي شائع الاستخدام في دراسة عمليات حيوية معينة. ومثلما تستخدم الحيوانات ذات الإضاءة الحيوية الفوتونات للتواصل، يستخدم (PhAST) الإنزيمات الباعثة للضوء لإرسال الفوتونات بدلاً من المواد الكيميائية كنواقل بين الخلايا العصبية.

استبدال النواقل العصبية الكيميائية بالفوتونات

لاختبار ما إذا كانت الفوتونات تستطيع تنظيم حالة النشاط ونقلها بين خليتين عصبيتين، عدل الفريق الديدان المستديرة جينيًا لتكون حاملةً لنواقل عصبية تالفة، مما يجعلها غير حساسة للمحفزات الميكانيكية. كان هدفهم التغلب على هذه العيوب باستخدام نظام (PhAST).

ثانيًا، صمموا إنزيمات لوسيفراز الباعثة للضوء واختاروا قنوات أيونية حساسة للضوء. ولمتابعة تدفق المعلومات صمموا جهازًا يوجه إجهادًا ميكانيكًا لأنف الحيوان ويقيس نشاط الكالسيوم، في نفس الوقت، في الخلايا الحسية العصبية، وهو أحد أهم الأيونات والرُسل داخل الخلية.

لتكون قادرًا على رؤية الفوتونات ودراسة الإضاءة الحيوية صمم الفريق سابقًا مجهرًا جديدًا عن طريق تبسيط الفلورة وإزالة جميع العناصر المرئية غير الضرورية كالمرشحات أو المرايا أو الليزر نفسه، بمساعدة التعلم الآلي لتقليل الضوضاء القادمة من المصادر الخارجية للضوء.

بعد ذلك، اختبر العلماء أن نظام (PhAST) يعمل في العديد من التجارب وأنه نجح في استخدام الفوتونات لنقل الحالات العصبية. فقد استطاعوا إنشاء اتصال جديد بين خليتين غير متصلتين واستعادة التواصل العصبي في الدوائر التالفة. كما ثبطوا استجابة الحيوانات للمحفزات المؤلمة، وغيروا استجابتهم للمحفزات الشمية من سلوك جذاب إلى منفّر، ودرسوا حركية الكالسيوم أثناء وضع البيض.

تُظهر هذه النتائج أن الفوتونات يمكنها العمل كنواقل عصبية وتسمح بالتواصل بين الخلايا العصبية، وأن نظام (PhAST) يسمح بالتعديل الاصطناعي لسلوك الحيوان.

احتمال أن يعمل الضوء كرسول

إن استخدام الضوء كرسول يوفر نطاقًا واسعًا لتطبيقات مستقبلية محتملة، لأن الفوتونات قد تستخدم في أنواع أخرى من الخلايا وأنواع عديدة من الحيوانات، لما لها من آثار واسعة المدى على مستوى البحث الأساسي والتطبيقات السريرية في علم الأعصاب.

قد يساعد استخدام الضوء للتحكم في النشاط العصبي ومتابعته العلماء على فهم الآليات الأساسية لوظائف الدماغ والسلوكيات المعقدة بشكل أفضل، وكيف تتواصل مناطق الدماغ المختلفة معًا، وتقديم طرقٍ جديدة لتصوير ورسم خرائط لنشاط الدماغ بدقة مكانية وزمانية أعلى، وقد يساعد الباحثين أيضًا في تطوير علاجات جديدة. فعلى سبيل المثال، سيكون مفيدًا لإصلاح اتصالات الدماغ التالفة بدون جراحات تدخلية.

على الرغم من ذلك، مازال هناك بعض القيود على استخدام هذه التقنية على نطاق واسع، والمزيد من التحسينات في تصميم الإنزيمات الباعثة للضوء وقنوات الأيونات أو في استهداف الجزيئات سيسمح بالتحكم في الوظيفة العصبية بصريًا وبطريقة غير جراحية وبمزيدٍ من الخصوصية والدقة.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: أماني علام

لينكد إن: amany-allam

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!