لماذا رواية القصص ركيزة لحياة ذات معنى

لماذا رواية القصص ركيزة لحياة ذات معنى

14 سبتمبر , 2022

ترجم بواسطة:

ليان الحامد

النقاط الرئيسية

  1. يساعدنا الاستماع إلى قصص الآخرين في سرد قصصنا بطرق جديدة.
  2. يعتبر سرد القصص أحد ركائز بناء حياة ذات معنى لأن القصص تدور في جوهرها حول المعنى والاتصال.
  3. رواية القصص العائلية تمنح حياة غنية بالتواصل والمعنى والهدف.

هل هناك شيء يضاهي العيش بسعادة؟

هذا ما سألته إيملي اصفهاني سميث في كتابها : قوة المعنى: البحث عن حياة مكتملة في عالم مهووس بالسعادة”

The Power of Meaning: Finding Fulfillment in a World Obsessed with Happiness”

تقول سميث: استنادًا على مبادئ علم النفس الإيجابية أن السعادة شيء لحظي يشعرك بحالة رضا مؤقتة في حين أن بناء حياة ذات معنى يشعرك بإحساس أبدي بالرفاهية.

إذًا كيف لنا أن نبني حياة ذات معنى؟

تقترح سميث أربعة ركائز وهي الانتماء والهدف والتسامي ورواية القصص. تتلخص الثلاثة الأولى في إحساس الفرد بالانتماء من خلال محبته للآخرين ومحبة الآخرين له، وبتحقيقه أهدافه من خلال إنجازه شيء ما في حياته وشعوره بالتسامي من خلال تواجده في اللحظة. وقد تم التحدث عن هذه الأركان في الفلسفة، وعلم النفس وكتب تطوير الذات لسنوات.

لكن رواية القصص؟ كيف تعتبر رواية القصص ركيزة لحياة ذات معنى؟

تركز سميث على القصص التي نرويها عن أنفسنا، وعن القصص التي نختلقها لنشرح أنفسنا وكيف أصبحنا والتي يطلق عليها الطبيب النفسي دان ماك آدمز «الهوية السردية». تنسج الهوية السردية تجارب حياتنا المختلفة في قصة متسقة تربط الخبرات بتسلسل زمني وسببي وأيضًا تخلق معنى من خلال التعبير عن القيم والمبادئ.

وتقول سميث: نستطيع تغيير قصصنا وخلق قصص تثبت القيم الإيجابية التي تخلق المعنى والهدف، ولكن العديد منا قابل صعوبات وتحديات في حياته قد تجعل تغيير قصصنا أمرًا صعبًا. فكيف لنا أن نخلق قصة لها هدف ومعنى إيجابي من مواجهة المشقات والضغوطات؟

قد نجد في كتاب سميث طريقة لذلك، فهي تروي قصتها عبر رواية قصة شخصين آخرين.  حيث تخبرنا سميث عن قصة شاب وهو لاعب كرة قدم، أصيب بجروح بالغة. وفي البداية روى قصته على أنها قصة خسارة ودمار وهو ما يسميه ماك آدمز «قصة التلوث»، ويعني ذلك أن تكون حياة المرء رائعة ثم يحدث شيء سيء فتنقلب الأمور رأسًا على عقب. لكن هذا الشاب غيّر قصته من خلال التأمل والتفكير وإعادة الصياغة، إلى قصة البحث عن قيم جديدة واكتشاف هدفه كمرشد شاب وهذا ما يطلق عليه ماك آدمز قصة «الإصلاح» أي تحدث الأمور الجيدة من الأمور السيئة.

تروي سميث القصة الثانية عن والدها وهو نجار وصوفي يعيش حياة بسيطة وعندما أصيب بنوبة قلبية تحتاج إلى تدخل جراحي وبينما هو تحت تأثير المخدر،  قام بعدّ أسماء أبنائه بدلاً من العد التنازلي من ١٠٠ وذلك لأنهم يذكرونه بهدفه وسبب عيشه.

ولكن كيف نحول قصصنا وتجاربنا إلى قصة إصلاح؟

وجدت سميث طريقة للمضي قدمًا وطريقة لصياغة قصتها من خلال قصص الآخرين.  وذلك يؤكد أن قصصنا ليست قصصنا نحن فقط، ولكنها متشابكة مع قصص الآخرين. ومن خلال السماع والإنصات ومشاركة الآخرين قصصهم نقبل رواية قصصنا بطرق جديدة لإعادة صياغتها لخلق قصص ذات معاني إصلاحية أكثر.

يشير بحث من معمل رواية العائلة Family Narratives Lab إلى أن قصص العائلة وقصص والدينا وأجدادنا خاصةً، قد تكون فعالة في تقديم أمثلة لكيفية عيش حياة ذات معنى. المراهقون والشباب الذي يعرفون قصص والديهم وتفاصيل قصص نشأة والديهم وتاريخ عائلتهم يظهرون مستويات أعلى من احترام الذات.  وأقل عرضة للإصابة بالقلق ويحملون مستويات أعلى من حياة ذات هدف ومعنى.

ما السبب؟

تمكننا القصص من فهم تجارب المرء وإيجاد القيم والمعاني في المواقف التي قد يكون لا معنى لها. فالقصص توفر أطر متسقة للتعبير عن القيم والمبادئ. وقصص العائلة مهمة لأنها تمكن المراهقون والشباب من التعاطف ومعرفة المزيد عن أفراد العائلة، حتى وإن لم يكن أفراد العائلة على وفاق، فستظل هي العائلة التي ينتمي إليها المرء ويشاركها العيش والحياة. فعندما يستمع المراهقون إلى قصة نضال أحد أفراد الأسرة في الأوقات الصعبة وفي التحديات وفي مواجهة العقبات، يتعلمون أن الحياة ليست دائمًا سعيدة إنما الحياة هي السعي من أجل الأفضل والنضال من أجل ما يؤمن به المرء والتغلب على الصعاب.

إن رواية القصص هي أحد ركائز بناء حياة ذات معنى، لأن القصص في جوهرها عن إيجاد معنى في هذه الحياة والتواصل. قصصنا الشخصية تعيش داخل عالم من قصص الآخرين من الأصدقاء والعائلة. ويمكننا خلق قصص لأنفسنا ذات معنى إن كان لدينا قصص ذات معنى عن الآخرين كمصدر للإلهام.

وبسرد قصصنا، فإننا نساعد الآخرين لخلق معنى في حياتهم. وذلك يبدأ برواية القصص العائلية، وحتى قصص التجارب العادية في حياتنا لننسج تواصلاً ومعنى وغرضًا للحياة.

إن السعادة شيء عابر، لكن القصص تبقى حاضرة للأبد.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: ليان الحامد

تويتر: layan1466

مراجعة وتدقيق: د. فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!