هل اضطراب الشخصية الحدية شكل من أشكال التنوع العصبي؟

هل اضطراب الشخصية الحدية شكل من أشكال التنوع العصبي؟

18 أبريل , 2023

ترجم بواسطة:

مهد

دقق بواسطة:

زينب محمد

الفكرة الرئيسية

  • إن رؤية اضطراب الشخصية الحدية كشكل من أشكال التنوع العصبي، قد يساعد الطبيب على تعزيز نقاط قوته الطبيعية واكتشاف طرق جديدة لفهم التشخيص. 

صاغت عالمة الاجتماع جودي سينگر مصطلح «مختلف عصبيًا» عام ١٩٩٠. يساعد هذا المصطلح في تعزيز فكرة أن المختلفين عصبيًا، أي المصابين بحالات عقلية ونفسية، أشخاص متميزون عن «الأصحاء» والذين يشكّلون الأغلبية، مما يعني أن المتنوعون عصبيًا يملكون نقاط قوة وقدرات خاصة بهم، وبتعبيرٍ آخر: سليمون، ولا يعانون من خطبٍ ما.

 وكأخصائية متوّحدة (autistic) ساعدت سينگر في تغيير طريقة تفكير المجتمع ورؤيته لبعض حالات الاضطراب في النمو العصبي؛ كالتوحّد. 

ومع مرور الوقت تطور مفهوم الاختلاف العصبي ليشمل بذلك أولئك الذين يواجهون العالم بشكلٍ مختلف بسبب اختلافهم العصبي، بما في ذلك من يتعايشون مع اضطرابات في الصحة النفسية، كاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.

البعض يقترح أن اضطراب الشخصية الحدية، يصنّف ضمن أشكال التنوّع العصبي، واضطراب الشخصية الحدية، هي مرض عقلي يتميز بتقلبات مفاجئة في المزاج، وصعوبة في تنظيم العواطف، ورعب شديد من فكرة الهجر، وصورة مشوهة وسريعة التغيّر عن الذات. 

لا يعتبر الخبراء اضطراب الشخصية الحدية حاليًا حالة من حالات التنوع العصبي، ولكن قد يتغير هذا الرأي مستقبلاً

 حسبما تقول الأخصائية الاجتماعية المرّخصة في مدينة نيويورك ومديرة برنامج Suffolk DBT (جانيت لورانديني): «لا تزال الأبحاث تتقصى الدعائم في علم الأعصاب المتعلقة باضطراب الشخصية الحدية، ووفقًا لبحث منشور لم يُصنف الاضطراب كحالة من حالات التنوع العصبي بعد، ولكن الأدلة تدعم اعتباره حالة تنوع عصَبي».

فعلى سبيل المثال، توجد ورقة علمية منشورة في 2022 اكتشفت أن كلاً من اضطرابيّ فرط الحركة وتشتت الانتباه واضطراب الشخصية الحدية يملكان نسبة انتشار عالية من الأعراض المشتركة، كعرض الاندفاعية، والصعوبات في تنظيم المشاعر. بيد أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه يُصنف كحالة تنوّع عصبي على عكس الآخر، فقد اكتشف كُتّاب الورقة العلمية تلك أن كلاً من الاضطرابين يتشاركان تغيرات متشابهة في ذات المنطقة الدماغية المسؤولة. 

قد لا يكون التنوع العصبي في اضطراب الشخصية الحدية مقتصرًا على الاختلاف الوظيفي-العصبي، ومع ذلك اكتشف الخبراء في ورقة علمية أخرى نشرت 2019 أن الأشخاص الحديون/ات ربما يعانون من تغيرات في بنية الدماغ ووظيفته. 

تضيف الأخصائية لورانديني: إن الحديون/ات يتميزون باختلافات عصبية كامنة في الدماغ، مقارنةً بغيرهم ممن لا يعانون الاضطراب، وتلك الاختلافات قد يكون لها دور في جعل خبراتهم مع المشاعر حادَّة مع وجود صعوبات أخرى في تنظيم تلك المشاعر.

تلك الاختلافات في بنية الدماغ ووظائفه قد يكون لها دورًا في تكوين بعض السمات المعروفة في كلٍ من المصابين باضطراب الشخصية الحدية والمصابين بحالات معترف بها كشكل من أشكال التنوع العصَبي، ومن أمثلة ذلك:

1. الاستثارة الذاتية (الطقطقة) 

ويقصد بذلك القيام بسلوكيات متكررة ومهدئة للذات، مثل: النقر بأطراف أصابعك معًا، والنقر بالقلم، والدندنة، والتنقل من مكان إلى آخر، وحكّ منطقة من جلدك أو منطقة من ملابسك. 

في حين يربط الناس غالبًا تلك الأعراض بالتوحد والتشخيصات النمائية العصبية الأخرى، يمكن لأي أحد أن يمر بسلوكيات مشابهة، وإذا كنت تعيش مع اضطراب الشخصية الحدية ووجدت نفسك تقوم بأفعال متكررة مثل تلك في لحظات القلق والإجهاد أو التركيز بشدة – مثل قضم أظافرك، أو لف شعرك، أو النقر بقلم الرصاص على جانب ساقك- فقد تكون بمثابة شكل من أشكال الاستثارة الذاتية. 

2. الحساسية للأصوات

 يعاني العديد من المصابين بالتوحد والأشخاص الذين يعانون من حالات تنوع عصبي أخرى من مستوى معين من الحساسية الزائدة في بعض الأحيان. 

تقول لورانديني أنك قد تلاحظ أيضًا حساسية زائدة للعوامل البيئية، مثل الأصوات أو الروائح، إذا كنت مصابًا باضطراب الشخصية الحدية، وتجد صعوبة في التعامل مع هذه المحفزات.

 يمكن أن تشعر بالتحدي في الحساسية الزائدة، خاصةً إذا كنت تشعر بالفعل بالتوتر والقلق. 

تذكر دائمًا أنه من الطبيعي جدًا أن تأخذ قسطًا من الراحة إن شعرت أنك لا تستطيع السيطرة على الحساسية.

يمكنك استخدام تلك اللحظات لفهم حدودك الحسية بشكل أفضل، مما يسهل عليك أخذ قسط من الراحة حتى لا تصل إلى مرحلة الإرهاق أو الاحتراق في المستقبل. 

3. التنظيم الزائد

عملية التنظيم تهدف إلى الحاجة إلى تنظيم العالم من حولك في نظام تحليلي أو عملي. قد تشمل الأمثلة اليومية للتنظيم ما يلي: 

  • اتباع جدول زمني صارم ومواجهة صعوبة عندما تتغير الخطط. 
  • تكريس وقتك لبعض الاهتمامات المحددة للغاية. 
  • الاحتفاظ بممتلكاتك في نفس المكان دائمًا. 
  • ارتداء قطعة ملابس محددة في يوم معين من أيام الأسبوع.

وجد مؤلفو دراسة أجريت عام 2017 -مع الأخذ في الاعتبار التداخل بين اضطراب الشخصية الحدية والتوحد- أن الأشخاص الذين يعانون من أي من الحالتين كانوا أكثر ميلًا إلى التنظيم. 

لاحظ الباحثون أن التنظيم يمكن أن يكون ببساطة جانبًا من جوانب اضطراب الشخصية الحدية. كما طرحوا فكرة مفادها أن السمات المنهجية قد تتطور كطريقة لموازنة أو تعويض المشاعر التي يصعب إدارتها لدى المصاب بالاضطراب.

باختصار، عندما يجد المصاب صعوبة في التنبؤ بمزاجه وعواطفه أو التحكم فيها، يجد أنه من المطمئن أن يعرف أن لديه إحساسًا بالتحكم في روتينه اليومي والجوانب الأخرى من حياته. بالإضافة إلى ذلك، فإن الالتزام بنظام أو جدول زمني ثابت مفيد أكثر من مجرد كونه تهدئة للنفس فقد يكون سمة إيجابية أيضًا في المدرسة أو في العمل. 

الاختلافات في الوظائف التنفيذية

 تقول لورانديني إن الاختلافات المعرفية قد تكون أيضًا علامة على التنوع العصبي في اضطراب الشخصية الحدية، وتضيف: «فعلى سبيل المثال، يعاني العديد من الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية من مشاكل في الذاكرة العاملة وسرعة المعالجة، مما قد يساهم في صعوبة اتخاذ القرارات أو تنظيم السلوك».

 يعالج البشر المعلومات بطرق مختلفة، ويمكن أن تساعدك بعض التجارب في العثور على الطريقة التي تناسبك بشكل أفضل. قد يشمل ذلك استخدام الملاحظات والتذكيرات الأخرى لمساعدتك على تذكر الأشياء. يمكنك أيضًا الاحتفاظ بالمعلومات بشكل أكبر من خلال التعلم العملي أو مشاهدة مقاطع الفيديو، مقارنةً بالقراءة أو جعل شخصٍ ما يشرح لك. فقط تذكّر أن التفكير خارج الصندوق لا يعني أنك تعاني من خطبٌ ما في عقلك.

المصدر: https://www.healthline.com

ترجمة: مهد

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!