crossorigin="anonymous">
24 يوليو , 2023
كانت عملية إعادة التدوير تتم بطريقة فوضوية وقد توصلت مؤخرًا دراسة إلى أن المنشأة الواحدة قد ينبعث منها 3 ملايين رطل من اللدائن الدقيقة سنويًا.
لطالما روّجت صناعة البلاستيك لعملية إعادة التدوير رغم أن هذه العمليات بائت بالفشل سابقًا. وتبلغ نسبة النفايات البلاستيكية التي يُعاد تدويرها حوالي 9% فقط. وقد بلغ المعدّل في الولايات المتحدة 5%. وفي النهاية يُطمر جل البلاستيك المُستخدم أو يُحرق أو ينجرف في البيئة.
وقد اكتشفت دراسة جديدة مثيرة للقلق أن البلاستيك وإن حُمل إلى مركز إعادة التدوير لايزال قابلاً للانقسام إلى قطع أصغر حجمًا ملوثة للهواء وللماء. وقد اهتمت هذه الدراسة الأولية بمنشأة واحدة جديدة، أين يُفرز البلاستيك ويُقطّعُ ويصهر فيصبح حبيبات صغيرة. وفي الأثناء، يُغسل البلاستيك عدة مرات ويتم التخلص من جزئيات البلاستيك الدقيقة وهي قطع أصغر من 5 ملليمترات في محطة مياه الصرف الصحي.
يمكن أن يأخذ الباحثون عينات من الماء في 4 نقاط منفصلة على طول خط الإنتاج لأن عمليات الغسل متعددة، بحيث لا يكشف الباحثون عن هوية مُشغل المنشأة والمتعاون معهم في المشروع.
وفي حقيقة الأمر، كانت المحطة في طور تركيب المرشحات القادرة على تصفية الجزئيات الأكبر من 50 ميكرون (الميكرون هو جزء من المليون من المتر)، فتمكن الفريق من احتساب تركيزات اللدائن الدقيقة الأولية في مياه الصرف الصحي مقابل التركيزات الموجودة في مياه الصرف الصحي المصفاة (التي تمت معالجتها).
وبناءً عليه، نقيّم مدى فاعلية الترشيح، ولقد كانت حصيلة اللدائن الدقيقة هائلة. ورغم اعتماد التصفية، يمكن أن يبلغ التفريغ الكلي من الغسلات على اختلاف أنواعها 75 مليار جسم لكل متر مكعب من مياه الصرف الصحي. وفي الختام يُضخ هذا السائل في شبكات مياه المدينة أو في البيئة بالاعتماد على منشأة إعادة التدوير.
مفاد ذلك أن القائمين على إعادة التدوير والآملين في حل مشكلة البلاستيك هم في حقيقة الأمر يساهمون في تفاقم مشكلة اللدائن الدقيقة التي تغطي كل مكان في البيئة بجزئيات اصطناعية.
تقول عالمة البلاستيك إيرينا براون التي قادت البحث عند تواجدها بجامعة ستراثكلايد: “يبدو الأمر تخلّفًا إلى الوراء بعض الشيء، إذ نُعيد تدوير البلاستيك كي نحمي البيئة بيد أننا نسبب بذلك مشاكل أخرى وقد تكون أكثر ضررًا”.
وتوافق جوديث إنك وهي رئيسة بيوند بلاستيك والمسؤولة الإقليمية السابقة لوكالة حماية البيئة الأمريكية، معلقةً على نتائج البحث: “يثير هذا الأمر مخاوف ومخاطر عديدة”.
وتقول كارا بوتشيرو، المتحدثة باسم جمعية إعادة تدوير البلاستيك في بيان قُدّم إلى مجلة وايرد مفاده أن عملية إعادة التدوير تُنظّم مثل أي عملية صناعية أخرى في الولايات المتحدة: “وأعتقد أيضًا أن في ذلك إشارة إلى أن المواد البلاستيكية غير مستدامة بالأساس”.
وأضافت مردفة: “تتعامل محطة إعادة التدوير مع البلدية المحلية لضمان توافق مياه الصرف مع السعة والجودة المطلوبة في منشأة معالجة الصرف الصحي المحلية وستركّب محطة إعادة التدوير محطة معالجة أولية للمياه إذا كان الأمر مطلوبًا اقتصاديًا وتقنيًا وستعالج هذه المحطة بدورها المياه جزئيًا لتخفيف الحمل عن المحطة البلدية”.
وما يدعو إلى السرور أن الترشيح يحدث فارقًا، فبدونه يقول الباحثون إن اللدائن البلاستيكية المنبعثة من منشأة إعادة التدوير الواحدة تبلغ 6.5 مليون رطل سنويًا. أدى الترشيح إلى بلوغه ما يقدر بنحو 3 ملايين رطل.
تقول براون: “لقد أحدث تركيب الترشيح فرقًا كبيرًا ولقد رصدنا فاعلية كبيرة في إزالة الجزئيات التي يزيد حجمها عن 40 ميكرون”.
ولكن من الجدير الانتباه إلى أن الفريق اختبر اللدائن الدقيقة التي تصل إلى 1.6 ميكرون فقط. ويمكن أن تقسم جزئيات البلاستيك إلى أحجام أصغر مثل اللدائن النانوية الصغيرة فتدخل في خلايا فردية فيزداد عددها كثيرًا. لذا، من المحتمل أن يكون هذا أقل من الواقع بشكل كبير.
ولقد وجد هؤلاء الباحثون الكثير من الجزئيات الصغيرة. وفي النقطتين الاثنتين من العينة، تم رصد ما يقارب 95% من اللدائن الدقيقة أقل من 10 ميكرون و85% أقل من 5 ميكرون. وقالت براون: “لقد انتابتني الدهشة لصغر حجم الجزيئات ولو بحثنا أكثر لوجدنا جزيئات أخرى أصغر”.
وبالاعتماد على منشأة إعادة التدوير، قد تتدفق مياه الصرف الصحي بعد ذلك في شبكات مياه الصرف الصحي وفي النهاية في محطة معالجة غير مجهّزة لتصفية الجزئيات الصغيرة قبل ضخ الماء في المحيط. ولكن تقول إنك: “قد يتم تصريف بعض المنشآت في المياه الجوفية مباشرة. وهي ليست مرتبطة دائمًا بشبكة الصرف الصحي العامة”. ومفاد ذلك أن البلاستيك قد نجده في المياه التي يستخدمها الناس للشرب أو لري المحاصيل.
يقول ستيف إلين، الباحث في اللدائن الدقيقة في معهد أوشن فرونتيرز والمؤلف المشارك في البحث الجديد: “لم يتّضح بعد الحجم الحقيقي للمشكلة، حيث ركّزت هذه الدراسة الأولية على منشأة واحدة فقط. ولكنها منشأة جديدة، لذا من المرجح أن تكون أفضل من غيرها. إن هذه المنشأة على أحدث طراز لذلك لا تتحسن الأمور وإن حسبنا الوضع في هذه المنشأة سيئا فماهي وضعية المنشآت الأخرى؟”.
وجد هؤلاء الباحثون أيضًا مستويات عالية من اللدائن الدقيقة المحمولة جوًا داخل المنشأة يستنشقها العمال بسهولة. وقد اكتشفت الدراسات السابقة أن الحبيبات المُعاد تدويرها تحتوي على عدد من المواد الكيميائية السامة، بما في ذلك المواد المسببة لاضطرابات الغدد الصماء.
ويمكن أن تكون جزئيات البلاستيك خطرة على خلايا الرئة البشرية وقد توصلت دراسة سابقة إلى أن العمال الذين يعملون في مصانع النايلون، المصنوع أيضًا من البلاستيك يعانون من مرض مزمن يسمى “رئة عامل القطيع”.
وعندما يتحلل البلاستيك في الماء يفرز “مادة مرتشحة” وهي عبارة عن مزيج مركب من المواد الكيميائية، يهدد الحياة نظرًا لخطورته. وبناءً عليه، لا تعني إعادة تدوير الزجاجة البلاستيكية تحويلها إلى زجاجة جديدة فحسب. بل تفكيكها وإعادة تجميعها مرة أخرى.
يقول ديوني ألين المؤلف المشارك في البحث والباحث في اللدائن الدقيقة في جامعة برمنجهام: “من المرجح أن تزيد مراكز إعادة التدوير الأمور سوءً بالفعل عبر إنتاج اللدائن الدقيقة بطريقة أسرع وتفريغها في المياه والهواء، ولست متيقنًا من إمكانية التغلب على هذه المشكلة بشكل تكنولوجي”.
إن إعادة التدوير هي أيضًا لعبة العائدات الناقصة، إذ من السهل أن تُعالج الزجاجة البلاستيكية، ولكن يمكنك فقط أن تفعل ذلك مرات قليلة قبل أن تتحلل المادة كثيرًا، بحيث لا يمكن إعادة تدويرها مرة أخرى. وبما أن منتجات البلاستيك أصبحت أكثر تعقيدًا – مثل الأكياس متعددة الطبقات المخصصة لطعام الأطفال – أصبحت أصعب في إعادة التدوير.
إن السر الوضيع الذي تُخفيه الصناعة هو تكدّس نفايات البلاستيك التي تُشحن إلى البلدان الاقتصادية النامية، حيث غالبًا ما تُحرقُ في حفر مفتوحة، مما يسمم المجتمعات المحيطة وإرسال المزيد من اللدائن الدقيقة والمواد الكيميائية إلى الغلاف الجوي. وإن كانت إعادة التدوير فعّالة على حالها، فلن تضطر الصناعة إلى انتاج المزيد من البلاستيك بشكل كبير فهي تنتج الآن تريليون رطل سنويًا.
ومع ذلك، لا يعتقد الباحثون مثل براون أنه يجب علينا التخلي عن إعادة التدوير. يُبين هذا البحث الجديد أن المرشحات غير قادرة على منع كل الجزئيات من مغادرة منشأة إعادة التدوير، إلا أنها تساعد بشكل كبير على الأقل. وتقول مردفة: “لا أرغب في أن يتخلى الناس عن فكرة إعادة التدوير وأن نعطيها صيتًا سلبيًا ولكن من الضروري الانتباه إلى تأثيرات هذا الحل”.
يتفق العلماء ومجموعات مكافحة التلوث على أن الحل النهائي لا يتمثل في التعويل على إعادة التدوير أو محاولة إخراج القمامة من المحيط، بل تقليل إنتاج البلاستيك بشكل جذري.
تقول إينك: “أعتقد أن كل ما ذكر آنفًا يفيد أن إعادة التدوير للبلاستيك بشكلها التقليدي تسبب مشاكل خطيرة جدًا وهو محفز آخر لتفادي اقتناء البلاستيك وللتعويل على كل ماهو بشري”.
المصدر: https://www.wired.com
ترجمة: إكرام الدعاسي
تويتر: Ikram Daassi
مراجعة وتدقيق: د. فاتن ضاوي المحنّا
تويتر: @F_D_Almutiri
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً