Ecto Life: مستقبل الولادة البشرية في خطر!

Ecto Life: مستقبل الولادة البشرية في خطر!

13 أغسطس , 2023

ترجم بواسطة:

زينب عبد الله

دقق بواسطة:

زينب محمد

لابدّ أنك شاهدت الفيديو الذي ظهر نهاية عام 2022 عن أول منشأة رحم اصطناعي في العالم (Ecto Life)، وقد أحدث هذا الفيديو ضجة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي، وتفاعل سلبي وإيجابي من المشاهدين، ولربما تبادر في ذهنك وذهني ذات السؤال: هل حقًا هذا هو مستقبل الولادة البشرية؟

بداية، إكتولايف -أول مرفق رحم اصطناعي في العالم- هو مجرد مفهوم من بنات أفكار المبتكر هاشم الغيلي، وهو متخصص في التكنولوجيا الحيوية ونشر العلوم، منتج ومخرج أفلام وعالم أحياء جزيئية مقيم في برلين-ألمانيا، يستخدم هاشم معرفته وشغفه بالعلوم لتثقيف الناس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومحتوى الفيديوهات التي ينتجها، وتبعًا لما يقول الغيلي، فهو يستخدم معرفته السابقة في العلوم والتكنولوجيا لتطوير مفاهيم جديدة تمامًا.

ويتحدث عن تخيل المستقبل وما قد يحتويه من تطورات فريدة، وهو يعتقد أن هذه المنشأة جاهزة للتطبيق الفعلي، وفي أقل من 10 سنوات يمكننا رؤية مثل هذه المرافق على أرض الواقع، إذا أزيلت القيود الأخلاقية، وقال: “كل ميزة مذكورة في المفهوم تستند إلى العلم بنسبة 100% وقد حققها بالفعل العلماء والمهندسون”.

أما الشركة المنتجة فقالت: “من حيث الإطار الزمني، يعتمد الأمر حقًا على المبادئ التوجيهية الأخلاقية. في الوقت الحالي، لا يُسمح بإجراء أبحاث على الأجنة البشرية لأكثر من 14 يوم، وبعد 14 يوم يجب تدمير الأجنة بسبب مخاوف أخلاقية”.

أصل الفكرة

لابدّ أنك شعرت بالراحة عند معرفة أن هذا الفيديو ليس حقيقيًا، وإنما مجرد تصور  مستقبلي قائم على معرفة مسبقة لعالم أحياء جزيئية وصانع أفلام، ولكن، هل هذا التصور جاء من العدم؟

تأكد أن فكرة الرحم الاصطناعي ولدت منذ زمن طويل، وهي تتمحور حول محاكاة الظروف الحيوية التي ينمو فيها الجنين داخل الأم على أرض الواقع، ويُعرّف الرحم الاصطناعي على أنه كيس بلاستيكي حيوي تُزرع البويضة الملقحة داخله، ويحتوي على السائل الأمنيوسي الذي يحيط بالجنين في رحم الأم.

وفي عام 1955 تبلورت هذه الفكرة على يد إيمانويل غرينبرغ، وحصل على أول براءة اختراع لتصميم الرحم الاصطناعي، حيث صمم خزانًا يوضع فيه الجنين، يحتوي على السائل الأمنيوسي، وآلة متصلة بالحبل السري، ومضخات الدم والكلى الاصطناعية، وسخان ماء.

أجريت التجربة العلمية الأولى للرحم الاصطناعية عام 1996 حيث طورت جامعة جونتيندو في طوكيو حاضنة جنين خارج الرحم (EUFI)، على يد العالم يوشينوري كوابارا، حيث استطاع الحفاظ على جنين الماعز داخل الرحم الاصطناعي لمدة 3 أسابيع، واستمرت الفكرة بالتطور.

الطفرة الحقيقية في هذا المجال ظهرت في القرن الواحد والعشرين، عندما كشف مركز أبحاث الجنين في فيلادلفيا عام 2017 عن تقنية جديدة، تعتمد على كيس يحتوي على سائل أمنيوسي صناعي، واختُبرت هذه التقنية خلال أربعة أسابيع على الحملان التي لها عمر بيولوجي يعادل الجنين البشري الذي يبلغ 24 أسبوعًا من الحمل، وكانت النتائج مذهلة، حيث استطاعت الأجنة تطوير الدماغ والرئتين والحركة والقدرة على البلع وفتح العيون. وقد سعى الباحثون عام 2019 في جامعة أيندهوفن للتكنولوجيا (NL) على تحسين النظام وتكييفه مع الأجنة البشرية.

آلية عمل الرحم الصناعي

صممت الحاضنات أو الأرحام الاصطناعية لمحاكاة ظروف البيئة الحيوية المحيطة بالأجنة داخل رحم الأم، وهي مصنوعة من مواد تمنع التصاق الجراثيم على أسطحها، مما يوفر بيئة نمو خالية من العدوى، وتحتوي كل حاضنة نمو على مستشعرات لمراقبة الإشارات الحيوية للطفل مثل نبضات القلب وحرارة الجسم، ونظام قائم على الذكاء الاصطناعي يراقب السمات الجسدية ويرسل تقاريرًا بخصوص أي اختلالات جينية قد تطرأ على الطفل.

ترتبط كل مجموعة من الحاضنات بمفاعلين حيويين، يحتوي المفاعل الأول على مغذيّات وأكسجين يٌزوّد الطفل بهما عن طريق حبل سريّ اصطناعي، وسائل يحلّ محلّ السائل الأمنيوسي الذي يحيط بالجنين في رحم الأم، ويحتوي السائل على هرمونات وعوامل نمو ومضادات حيوية، أما المفاعل الثاني مصمم للتخلص من أي فضلات ينتجها الطفل، ويحتوي على إنزيمات تساعد على تحويل هذه الفضلات إلى مغذيات تساعد على النمو، لضمان استمرار  إمداد الأطفال في المنشأة.

يمكن للوالدين تتبع نمو الطفل وتطوره من خلال شاشة أسفل كل رحم اصطناعي، تعرض بيانات آنية حول نمو الطفل وتُرسل هذه البيانات للهاتف مباشرةً عبر تطبيق يوفر جودة عالية من البث المباشر لكل مرحلة، ولأن الأطفال لديهم قدرة على تعلم اللغة والكلمات الجديدة وهم في الرحم، تحتوي حاضنات إكتولايف على سماعات داخلية تردد العديد من الكلمات المختلفة والموسيقى، ويمكن للأبوين اختيار قائمة التشغيل التي يريدانها من خلال تطبيق الهاتف، وأيضًا تحتوي الحاضنة على كاميرا 365 درجة، تمكّن الوالدين من سماع ما يسمعه الطفل والشعور بما يشعر به، باستخدام نظارة الواقع الافتراضي.

توفر المنشأة “باقة النخبة” بميزات حصرية، مثل السماح للوالدين بالتعديل على البويضة الملقحة جينيًا قبل زراعتها في الرحم الاصطناعي، باستخدام أداة التعديل الجيني CRISPR-Cas 9، التي تشمل تعديلات لأكثر من 300 جين، وتوفر المنشأة حاضنات منزلية بمفاعلات مصغرة، وبطاريات طويلة الأمد، حيث لا يكون هناك حاجة لزيارة المركز الطبي.

إيجابيات وسلبيات

عُرض في الفيديو الكثير من المشكلات التي تستطيع هذه المنشأة حلها، حيث أُشير إلى أن الأرحام الاصطناعية يمكن أن توفر حلاً للنساء اللّاتي أزيلت أرحامهنّ بسبب السرطان أو غيره من الأمراض، وهي وسيلة لتقليل مضاعفات الحمل التي تخشاها أغلب النساء من ولادات مبكرة أو قيصرية، ومشكلة الإجهاض ونقص الحيوانات المنوية، وأن هذه المنشأة ستساعد البلدان التي تعاني من انخفاض حاد في عدد السكان، مثل اليابان وبلغاريا وكوريا الجنوبية، وعلى صعيد الحركة النسوية، سيكون الرحم الاصطناعي وسيلة لسد الفجوة بين الرجل والمرأة وتحقيق المساواة.

في جانب آخر، كان هناك هجوم شرس من المتفاعلين حول العالم، حيث إن استخدام مصطلحات مثل “منشأة” و”مصنع” وربطها بالإنتاجية أثارت استفزاز الكثيرين، وذلك للتعدي على القيمة الأخلاقية للتكاثر البشري، ويوجد العديد من التداعيات الدينية والاجتماعية، والتي لا يجب التغاضي عنها، حيث لن تعود المرأة أساسية في عملية الإنجاب ويمكن الاستغناء عنها. والمخيف في الأمر أن هذه التقنية تعتمد على طبيعة وهدف الاستخدام، حيث إنه من الممكن أن تُستخدم بطريقة منافية للدين، في حين دُمجها مع تقنية الاستنساخ.

يستمر الجدل حول قابلية هذا الأمر للتطبيق الفعلي، وتضارب الآراء بين مؤيدٍ ومعارض، ولكن يبقى السؤال الحقيقي:

هل نحن حقًا مجبرون على تقبّل كل ما تعرضه علينا التكنولوجيا؟

المصدر: https://www.nationthailand.com

بقلم: زينب عبد الله

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!