النباتات ‘تصرخ’ بصوت عال، ولم نكن نسمع صوتها حتى الآن!

النباتات ‘تصرخ’ بصوت عال، ولم نكن نسمع صوتها حتى الآن!

3 مايو , 2023

ترجم بواسطة:

رنده أسامة

دقق بواسطة:

زينب محمد

يبدو أن رولد دال كان محقًا بقوله “إذا آذيت نباتًا، فإنه يصرخ”، ولكن ليس تحديدًا بنفس الطريقة التي نصرخ بها. في الواقع تُصدر النباتات صوت فرقعة أو طقطقة على الترددات فوق الصوتية (فَوقَ 500 كيلو هرتز) التي تتجاوز مدى السمع لدى الإنسان، وتتزايد هذه الأصوات عندما يصبح النبات مجهدًا، ووفقًا للعلماء يمكن أن تكون هذه أحد الطرق التي تعبر بها النباتات عن محنتها للعالم الذي حولها.

توضح عالمة الأحياء ليلاخ هاداني قائلةً: “حتى في حقل هادئ، هناك بالفعل أصوات لا نسمعها، وهذه الأصوات تحمل معلومات ورسائل، وهناك حيوانات تستطيع سماع هذه الأصوات، لذلك هناك احتمالية حدوث تواصل صوتي. تتواصل النباتات مع الحشرات والحيوانات الأخرى طوال الوقت، والعديد من هذه الكائنات تستخدم الصوت للتواصل، لذلك سيكون من غير الأمثل ألا تستخدم النباتات الأصوات على الإطلاق”.

النباتات تصدر إشارات

إن النباتات المُجهدة ليست عاجزة كما قد نعتقد فهي تخضع لبعض التغييرات الجذرية، وإحدى أكثرها وضوحًا (بالنسبة لنا) هو انبعاث بعض الروائح القوية، وتغيُّر لونها وشكلها. قد تشير هذه التغيرات للنباتات المجاورة إلى وجود خطر وبالتالي تعزز من دفاعاتها، أو تجذب الحيوانات للقضاء على الحشرات المؤذية، ولكن لم يُكتشف كليًا ما إذا كانت النباتات تصدر إشارات أخرى (كالأصوات مثلاً).

اكتشفت هاداني وزملاؤها قبل بضع سنوات أن النباتات يمكنها أن ترصد الأصوات، والسؤال المنطقي هنا: هل يمكنها أن تصدر أصواتًا أيضًا؟ لمعرفة الجواب سجلوا صوت نبات الطماطم والتبغ في عدد من الظروف المختلفة. أولاً، سجلوا أصوات النباتات غير المجهدة كمتغير ثابت، ثم سجلوا أصوات النباتات المعرضة للجفاف والنباتات التي قُطعت ساقها، وقد أجريت هذه التسجيلات في غرفة عازلة للصوت ثم في دفيئة زراعية طبيعية (مبنى مصمم لحماية النباتات وزراعتها)، وبعد ذلك دربوا خوارزمية التعلم الآلي للتمييز بين الصوت الناتج عن النباتات غير المجهدة، والنباتات الجافة، والنباتات المقطوعة.

إن الأصوات التي تصدرها النباتات تشبه صوت الفرقعة أو الطقطقة على تردد مرتفع للغاية عن مدى سمع الإنسان، ويمكن رصد هذه الأصوات داخل دائرة نصف قطرها أكثر من متر (100.584 سم)، فبالنسبة للنباتات غير المُجهدة فهي لا تصدر الكثير من الأصوات على الإطلاق.على النقيض من ذلك، فإن النباتات المجهدة أكثر ضوضاء، حيث يصدر منها متوسط 40 طقطقة في الساعة وذلك يعتمد على نوع النبتة، وأما بالنسبة للنباتات الجافة فإنها تصدر أصواتًا ملحوظة، فهي كثيرة الطقطقة من قبل أن تظهر علامات الجفاف الملحوظة، وتزداد كلما أصبحت النباتات أكثر جفافًا، ثم تختفي الأصوات حين ذبولها.

استطاعت الخوارزمية أن تميز بين هذه الأصوات وأنواع النباتات التي تصدرها، ولا ينطبق هذا الأمر فقط على نباتات الطماطم والتبغ، فقد اختبر الفريق مجموعة متنوعة من النباتات، ووجدوا أن إصدار الأصوات من النباتات يبدو نشاطًا طبيعيًا جدًا. سُجِّلت أصوات كل من نبات القمح، والذرة، والعنب، والصبار، واللاميون، ولكن لا يزال هناك ما هو مجهول، فعلى سبيل المثال ليس من الواضح كيف تصدر النباتات الأصوات.

وُجد في بحثٍ سابق أن النباتات المجففة تتعرض للتجويف، وهي عملية تتشكل فيها فقاعات الهواء وتتمدد في ساق النبتة فتنفقع وهو أمر قد يشابه صوت فرقة أصابعنا أو طقطقتها، ولا نعرف حتى الآن ما إذا كانت هناك ظروف أخرى تحفز من إصدار الأصوات أيضًا، فيمكن لمسببات العدوى، والتعرض للأشعة فوق البنفسجية ودرجات الحرارة المرتفعة، وظروف أخرى أن تحفز النباتات على إصدار صوت الفرقعة، بالإضافة إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كان إصدار الأصوات هو تطور تكيفي في النباتات أو نتاج عملية طبيعية.

على الرغم من ذلك أظهر الفريق أنه يمكن للخوارزمية أن تتعلم التعرف على أصوات النباتات والتمييز بينها، وبالتأكيد تستطيع الكائنات الحية الأخرى فعل نفس الشيء وأكثر، فيمكنها أيضًا أن تتعلم الاستجابة لأصوات النباتات المجهدة بشتى الطرق. تقول هاداني: “يمكن للعثة على سبيل المثال التي تنوي أن تبيض على نبات أو حيوان يتغذى على النبات أن تستخدم الأصوات الصادرة من النباتات لمساعدتها على اتخاذ قراراتها”.

أما بالنسبة للبشر فإن الآثار واضحة جدًا حيث يمكننا رصد نداءات الاستغاثة للنباتات العطشى وسقيها قبل جفافها، ولكن ليس من الواضح إذا كانت النباتات المجاورة تشعر وتستجيب لهذه النداءات. أظهرت أبحاث سابقة أن النباتات يمكنها أن تزيد من قدرتها على تحمل الجفاف استجابة لأصوات النباتات الأخرى، لذلك يعد الأمر معقولاً.

ومن هذا المنطلق يشير الفريق إلى المرحلة التالية من بحثهم على لسان هاداني: “الآن بعد أن علمنا أن النباتات تصدر أصواتا، فإن السؤال التالي هو: “من الذي يستمع إلى هذه الأصوات؟ نحن نبحث حاليًا عن استجابات الكائنات الحية لهذه الأصوات، ونستكشف أيضًا قدرتنا على تحديد وتفسير الأصوات في بيئات طبيعية تمامًا”.

المصدر: https://www.sciencealert.com

ترجمة بتصرف: رندا أسامة أبو عسكر

تويتر: @RandaOAA

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!