عثر العلماء على بقايا كواكب صغيرة متفككة في جوف الغطاء السحابي لكوكب المشتري

عثر العلماء على بقايا كواكب صغيرة متفككة في جوف الغطاء السحابي لكوكب المشتري

27 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

سارة يوسف

دقق بواسطة:

زينب محمد

لقد أنهت النتائج نقاش طال عليه الأمد عن تكوّن كوكب المشتري. 

اكتشف العلماء أن أجزاء كوكب المشتري، أو (الكوكب الغازي) الداخلية، تملؤها الكويكبات، والذي قد استحوذ عليها بدوره ليصبح على ماهو الآن-كوكبًا عملاقًا. تُظهر هذه الاكتشافات من وجهة نظر الكيمياء ما وراء الغلاف الجوي الخارجي الغائم للكوكب.

كوكب المشتري، على الرغم من أنَّه يعتبر من أكبر الكواكب في النظام الشمسي، إلا أن الإنسان يعجز عن معرفة ما يكمن بداخله ولم نعرف عنه إلا القليل. التقطت التلسكوبات آلاف الصور لغيوم الدوامة الحائمة في الغلاف الجوي العلوي للمشتري، لكن عواصف “فان جوخ” تعمل أيضًا كحاجز يحجب رؤيتنا عما يكمن أدناه.

يُعتبر المشتري، من ضمن الكواكب الأولى التي تشكلت في نظامنا الشمسي في ملايين السنين الأولى، بعدما تكون النظام الشمسي قبل حوالي 4.5 مليار سنة. وهذا بحسب ما ذكرته ياميلا ميغيل لدورية لايف ساينس، الباحثة الرئيسية وعالمة الفيزياء الفلكية في جامعة لايدن،هولندا. وأردفت ميغيل قائلةً: “نحن لا نعلم شيئًا على وجه اليقين عن كيفية تكّون الكوكب”.

وفي دراسة جديدة، تمكّن الباحثون أخيرًا من رؤية والتعرف على ماهية الغطاء السحابي الغامض ورؤية ما خلفه باستخدام بيانات الجاذبية المجموعة بواسطة مسبار الفضاء “جونو” التابع لوكالة ناسا. هذه البيانات مكنت الباحثين  من رسم خطة للمواد الصخرية في لُب الكوكب العملاق، وأظهرت وفرة عالية من العناصر الثقيلة. كما أوضح التركيب الكيميائي التهام كوكب المشتري للكواكب الصغيرة، أو الكويكبات لتدعم نموه المُكلف.

كوكب غازي متنامي

غالبًا، قد يكون كوكب المشتري عبارة عن كرة غاز حائمة، لكنه تكّون من خلال تراكم مواد صخرية مثل أي كوكب آخر في النظام الشمسي. جاذبية الكوكب تجذب العديد من الصخور، لذلك أصبح اللب الصخري سميك للغاية لدرجة إنه بدأ يجذب كميات كبيرة من الغاز من مسافات بعيدة، غالبًا ما يكونان الهيدروجين والهيليوم حتى يتشكل غلافه الجوي الهائل المليء بالغاز.

هناك نظريتان مُغايرتان، حول كيفية تمكن كوكب المشتري من جمع مادته الصخرية الأولى. النظرية الأولى هي أن المشتري جمع المليارات من الصخور الفضائية الصغيرة التي أُطلق عليها اسم “الحصى” من قبل علماء الفلك (على الرغم من أن حجمها أقرب للجلاميد أكثر من الحصى الفعلية).

بالنسبة للنظرية الثانية المدعومة بنتائج الدراسة الجديدة، هي أن لُب المشتري قد تكّون من امتصاص العديد من الكويكبات، وهي صخور فضائية تمتد لعدة أميال والتي إذا تُركت ساكنة يمكن أن تكون بمثابة بذور تتطور منها الكواكب الصخرية الصغرى، مثل الأرض أو المريخ.

ومع ذلك، لم يُحسم ما إذا كانت النظرية الأولى أم الثانية هي الأصح. قالت ميغيل: “لأننا لا نستطيع أن نلاحظ بشكل مباشر كيف تكّون المشتري، يجب علينا جمع القطع معًا بالمعلومات التي نملكها اليوم، وهذه مهمة صعبة”.


إدراك خفايا المشتري

لكي يُحسم النقاش، أحتاج العلماء أن يخلقوا صورة عما يكمن داخل هذا الكوكب. قالت ميغيل: ” نستخدم أجهزة قياس الزلازل عند ظهورها لمعرفة ما بداخل كوكب الأرض”. كما أردفت قائلةً: “لكن المشترى لا يملك سطح لكي توضع عليه تلك الأجهزة، ووجود نشاطًا تكتونيًا داخل لُب المشتري يعتبر احتمال ضعيف”.

بدلًا من ذلك، قرر الباحثون بناء نماذج حاسوبية لأجزاء المشتري الداخلية وذلك عن طريق جمع البيانات التي قامت بجمعها المركبة الفضائية “جونو” بالإضافة إلى البيانات المجموعة من المركبة الفضائية السابقة “جاليليو” قيس مجال الجاذبية بواسطة المسابِر، وكان القياس في نقاط مختلفة حول مداره. المواد الصخرية التي تراكمت في المشتري، تملك تركيزًا عاليًا من المواد الكثيفة، والتي بدورها تشكل موادًا صلبة كثيفة. وبالتالي ستملك تأثيرًا أقوى من الجو الغازي، وهذا ما أظهرته البيانات. 

كما مكنت فريق الباحثين من وضع خطة مفصلة للاختلافات في جاذبية الكوكب، التي ساعدت في العثور على أماكن المواد الصخرية في الكوكب. 

قالت ميغيل: “لقد قدمت المركبة الفضائية “جونو”، بيانات للجاذبية دقيقة جدًا، والتي ساعدتنا بدورها في تقييد توزيع المواد داخل المشتري، وهي بيانات نادرة للغاية، نستطيع الحصول عليها فقط بواسطة مركبة فضائية تدور حول الكوكب”.

أظهرت نماذج الباحثين، أنَّه يوجد ما يعادل ما بين 11 إلى 30 كتلة أرضية من العناصر الثقيلة في المشتري (3% – 9% من كتلة كوكب المشتري)، مما فاق التوقعات. 

الحصى (البلور الصخري) مقابل الكويكبات

كشفت النماذج أن المشتري نشأ بالتهام الكويكبات، لأن نظرية الحصى، لا تفسر هذا التركيز العالي للعناصر الكثيفة. كما قالت ميغيل: “استهلال نهاية عملية تراكم الغاز، بمجرد ما يصبح حجم الكوكب كبيرًا، سينهي مرحلة التراكم الصخري إذا كانت نظرية نشأة المشتري من حصى صحيحة، لأن تزايد طبقات الغاز خلق حاجز ضغط، والذي بدوره سوف يوقف الحصى الإضافية من أن تُلتهم من قبل المشتري.

أوضحت ميغيل: “قد تكون مرحلة التراكم الصخري المتجزئ أغنت المشتري بالمعادن الثقيلة بنسبة أقل مما قدّره الباحثون”.

غير أن الكويكبات كانت قد اُلتهمت من قبل لُب المشتري حتى بعد بدء مرحلة تراكم الغاز؛ هذا لأن قوة الجاذبية كانت ستكون أعظم من الجهد المبذول من الغاز. أفاد الباحثون بإن التفسير الوحيد لوفرة العناصر داخل المشتري هو تزامن التراكمات للمواد الصخرية والغاز التي قدمتها نظرية الكويكبات. 

أظهرت الدراسة شيئًا مثيرًا للاهتمام أيضًا، ألا وهو أن جميع الأجزاء الداخلية للمشتري لا تختلط ببعضها البعض في غلافه الجوي العلوي. وكان ذلك عكس ما توقعه العلماء سابقًا. كما أظهر النموذج الجديد للأجزاء الداخلية للمشتري، أن العناصر الكثيفة الممتصة من قبل الكوكب، ظلت قريبة للغاية من لُب المشتري وغلافه الجوي السفلي.

 أفترض الباحثون أن الحمل الحراري مزج الغلاف الجوي للمشتري حتى يرتفع الغاز الساخن القريب من لُب المشتري للغلاف الجوي الخارجي قبل أن يبرد ويتراجع مرة أخرى. إذا كانت هذه القضية، فإن العناصر الثقيلة ستمتزج  بشكل متساوٍ أكثر في كافة أنحاء الغلاف الجوي. 

غير أن هناك احتمالية أن مناطق معينة في المشتري قد تكون تأثرت بشكل بسيط من الحمل الحراري، ويجب أن تستكمل البحوث لتحديد ما يتضمنه الغلاف الجوي للكوكب الغازي، كما أوضحت ميغيل.

كما قد تغير نتائج الباحثين قصص نشأة كواكب النظام الشمسي. أردفت ميغيل قائلةً: “المشتري، هو الكوكب الأكثر تأثيرًا في تكوين النظام الشمسي” فقوة جاذبيته ساعدت في صياغة حجم ومدارات جيرانه في المجرة، وبالتالي تحديد كيفية ظهوره، مما أثر بشكل غير مباشر على الكواكب الأخرى. وافترضت النتائج احتمالية أن فرضية الكويكبات في نشأة الكواكب الغازية الأخرى في النظام الشمسي مثل: زحل وأورانوس ونبتون.

وفي أنظمة النجوم الأخرى، يحتمل أن تكون العوالم الغازية تكونت بالتهام الكويكبات وليس الحصى، مما يعني أنها قد تملك خاصية معدنية عالية أكثر مما يظهر على شكلها الخارجي. وبالتالي لا ينبغي أن نحكم على العوالم الجديدة بأغطيتها الغائمة عندما نكتشفها، والتي يتم البحث عنها بواسطة مقراب جيمس ويب الفضائي الخاص بوكالة ناسا.

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: سارة يوسف

تويتر: @saratranslaator

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!