الأطفال المصابون بالتوحد «يرون» الوهم البصري بطريقة فريدة

الأطفال المصابون بالتوحد «يرون» الوهم البصري بطريقة فريدة

20 أبريل , 2023

ترجم بواسطة:

سمر مختار

دقق بواسطة:

زينب محمد

لتحويل الواقع إلى المشهد العقلي الذي يشغل العقول، يقوم دماغنا بالعديد من العمليات. وبعضها اختصارات لافتراضات تصبح واضحة في اللحظة التي نحاول فيها فهم الصراع المعروض في شكل وهم بصري.

بالنسبة للأفراد المصابين بالتوحد، يمكن أن تعمل تلك الاختصارات والعمليات العقلية بشكل مختلف قليلاً، مما يؤثر على كيفية تكوين الدماغ لصورة عن الحياة اليومية بشدة.

مع وضع ذلك في الاعتبار، تحول العلماء إلى الأوهام البصرية لفهم التنوع العصبي بشكل أفضل.

تشير دراسة حول نشاط دماغ 60 طفلاً، بما في ذلك 29 شُخصوا باضطراب طيف التوحد، إلى أن الاختلافات في الطريقة التي يعالج بها الأفراد الأشكال الوهمية يمكن أن تكشف عن طرق يؤثر بها التوحد على مسارات معالجة معينة في الدماغ.

استفاد البحث من أسلوب الوهم الكلاسيكي الذي أنشأه عالم النفس الإيطالي، جايتانو كانيزا (Gaetano Kanizsa)، والذي يتضمن عادةً خطوطًا أو أشكالًا بسيطة، مثل الدوائر، مع إزالة أقسام منها، مرتبة بطريقة معينة، لتتناسق المساحات الفارغة لوصف شكل ثان في مساحتها السلبية.

وهم كانيزا

لرؤية الأشكال المختلفة على حقيقتها، تجمع عمليات المعالجة الأعلى في مناطق مختلفة من الدماغ بين المحفزات، وتحويل مجرد نمط من الظلام والضوء إلى صورة شاملة.

اعتمادًا على المعلومات المجندة، يمكن تفسير المحفزات على أنها أحد الشكلين، ولكن ليس كلاهما في وقت واحد.

تعتمد العملية برمتها بشكل كبير على مشاركة الخلايا العصبية للمعلومات بسرعة، من أجزاء الدماغ المسؤولة عن الإدراك إلى الأجزاء التي تتلقى البيانات المرئية وتجمعها، وتعيدها مرة أخرى.

يُعرَّف التوحد بأنه «اضطراب طيف» عصبي لأن سماته متنوعة للغاية، حيث يُظهر كل شخص قدرات ونقاط قوة وتحديات مختلفة.

بشكل عام، أظهرت الأبحاث أن العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد يعالجون المعلومات الحسية، مثل الصوت والصورة، بطريقة غير نمطية عصبيًا، والوهم البصري هو طريقة مناسبة لاستكشاف هذا التنوع العصبي.

وجدت دراسة أجريت في عام 2018، على سبيل المثال، أن بعض الأفراد المصابين بالتوحد يكافحون للتبديل ذهابًا وإيابًا بين رؤية جسم متحرك ورؤية اللون. بمعنى آخر، يبدو أن أدمغتهم كانت تكبر التفاصيل الصغيرة وتهمل الصورة الأكبر.

في الدراسة الحالية، لوحظ اتجاه مماثل. عندما كان الأطفال يجلسون على كرسي بمخطط كهربائي للدماغ متصل بفروة رأسهم، طُلب منهم التركيز على نقطة مركزية على خلفية رمادية على شاشة أمامهم، والضغط على زر عندما تغيرت النقطة من الأحمر إلى الأخضر.

تضمنت الشاشة أيضًا أربع صور محيطية، إما موضوعة عشوائيًا أو متناسقة مع وجود مسافة.

إن مطالبتهم بالتركيز على النقطة بدلاً من المسافات يضمن ملاحظتهم للوهم الموجود أمامهم «بشكل سلبي» ولا يبذلون جهدًا «لحله».

بناءً على نشاط دماغهم، أظهر الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و17 عامًا، والمُشخصين بالتوحد، تأخيرًا في معالجة وهم كانيزا.

هذا لا يعني بالضرورة أن المشاركين لم يتمكنوا من تمييز الشكل الذي شكلته الصور المحددة، لكنه يشير إلى أن أدمغتهم عالجت الوهم بطريقة غير تلقائية.

توضح عالمة الأعصاب إيميلي نايت من جامعة روتشستر: “عندما ننظر إلى كائن أو صورة ما، تستخدم أدمغتنا العمليات التي تأخذ في الاعتبار تجربتنا ومعلوماتنا السياقية للمساعدة في توقع المدخلات الحسية، ومعالجة الغموض، وإكمال المعلومات المفقودة”.

وأضافت: “هذا يخبرنا أن هؤلاء الأطفال قد لا يكونون قادرين على القيام بنفس التنبؤ وإكمال المعلومات المرئية المفقودة مثل أقرانهم. نحن الآن بحاجة إلى فهم كيف يمكن أن يرتبط هذا بالسلوكيات الحسية البصرية غير النمطية التي نراها في بعض الأطفال المصابين بالتوحد”.

وجدت دراسة أخرى أجرتها نايت نُشرت العام الماضي أن الأطفال المصابين بالتوحد يكافحون لمعالجة لغة الجسد إذا لم ينتبهوا جيدًا.

عند مشاهدة لون النقاط المتحركة بوضوح على الشاشة، لم تفسر موجات دماغ المصابين بالتوحد الصورة على أنها إنسان يمشي، كما كان مقصودًا.

قالت نايت في بيان صحفي صدر العام الماضي: “إذا كان دماغهم يعالج حركات الجسم بشكل أقل، فقد يواجهون صعوبة أكبر في فهم الآخرين، ويحتاجون إلى إيلاء اهتمام أكثر بلغة الجسد من أجل رؤيتها”.

وأشارت أن معرفة ذلك يمكن أن يساعد في إيجاد طرق جديدة لدعم الأشخاص المصابين بالتوحد”.

في المستقبل، تأمل نايت في مواصلة بحثها بين مجموعات أكبر، بما في ذلك أولئك الذين لديهم قدرات لفظية ومعرفية أكثر.

المصدر: ScienceAlert

ترجمة: سمر مختار

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!