الدماغ يعمل كغرفة الرنين المغناطيسي

الدماغ يعمل كغرفة الرنين المغناطيسي

8 أبريل , 2023

ترجم بواسطة:

ساره الزعابي

دقق بواسطة:

زينب محمد

وجد باحثون من مؤسسة (Champalimaud) للأبحاث في لشبونة – البرتغال، بالتعاون مع جامعة مينهو دليلاً على وجود موجات رنين في نشاط دماغ الفئران باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي فائق السرعة، ويكون ذلك من خلال معرفة طريقة الاهتزازات الصوتية في آلة الجيتار، حيث يمكن لمثل هذه الموجات إنشاء روابط بين مناطق الدماغ البعيدة والتي تعتبر مهمة لوظائف الدماغ.

ولقد مر أكثر من 20 عامًا منذ أن كشفت دراسات التصوير باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)؛ وهي تقنية تستخدم لالتقاط فيديو مباشر عن الأنماط المعقدة لنشاط الدماغ المترابط، حيث تتطور هذه العمليات تلقائيًا؛ بما فيها حالة الراحة، أي عندما لا يتم تنفيذ أي مهمة، وقد عُثر على ذلك في الثدييات؛ بما في ذلك القرود والقوارض.

ورُغم ملاحظة أنماط التنشيط المكانية هذه في مواقع التصوير العصبي؛ إلا أن طبيعة هذه الروابط غير معروفة كليًا.

وقال نعوم شيمش، باحث أول في مختبر التصوير بالرنين المغناطيسي قبل السريري التابع لمؤسسة (Champalimaud)، وهو كذلك مؤلف دراسة نشرت في مجلة Nature Communications:

“نحن لا نفهم تمامًا بعد طبيعة تواصل الدماغ عبر مسافات طويلة؛ ولكن نعلم بأن المناطق البعيدة تظهر ارتباطات إشارات في وظائف المخ”.

ويؤكد شيمش: “ففي هذه الدراسة، أردنا أن نفهم ما يكمن وراء تلك الارتباطات ونتحقق من الآليات المتضمنة فيها”.

وتشير العديد من الأعمال البحثية إلى أنه يمكن تفسير هذه المعطيات من خلال الموجات التي لا تتحرك قممها وقيعانها في الفضاء، والتي تتوافق كذلك مع بنية الدماغ؛ أي من خلال موجات تشبه نمط اهتزاز الموسيقى. ولكن هناك القليل من الأدلة التجريبية لدعم هذه النظرية بسبب الدقة الزمنية القصيرة للرنين المغناطيسي الوظيفي؛ حيث تصل إلى صورة أو صورتين فقط في الثانية.

وتقول المؤلفة الأولى للدراسة، جوانا كابرال، من معهد أبحاث علوم الحياة والصحة بجامعة مينهو: “إذا وجدنا أن الأنماط المكانية تتذبذب؛ فإن هذا سيوفر دليلًا يدعم فرضية الرنين”.

لذا حسّن الفريق عملية الحصول على الصور ووجدوا أن الإشارات في مناطق الدماغ البعيدة تتقارب بمرور الوقت، حيث توضح كابرال: “يبدو أن هذه الأنماط المتذبذبة هي تناظرية عالية المستوى لعملية الرنين في الآلات الموسيقية؛ فهي تشبه الأصوات في الدماغ”.

ويضيف شيمش قائلاً: “تُظهر بياناتنا أن الأنماط المكانية المعقدة هي نتيجة للأنماط الأساسية المتذبذبة؛ مثل مشاركة الآلات الموسيقية الفردية في إنشاء قطعة أكثر تعقيدًا في الأوركسترا. ويمكن جمع الأنماط المختلفة؛ التي يساهم كل منها في الصورة الكلية في مقاييس زمنية مختلفة وأطوال موجية مختلفة، مما يؤدي إلى إنشاء أنماط ماكروسكوبية معقدة مماثلة للأنماط التي لوحظت تجريبيًا. وعلى حد علمنا، فإن هذه هي المرة الأولى التي يعاد بناء هذا النشاط الدماغي الملتقط بواسطة الرنين المغناطيسي الوظيفي على أنه تراكب للموجات الواقفة”.

لذلك، تؤكد هذه الدراسة الجديدة على الدور المهم لهذه الموجات، أو أنماط الرنين، في نشاط الدماغ، حيث يعتقد المؤلفون أن ظواهر الرنين هذه مسؤولة عن نشاط الدماغ الذي يعمل معًا في بنية مهمة لسير العمل الطبيعي للدماغ ككل.

التصوير بالرنين المغناطيسي فائق السرعة

اكتشف الباحثون أنماط رنين في الفئران النائمة؛ مما يعني أنها لم تتعرض لأي محفز خارجي محدد. ففي الواقع، لأنه لم تكن هناك مهمة مطلوبة حتى عندما لا نفعل نحن أي شيء؛ والثدييات بشكل عام، فإنه على وجه الخصوص، تستمر أدمغتنا في توليد أنماط تلقائية من النشاط يمكن اكتشافها باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. ولقد أنشأ الباحثون “فيديو” من أجل تصور التذبذبات باستخدام ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي عالي السرعة في مختبر شيمش وأجروا تجربة فائقة السرعة فيه لأغراض أخرى.

وتقول كابرال مسترجعةً بذاكرتها: “التقيت بنعوم في عام 2019، وقررنا الحصول على سجل لنشاط الدماغ بأعلى دقة يمكننا الحصول عليها في بحث Tesla 9.4 في مختبره، حيث صمم نعوم التجارب، وعملت بها فرانشيسكا فرنانديز [المؤلفة الثالثة للدراسة]، وحللت البيانات التي حققها نعوم بدقة زمنية قدرها 26 صورة في الثانية. وبالتالي، حصلت على 16000 صورة لكل مسح ضوئي مدته 10 دقائق (بدلاً من 600 صورة بدقة صورة واحدة في الثانية)”.

كأمواج المحيط

تقول كابرال: “عندما رأينا لأول مرة مقطع فيديو عن نشاط الدماغ المسجل، وجدنا موجات واضحة من النشاط، مثل الأمواج في المحيط؛ حيث تنتشر في نمط معقد عبر القشرة والمخطط؛ منطقة تحت القشرة من الدماغ الأمامي”.

وأضافت: “اكتشفنا كذلك أنه يمكن تفسير ذلك من خلال تغطية عدد صغير من الموجات العيانية، أو أنماط الرنين؛ التي تتكرر بمرور الوقت. والجدير بالذكر أن كل موجة واقفة وُجِدت لتغطي مناطق ممتدة من الدماغ، مع قمم موزعة توزيعًا مميزًا من الهياكل القشرية وتحت القشرية، وتشكيل الشبكات الوظيفية”.

وأشارت أن الباحثون أجروا تجربة على الفئران في ثلاث حالات مختلفة: مخدر، ومخدر خفيف، ومخدر عميق، حيث إنها خدرت في حالة الراحة، لعدم ازعاجها. وقد كان التكوين المكاني لهذه الموجات الثابتة متسقًا للغاية عبر الفئران التي مسحت ضوئيًا في نفس الحالة”.

ويضيف شيمش: “لقد أظهرنا أن الشبكة التي تعمل في الدماغ ناتجة عن ظاهرة الرنين؛ وهذا يفسر الارتباطات التي نراها غي حالة التصوير البطيء، حيث تتحكم التفاعلات طويلة المدى في الدماغ عن طريق تدفق “المعلومات المتذبذب والمتكرر”.

الحالات المرضية

ووجدوا أيضًا أن زيادة المخدر يقلل من عدد الموجات وتواترها ومدتها. وكما ذكرنا سابقًا، فإن بعض عمليات الدماغ تتغير دائمًا في اضطرابات الوعي. لذلك؛ فإن تصميم هذه التجربة، كما تقول كابرال، هو في الحقيقة لتقليد حالات المرض المختلفة، حيث إن “الشبكة الوظيفية تبدو معطلة في العديد من الأمراض العصبية والنفسية”.

ويضيف شيمش في ذلك: فإن “دراستنا توفر أيضًا طريقة جديدة للتحقيق في المرض؛ حيث إننا نعلم أن نشاط الدماغ على المدى الطويل يتأثر بأمراض خطيرة، لكننا لا نفهم لماذا أو كيف. لذلك، يمكن أن يؤدي فهم آليات العلاقات طويلة الأمد إلى انشاء طرق جديدة لتشخيص الأمراض والتنبؤ بالعلاجات الأكثر فعالية”. وعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا كان هناك رنين غير موجود في المريض، فيمكننا إيجاد طريقة للتحفيز. ويتفق الباحثون على الحاجة إلى مزيدِ من الجهد لتأكيد كل هذه النتائج، وما إذا كانت قابلة للتكرار في البشر؛ حيث تقول كابرال: “بمجرد أن نفهم كيفية عمل الشبكات، يمكننا تصميم استراتيجيات لتعديل هذه الشبكات”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: ساره الزعابي

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!