الفرق بين النرجسية والتقدير العالي للذات

الفرق بين النرجسية والتقدير العالي للذات

24 مارس , 2023

ترجم بواسطة:

خياطي ليديا

دقق بواسطة:

زينب محمد

هنالك تباين بين المؤشرات السيكولوجية لتقدير الذات والنرجسية.

النقاط الرئيسية

  • تشير النرجسية إلى شعور المرء بالاستعلاء والقيمة، فيما يشير التقدير العالي للذات إلى تلك القيمة الإيجابية والذاتية التي يوليها المرء لنفسه.
  • يشمل التصور الإيجابي للذات كل من النرجسية والتقدير العالي للذات، لكنهما يتباينان في عدة نواح جلية.
  • توصلت الأبحاث إلى أن الأطفال الميالون للنرجسية (مقارنةً بالأطفال الميالون للتقدير العالي للذات) يظهرون قدرًا أكبر من الإثارة الفسيولوجية أثناء التقييم الاجتماعي.
  • تظهر هذه النتائج أن النرجسيين وعلى الرغم من شعورهم بالاستعلاء إلا أنهم يخشون من التقييم السلبي والتعرض للرفض في سياقات التقييم الاجتماعي.

نُشرت في دورية Psychophysiology، وهي دراسة حديثة قام بها Brummelman وآخرون، تهدف إلى فحص المؤشرات الفسيولوجية المبكرة للتقدير العالي للذات والنرجسية.

النرجسية والتقدير العالي للذات

تشترك النرجسية والتقدير العالي للذات في خصائص معينة، كالتصور الإيجابي للذات. وليس من دواعي الاستغراب أن يفترض الكثير من الناس أن النرجسيين يتمتعون بتقدير عال للذات. ومع ذلك، فهذا ليس صحيحًا بالضرورة. 

بتعبير آخر، فإن النرجسية وتقدير الذات متباينان. حيث يشير تقدير الذات إلى تقييم المرء لقدره. في حين تشير النرجسية إلى مشاعر الغرور، وأهمية الذات، والاستعلاء والعظمة والأحقية. ويعتقد الشخص ذو التقدير العالي للذات “أنه كُفء”. أما النرجسي فيعتقد أنه “فريد من نوعه” أو أنه “الأفضل”.

حاولت هذه الدراسة التي قام بها Brummelman وزُملائه، تحديد ما إذا كان للنرجسية وتقدير الذات مؤشرات فسيولوجية متباينة.

فحص المؤشرات الفسيولوجية المرتبطة بالنرجسية وتقدير الذات

العينة: 71 طفلا (46%  ذكور و 88% هولنديون)

الإجراء: جاء أطفال في عمر الرابعة والنصف إلى المختبر برفقة أبويهم، وطُلب منهم أداء أغنية في حضور أبويهم والمصور (كان يسجل الأداء) والمُختبر.

خلال مرحلة الترقب التي استمرت دقيقتين، طُلب من الأطفال الجلوس على المنصة حتى يحين موعد أدائهم.  وبعد تأدية الغناء، جاءت مرحلة التعافي التي دامت دقيقة واحدة. والتي طُلب خلالها من الأطفال الجلوس على المنصة مرة أخرى. حيث لم يسجل فيديو لهذين المرحلتين.

المقاييس

خلال فترات الأداء والترقب والتعافي، سجل الباحثون الاستجابات الفسيولوجية للأطفال، مثل مخطط القلب الكهربائي (ECG)، وتغير معدل ضربات القلب (HRV)، والنشاط الكهربائي للجلد.

عاد الأطفال إلى المختبر في عمر السابعة والنصف وهو العمر الذي تصبح فيه الفروقات الفردية لتقدير الذات أكثر وُضوحًا، وذلك من أجل إتمام الاستبيانات التي قيمت النرجسية (مقياس النرجسية في مرحلة الطفولة المكون من 10 عناصر) وتقدير الذات (المقياس الفرعي العالمي للقيمة الذاتية لملف التصور الذاتي للأطفال المكون من ستة عناصر).

ما توصل له الباحثون

أظهر الأطفال الميالون للنرجسية مستويات عالية من الاستجابة الموصلية للجلد عند ترقب الأداء، حيث ظلت الاستجابة الموصلية للجلد مرتفعة طوال مدة الأداء ولم تعد إلى خط الأساس عند مرحلة التعافي. في حين أن الأطفال الميالين للتقدير العالي للذات قد أظهروا استجابة جلد متدنية طوال مدة الإجراء.

وتتوافق النتائج والرأي القائل بأن الأطفال النرجسيين أكثر حساسية وعرضةً للمخاوف المتعلقة بالتقييم الاجتماعي”، في حين أن الأطفال ذوي التقدير العالي للذات “يكونون أكثر أمانًا وقدرةً على الشعور بالراحة في مواقف التقييم الاجتماعي. عمومًا، شهد الأطفال زيادة حادة في الاستجابة الموصلية للجلد عند الانتقال من ترقب الأداء إلى القيام به لكن هذه الزيادة كانت ضعيفة عند الأطفال ذوي المستويات العالية للنرجسية”.

بعبارةٍ أخرى، لا يبدو أن الأداء الفعلي يجعل الأطفال النرجسيين أكثر قلقًا. لماذا؟

ربما كان الأطفال النرجسيون بالفعل متخوفين وقلقين إلى أقصى حد، لذلك لم يكن هنالك مجالاً كبيرًا لزيادة إضافية في معدلات القلق.

الاحتمال الآخر هو أن الأطفال النرجسيين قد أحبوا مرحلة الأداء، على الرغم من قلقهم في مرحلة الترقب. فأن يكونوا محط اهتمام الآخرين والثناء عليهم أمر إيجابيٌ بشكل خاص بالنسبة لهم.

النرجسية وتقدير الذات والقلق الاجتماعي التقييمي

كما لوحظ، فغالبًا ما يُظهر الأطفال الميالين إلى النرجسية (مقارنةً بالأطفال الميالين إلى التقدير العالي للذات) نشاط استجابة موصلية أكبر في الجلد عند ترقب أو تأدية مهمة تقييمية اجتماعيًا، مثل الأداء أمام الجمهور (الاستجابة الموصلية للجلد مرتبطة بالإثارة العصبية الودية – استجابة الكر أو الفر).

هذا منطقي لأن النرجسيين أكثر عرضةً لفرط الإثارة في المواقف التي يشعرون فيها بأنهم معرضون للحكم الاجتماعي أو يترقبون مثل هذا التعرض.

من أجل التوضيح، فإن الأطفال الواثقين من أنفسهم الذين شاركوا في الدراسة قد عانوا أيضًا من استجابات الكر والفر. وعلى وجه التحديد، زاد نشاط الاستجابة الموصلية للجلد لدى الأطفال ذوي التقدير العالي للذات عند الانتقال من مرحلة الترقب إلى مرحلة الأداء. ومع ذلك، كانت مستويات الاستجابة الموصلية لجلدهم متدنية في البداية وظلت أدنى من المستويات التي تُسجل لدى الأطفال ذوي التقدير المتدني للذات.

تكون استجابة الأطفال الواثقين من أنفسهم منطقية إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الوظيفة الأساسية لتقدير الذات هي قياس القبول والتقييم الاجتماعي. وبالتالي، فإن الأطفال الواثقين من أنفسهم للغاية لا يتوقعون الرفض إذا فشلوا في مهمة ما. وحتى عندما ينتقد الآخرون أداءهم فذلك لا يؤثر على اعتقادهم بأنهم جديرون بقبول الناس لهم وبمعاملتهم كأفراد قيمين.

أصول النرجسية والتقدير العالي للذات

كيف ينشأ الشعور بالنرجسية والتقدير العالي للذات؟ تشير الأبحاث إلى أن كليهما موروث جزئيًا ويُلقن إلى حد ما من خلال التفاعل مع وكلاء التنشئة الاجتماعية، وخاصةً الأبوين.

للتوضيح، من المرجح أن يكون لدى الأطفال النرجسيين أبوين يبالغون في تقديرهم ويعتقدون أنهم مميزون.

ومع ذلك، لا يحبذ هؤلاء الأطفال القبول غير المشروط لأن تقديرهم وقبولهم مرتبط بالتزامهم بمعايير أبويهم التي غالبًا ما تكون غير واقعية. ما يفسر المخاوف الكبيرة التي تواجه الأطفال النرجسيين في سياق التقييم الاجتماعي.

وعلى النقيض من مبالغة الأبوين في التقدير، يرتبط عطف وتجاوب الأبوين بإظهار مشاعر الدعم والمودة والمحبة والحرص على التنشئة الحسنة وذلك باحتواء وبقبول غير مشروط للطفل.

وفي الواقع، فمن المرجح أن يحفز عطف الأبوين على تنمية الشعور بالتقدير العالي للذات لدى الطفل.

ويخصص الأبوان العطوفان والمتجاوبان مع أطفالهم وقتًا ليقضوه معهم، ويتحمسون لما يهتمون به، ويقابلونهم بمشاعر إيجابية.

وبهذه الطريقة، يعي الأطفال أن قبول أبويهم لهم غير مشروط، على عكس القبول المشروط الذي يتطلب من الأطفال أن يلتزموا بالمعايير المثالية التي وضعها أبواهم.

الخلاصة

 يظهر هذا البحث أن النرجسية والتقدير العالي للذات متباينين. إذ يُمكن تشخيص النرجسية من خلال الإثارة الفسيولوجية المفرطة عند ترقب التعرض الاجتماعي، في حين يُشخص تقدير الذات من خلال حدوث إثارة متدنية على العموم”.

مما يعني أن النرجسيين أكثر عرضةً من ذوي التقدير العالي للذات للإثارة والقلق في مواقف التقييم الاجتماعي. حيث تنتابهم مخاوف أكبر من التعرض للرفض أو السخرية أو الإذلال، أو التقليل من قيمتهم في حال ما لم يتوافقوا ومعايير المُقيم.

ويعاني الأفراد ذوو التقدير العالي للذات من القلق عند الأداء أيضًا، كما يترقبون التعرض للنقد والثناء في المواقف التقييمية. وفي الوقت نفسه، يشعرون بقبول الآخرين لهم وبتقديرهم وحبهم بغض النظر عن أدائهم الاجتماعي. مما يجعلهم يشعرون بالأمان لما هم عليه في كل الحالات.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: خياطي ليديا آمال

تويتر: @LydiaKhiati

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!