crossorigin="anonymous">
17 مارس , 2023
إن تاريخ الحياة على كوكب الأرض أخبرنا بعدّة انقراضات جماعية، وكان أكبر تلك الانقراضات الانقراض الباليوزي والمتعارف عليه أيضًا باسم “الموت العظيم” والذي حدث منذ 252 مليون سنة.
رُغم أنّ العلماء بشكل عام أجمعوا على أسبابه، فإن كيفية حدوث هذا الانقراض الواسع وما تلاه من انهيار بيئي لا يزال غامضًا.
وفي بحث نُشر في مجلة “علم الأحياء اليوم”، حللّ الباحثون النظم البيئية البحرية قبل وأثناء وبعد الموت العظيم كي يتسنى لهم فهم تلك السلسلة من الأحداث بشكل أكبر والتي نجم عنها تخبّطًا في النظام البيئي.
نظرًا لأن فريق البحث الدولي، والذي ضمّ العديد من الباحثين من أكاديمية كاليفورنيا للعلوم وجامعة الصين لعلوم الأرض بووهان، بالإضافة لجامعة بريستو بينوا أنّ فقدان التنوع البيئي قد يكون نذيرًا لمزيدٍ من الانهيار البيئي، وهو اكتشاف مثير للقلق بالنظر إلى أن معدل “فقدان الأنواع” اليوم يفوق ما كان عليه خلال فترة الموت العظيم.
يقول أمين الأكاديمية للجيولوجيا، والحائز على شهادة الدكتوراه بيتر روبنارين إنّ انقراض العصر البرمي-الترياسي من شأنه أن يكون نموذجًا مناسبًا لدراسة فقدان التنوع البيئي.
وأضاف: “وفي هذه الدراسة كنا قد حددنا أن تلك الأنواع المنقرضة والانهيار البيئي قد حصل على مرحلتين مختلفتين، حيث حدثت الأخيرة بعد حوالي 60.000 عام من الانهيار الأوّلي للتنوّع البيولوجي”.
إن الحدث بحدّ ذاته كان كفيلاً بإزالة 95% من مظاهر الحياة على كوكب الأرض، أو مايعادل 19 نوع من أصل 20.
ومن المرجّح أن العوامل المؤثرة لتزايد النشاط البركاني والارتفاع المتزايد لغاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوّي سببها الظروف المناخية المشابهة لصعوبات طبيعة النشاط البشريّ والمتعارف عليه اليوم باسم “الاحتباس الحراري”، وتحمضّ المحيطات، واستنفاذ الأكسجين البحري.
قام باحثو الدراسة بفحص الأحفوريات من جنوب الصين الموجودة على سطح البحر أثناء انتقال العصر البرمي إلى الترياسي لإعادة تكوين البيئة البحرية القديمة.
عن طريق فرز الأنواع إلى كتل أو مجموعات التي من شأنها أن تستثمر المصادر بطرق مشابهة، كان باستطاعة الفريق تحليل العلاقات بين الفريسة والمفترس وتحديد الوظائف التي تنتهجها الأنواع القديمة.
كما مثّلت هذه المحاكاة “شبكات الغذاء” تمثيلات معقولة للنظام البيئي قبل وأثناء وبعد حدوث الانقراض.
يقول البروفيسور مايكل بينتون من جامعة بريستول: “إن المواقع الأحفورية الموجودة في الصين مثالية جدًا لمثل هذا النوع من الدراسات لأننا بحاجة للكثير من الأحافير لإعادة بناء الشبكات الغذائية”.
وأضاف: “يمكن أيضًا معرفة تاريخ تسلسل الصخور بدقة شديدة، حتى نتمكن من اتباع جدول زمني خطوة بخطوة لتتبع عملية الانقراض وما تلاها من ازدهار”.
وكما يقول الباحث في الأكاديمية يوناكنج هيونغ، الحاصل على درجة الدكتوراه، والذي يعمل حاليًا في جامعة الصين لعلوم الأرض: “رُغم فقدان معظم الأنواع الموجودة على كوكب الأرض في المرحلة الأولى من الاتقراض، إلاّ أنّ النظم البيئية حافظت على استقرارها نسبيًا”.
كما انخفضت التفاعلات بين الأنواع في المرحلة الأولى من الانقراض انخفاضًا طفيفًا، ولكن في المرحلة الثانية شهدت انخفاضًا تامًا مما تسبب في زعزعة استقرار النظم البيئية، ووصلت لنقطة حرجة لم تستطع التعافي منها بعد.
يكون النظام البيئي بأكمله مقاومًا للتغير البيئي حينما يكون هناك أنواع متعددة تؤدي وظائف مشابهة، وفي حال انقراض أحد هذه الأنواع يمكن لنوع آخر أن يحلّ مكانه، حفاظًا على توازن النظام البيئي.
ولتوضيح الأمر أكثر يمكننا تشبيه الأمر بالاقتصاد حيث العديد من الشركات والمؤسسات تقّدم الخدمة نفسها، فنهاية أيّ شركة لا يعني بالضرورة نهاية الخدمة والاقتصاد، ولكن سيحدث العكس إذا احتكر كيان واحد الخدمة.
أوضح روبنارين ذلك بقوله: “وجدنا أن فقدان التنوع البيولوجي في المرحلة الأولى من الانقراض كان في الأساس خسارة في هذا التكرار الوظيفي، مما ترك عددًا كافيًا من الأنواع لأداء الأساسيات”.
وأضاف: “ولكن عندما حدثت اضطرابات بيئية، مثل الاحتباس الحراري و تحمض المحيطات لاحقًا، فقدت النظم البيئية قدرتها على المقاومة، مما أدى إلى انهيار بيئي مفاجئ”.
بالنسبة لفريق الدراسة، تؤكد النتائج التي توصلوا إليها على أهمية النظر إلى التكرار الوظيفي عند تقييم استراتيجيات الحماية الحديثة وتذكيرهم بالحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات لمعالجة أزمة التنوع البيولوجي التي يقودها الإنسان اليوم.
نحن حاليًا بصدد فقدان أنواع بوتيرة أسرع من أيّ انقراضات حصلت على كوكب الأرض سابقًا، وأرجح هوانغ أننا قد نكون في المرحلة الأولى من “انقراض جماعي” أكثر خطورة.
وأضاف: “ليس بمقدورنا التكهن بنقطة التحوّل التي ستودي بالنظم البيئية إلى الانهيار التام، لكنها نتيجة حتمية إذا لم نعكس فقدان التنوع البيولوجي”.
المصدر: https://phys.org
ترجمة: فاطمة تركي السلطان العلي
فيسبوك: thelampofhope.sultan
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً