لماذا ينجح بعض المعتلون نفسيًا؟

لماذا ينجح بعض المعتلون نفسيًا؟

19 فبراير , 2023

ترجم بواسطة:

العنود دهام

دقق بواسطة:

زينب محمد

يستحضر مفهوم الاضطراب النفسي في أذهاننا صور نمطية لأفراد قاسين وعنيفين، يلحقون الأذى بالآخرين بدافع المتعة فقط، تمامًا عكس الواقع، فعلم الاضطراب النفسي ليس شائق حيث إنه يركز بدقة على قياس المشكلات ودرجة التقييم قبل نعت الشخص بـ”المضطرب النفسي”.

ولكن في الآونة الأخيرة، وُجه التركيز نحو فكرة أن الأشخاص قد يتسمون نسبيًا بصفات سيكوباتية بينما يعيشون حياة مثمرة وهادفة في الوقت نفسه.

تعريف الاضطراب النفسي

يُعد الاضطراب النفسي اضطرابًا شخصيًا يتصف بعدم التعاطف، وعدم الشعور بالذنب، والندم، والسلوك الاندفاعي الخطير، وكان يُنظر إلى الاضطراب النفسي على أنه صفة سيئة لا يمكن تقبلها، وغالبًا ما يُربط الأفراد المصابين بنزعات اضطراب نفسي بالسلوك الإجرامي وخلل في التواصل مع المجتمع.

هناك الكثير من الأدوات المستعملة عادةً في قياس الاضطراب النفسي وصفاته، منها “قائمة تدقيق هير للاعتلال النفسي” ( PCL-R) التي تعد حاليًا طريقة التقييم المعتمدة، وهذه الأدوات تقيم جوانب مختلفة من الاضطراب النفسي مثل التلاعب العاطفي، وانعدام الشعور بالندم، وجنون العظمة.

يبدأ مقياس قائمة تدقيق هير للاعتلال النفسي من ٠ حتى ٤٠، حيث تُشير أعلى درجة إلى وجود نسبة أكبر من صفات الاضطراب النفسي، ويُسجل كل عنصر من القائمة المرجعية على مقياس من ٣ نقاط مما يعني أن ٠ يشير إلى “غير موجودة” و١ يعني “موجودة أو قد تكون موجودة” و٢ يعني “حتمًا موجودة”.

يُحسب المجموع الكامل بجمع نقاط كل عنصر معًا، وبالرغم من أنها ليست أداة تشخيص، فإنه يمكن استعمال الدرجة المجموعة لتقييم صفات الاضطراب النفسي وتوفير معلومات قد تُستعمل في العلاج والقرارات الإدارية في السياقات الطبية آو الجنائية.

وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM)، تتسم الصفات السيكوباتية بنمط سائد من عدم الاكتراث لحقوق الغير، بالإضافة إلى عدم الشعور بالذنب أو الندم، وقد تتجلى هذه الأعراض في طرق كثيرة منها التلاعب النفسي، والاندفاعية، وعدم التعاطف أو الاهتمام بالآخرين، كما قد يكون الأشخاص ذو الصفات السيكوباتية أكثر ميلًا إلى الانخراط في السلوكيات الاجرامية أو غير الأخلاقية، كما أنهم قد يعانون في علاقاتهم وجوانب أخرى من حياتهم.

“مضطربون نفسيون ناجحون”؟

رُغم تغطية الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية للجوانب السيئة، فإن هناك استقراءات في مفهوم “المضطرب النفسي الناجح”، حيث بدأ الباحثون استكشاف طرقٍ قد تمكن الأفراد ذوي الصفات السيكوباتية من النجاح في المجتمع، ويُشير “المضطرب النفسي الناجح” إلى قدرة الأفراد ذوي الصفات السيكوباتية من النجاح في مسيرتهم المهنية أو الجوانب الأخرى من الحياة بالرغم من افتقارهم للتعاطف والصفات السلبية المُعروفة.

هناك عوامل مختلفة قد تُساهم في نجاح السيكوباتية منها، الذكاء، والجاذبية، وانعدام الخوف أو التوتر، وقد يكون الأفراد ذوي الصفات السيكوباتية أكثر مخاطرة، وثقة، وحسمًا.

وحقق مؤخرًا فريق من علماء النفس بقيادة لويز والاس، محاضرة في علم النفس الشرعي بجامعة ديربي (المملكة المتحدة) في هذه الأفكار، حيث راجع الباحثون بيانات من ١٨ دراسة منشورة عن الاضطراب النفسي وكانوا يبحثون عن أشياء قد تربط الاضطراب النفسي بالنتائج الإيجابية، بدلًا من المسائل السلبية المذكورة في الدراسات التقليدية.

كان ما اكتشفوه مثيرًا للاهتمام للغاية، حيث تقول والاس وزملاءها في بحثهم:

“يمكن أن تشير السيطرة دون خوف، والصفات الفعالة الشخصية (مثل: الجاذبية، والتلاعب النفسي، والنرجسية) التي تتعلق عادًة بالنجاح لكن مع غياب الاندفاعية، وحياة غير منتظمة إلى أن المستويات المتوسطة من الاضطراب النفسي قد تُمكن الأفراد من أن يصبحوا أكثر نجاحًا، وأن المستويات العالية جدًا قد تؤثر سلبًا على نتيجة ناجحة”.

قد يعني هذا أن أولئك الذين لا يشعرون بالتوتر ومستعدين للمخاطرة في حياتهم الشخصية والمهنية، على الرغم من أنها مؤشرات غير سريرية (أي غير ظاهرة)، يحظون بفرصة عيش حياة ناجحة. يستهدف المؤلفون دراسات الاضطراب النفسي الموجود في بحثهم، موضحين أن البحث الذي يركز على العنف والسلوكيات المعادية للمجتمع من العاملين في علم النفس الشرعي قد حجب مفهوم “المضطرب النفسي الناجح”.

طبيعة الاضطراب النفسي متعددة الأوجه

من المهم إدراك أن السيكوباتية مفهوم معقد ومتعدد الأوجه حيث لا تعني السيكوباتية الناجحة بالضرورة أن الأفراد ذوي الصفات السيكوباتية بصحة جيدة أو خالين من الاضراب النفسي، ففي الواقع قد يعاني الكثير من الأشخاص ذو الصفات السيكوباتية من صعوبات في علاقاتهم وجوانب أخرى من الحياة، وقد يكونون أكثر عرضة للانخراط في سلوكيات إجرامية أو غير أخلاقية.

ومع ذلك يسلط مفهوم السيكوباتية الناجحة الضوء على الطرق التي قد تمكن الأفراد ذو الصفات السيكوباتية من تحقيق النجاح في المجتمع، وتمثل تطورًا مثيرًا في الدراسات النفسية حول الاضطراب النفسي حيث توضح أن قد ترتبط الصفات السيكوباتية بمزايا معينة في مواقف معينة، ومن المهم أيضًا إدراك قيود وتعقيدات مفهوم الاضطراب النفسي والتعامل معه بالفروقات الدقيقة التي وضحها هذا البحث الجديد على أنها ضرورية.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: العنود دهام

 تويتر: LaAlanoud

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!