crossorigin="anonymous">
26 يناير , 2023
أفضل استراتيجية لتكوين انطباعات أولية جيدة.
رُغم أننا نقضي ساعات طويلة في الدردشة مع الآخرين، إلا أن العديد من الناس أفادوا بأنهم يشعرون بعدم الثقة بشأن قدراتهم على إجراء حوار فعال، وخصوصًا في المحادثات الأولية مع الغرباء والتي يمكن أن تكون مهمة للغاية في تكوين الانطباعات الأولية.
سواء كنت ذاهبًا إلى مقابلة عمل أو قابلت صديقًا للمرة الأولى، فإن ما تقوله وكيف تقوله يمكن أن يكون له تأثير كبير على الانطباعات التي سيشكلها الآخرون عنك.
“اطرح أسئلة مناسبة للطرف الآخر للإجابة عليها. شجعهم على التحدث عن أنفسهم وعن إنجازاتهم، وتذكر أن الأشخاص الذين تتحدث معهم يهتمون بأنفسهم مئات المرات أكثر من اهتمامهم بك”.
ديل كارنيجي – من كتاب “كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس“
للوهلة الأولى، يبدو أن كارنيجي يقترح عليك السماح للطرف الآخر بالتحدث أكثر، ولكن كما تشير عالمة النفس بجامعة فرجينيا، كوين هيرشي وزملاؤها في مقال نشروه مؤخرًا في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Personality and Social Psychology)، فإن نصيحة كارنيجي تركز في الواقع على جزئين وهما كالآتي: أولاً، مقدار الكلام وثانيًا، ما يجب أن تتحدث عنه.
أصاب كارنيجي عين الحقيقة في نصيحته بشأن رغبة الناس بالحديث أكثر عن أنفسهم، ولكن تؤكد هيرشي وزملاؤها أن هذا لا يعني أنك يجب أن تكون طرفًا صامتًا في المحادثة.
عندما يُطلب من الأشخاص تقييم قدراتهم مقارنةً بالطرف الآخر، فإنهم يُظهرون عمومًا ما يُعرف باسم التحيز المفرط في الثقة. فمثلاً يعتقد غالبية الناس أنهم سائقون أفضل، أو أكثر ذكاءً وجاذبية من الطرف الآخر.
مما لاشك فيه أنه من المستحيل إحصائيًا أن يكون غالبية الناس فوق المتوسط، مما يعني أن الذين يثقون بشكل مفرط في قدراتهم يشكلون نسبة بسيطة.
ولكن عندما يتعلق الأمر بمهارة المحادثة خصوصًا مع الغرباء، يعتقد الكثير من الناس أنهم أقل من المتوسط وهذا صحيح بالنسبة لمحادثات الشباب في عمر الجامعة والبالغين الذين لديهم خبرة أكبر في الحياة. قد يكون هذا بسبب حقيقة أن الناس يفهمون مدى أهمية الانطباعات الأولى.
تشير هيرشي وزملاؤها أيضًا إلى أن العديد من الناس يعانون من معتقدات خاطئة حول كيفية تكوين الانطباعات أثناءالمحادثة مع الغرباء. في إحدى الدراسات، وجد الباحثون أن العديد من الناس ينحازون إلى الاقتصاد في حديثهم، ظنًا منهم بأن الآخرين سيحبونهم أكثر إذا سمحوا لهم بالحديث أكثر.
في الواقع عندما يتحدث الناس أكثر يحصدون استحسانًا أقل، ويوصفون بالأنانية وعدم الاهتمام بالطرف الآخر، وكذلك عندما يكون الناس صامتين أغلب الوقت أثناء المحادثة يُنظر إليهم على أنهم مملين أو منعزلين. مما يعني أنك ستترك انطباعًا أفضل إذا وازنت مقدار الحديث قدر الإمكان بينك وبين الطرف الآخر
وجدت هيرشي وزملاؤها في بحثهم اعتقادًا خاطئًا آخر حول تأثير المحادثة الأولى، والتي أطلقوا عليها اسم صورة كاذبة.
لقد عرف علماء النفس الاجتماعي منذ فترة طويلة أن الناس يميلون إلى تكوين آراء عامة عن الآخرين بعبارات بسيطة مثل “أعجبني” أو “لم يعجبني” وبمجرد أن نتعرف على الأشخاص جيدًا، قد نصل إلى فروق أكثر دقة مثل: “الحديث معها شيق، لكنني لا أحبها كثيرًا”.
لكن بالنسبة لأولئك الذين نتفاعل معهم لفترة قصيرة فقط، فإننا نتبنى أحكام إيجابية أو سلبية بسيطة. فإذا كنا نحب شخصًا ما، فإننا ننسب إليه كل الصفات الرائعة، كقول إنهم بارعون ومن الممتع التواجد معهم، وجذابين، وأذكياء، وما إلى ذلك. كما لو أنه شخص مثالي لا غبار عليه.
تأتي الصورة الكاذبة من الاعتقاد الخاطئ بأن الشركاء في المحادثة يحكمون عليك بناءً على مدى إعجابهم واهتمامهم بك. علاوةً على ذلك، عندما يُسئل الناس عن كيفية تعاملهم في محادثة مع شخص غريب، فإنهم يفيدون بأنهم يستخدمون استراتيجيات مختلفة اعتمادًا على نوع الانطباع الأول الذي يحاولون إحداثه، وخاصةً إذا أرادوا أن يكونوا محبوبين فسوف يسمحون للشخص الآخر بالقيام بمعظم الحديث.
في المقابل، إذا أرادوا أن يعتقد الشخص الآخر أنهم مثيرون للاهتمام فسوف يتحدثون أكثر في محادثتهم.
تشير هيرشي وزملاؤها إلى هذا على أنه “وهم” لأن الناس عمومًا لا يدركون أنهم أنفسهم يشكلون انطباعات أولية إيجابية أو سلبية بسيطة أو “صورة مثالية كاذبة” عن الآخرين. في الوقت نفسه، يفترضون أن الآخرين الذين يلتقون بهم لأول مرة يكونون انطباعات أولية مفصلة عن أنفسهم.
في الواقع، لن يحكم عليك الناس بأنك محبوب أو مثير للاهتمام اعتمادًا على مقدار حديثك، فلا علاقة بين الاثنين. فإذا كانوا يحبونك فسوف يجدونك مثيرًا للاهتمام والعكس صحيح. وكما رأينا بالفعل، لا يحب الناس أولئك الذين يتحدثون بشكل مفرط أو قليلي الكلام، لذا فإن أفضل استراتيجية لكسب الأصدقاء والتأثير على الناس هي بالحفاظ على المساواة تقريبًا عند تبادل المحادثات.
هل هذا يعني أن ديل كارنيجي قد أخطأ إذن؟ هل يجب أن نتحدث أكثر عن أنفسنا إذا أردنا أن يحبنا الآخرين يحبوننا؟ لا تعتقد هيرشي وزملاؤها أن كارنيجي أخطأ الهدف، ولكن قد يكون الناس أساءوا فهم رسالته.
كارنيجي محق في أنك بحاجة إلى أن تسأل الطرف الآخر الأسئلة التي تساعدك على التعرف عليه بشكل أفضل. وهو محق أيضًا في أنه يجب عليك التحدث بالموضوعات المفضلة لهم. فمثلاً، إذا كان شريكك الجديد في المحادثة يريد التحدث عن الصيد، فدعه يشاركك “حكاياته عن الصيد”، ولكن قم أيضًا بمشاركة رأيك وتجاربك في الصيد، حتى لو لم تكن هوايتك المفضلة.
يمكنك إخبارهم عن المرة الوحيدة التي ذهبت فيها لصيد الأسماك عندما كان كل ما قمت باصطياده هو قارب مطاطي قديم. يمكنك أيضًا التعبير عن عدم محبتك لصيد الأسماك، ولكن من خلال غزله بطريقة إيجابية: “واو، أعتقد أنك صبور للغاية للجلوس هناك في انتظار الأسماك لالتقاط الطعم لم أستطع فعل ذلك أبدًا”.
باختصار، يمكنك حقًا كسب الأصدقاء والتأثير على الناس من خلال السماح لهم بالتحدث، تمامًا كما قال كارنيجي. لكن لايزال لديك نصف المحادثة. فقط تأكد من استخدام دورك في الحديث جيدًا لإظهار مدى إعجابك بالشخص الذي تتحدث إليه.
المصدر: https://www.psychologytoday.com
ترجمه: رغد المطيري
مراجعة وتدقيق: د. فاتن ضاوي المحنّا
تويتر: @F_D_Almutiri
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً