تغيير عادة النقد الذاتي

تغيير عادة النقد الذاتي

12 يناير , 2023

عادة التحدث النقدي مع النفس مهمة بقدر ما نقول.

 النقاط الرئيسية

  • يرتبط النقد الذاتي بقوة بالاكتئاب والقلق والصدمات النفسية والإدمان واضطرابات الأكل.
  • يؤثر السلوك المعتاد للتفكير النقدي الذاتي على الاكتئاب والقلق بقدر ما يؤثر على أفكار النقد الذاتي نفسها.
  • ممارسة تقنيات عقلية محددة يمكن أن تغير بشكل كبير عادة النقد الذاتي.

أي جانب من النقد الذاتي يسبب الضيق أكثر، محتوى نقدك ذاتك، أم عادة نقدك ذاتك طوال اليوم؟

يمكن أن تسبب رؤيتك نفسك كسولًا أو بدينًا أو غبيًا أو فاشلًا -سواء بالكلمات أو كموقف عام- قدرًا عميقًا من الألم النفسي.

 يرتبط النقد الذاتي إيجابًا بمجموعة من حالات الصحة النفسية، ومنها الاكتئاب، والقلق، واضطرابات الأكل، واضطراب ما بعد الصدمة، والإدمان، وإيذاء النفس.

بصفتي اختصاصية علم نفس سريري، سمعت العديد من المرضى يصفون النقد الذاتي العنيف حول جوانب مختلفة من أنفسهم. ويبدو أن النقد الذاتي يجعل كل شيء أسوأ، كما لو أنه يشكل طبقة إضافية من الألم فوق ضغوطات وصعوبات الصحة النفسية الأخرى.

عندما التقي لأول مرة بالمرضى الذين يعانون من النقد الذاتي، فإنهم يبدون مستسلمين لنقدهم ذاتهم بقولهم لي جُملًا مثل “هذا فقط ما أنا عليه”، “لطالما كنت هكذا”، ويصرون على هذا كما لو أنها سمة مبرمجة مسبقًا وغير قابلة للتغيير مثل الطول أو لون العين.

ومع ذلك يتأثر النقد الذاتي بالسياقات العائلية والثقافية، ومنها الإساءة العاطفية، والتمييز العنصري، والتنمر. وتُظهر الأدلة أن الكثير منا يستوعب الرسائل السلبية بحيث تديم عقولنا عادة النقد الذاتي، ويشير البحث أيضًا إلى أنه يمكن تغيير النقد الذاتي.

كيف يؤثر الطبع المعتاد للنقد الذاتي على الصحة العقلية؟

ماذا لو كانت عادة النقد الذاتي لا تقل أهمية عن محتوى أفكار النقد الذاتي نفسها؟ عندما كنت أبحث عن النقد الذاتي من أجل كتابي الجديد ( تمرين التحدث مع الذات) قرأت مجموعة من الدراسات البحثية التي تؤكد على قيمة التعامل مع النقد الذاتي كعادة عقلية قوية، بدلًا من التصدي لجوهر أفكار النقد الذاتي فقط.

يبرز الباحث باس فيربلانكين وزملاؤه القليل من السمات المختلفة للنقد الذاتي التي تسلط الضوء على ماهيته الاعتيادية، وهذا يتضمن مدى تكرار نقدك ذاتك، والسياق الذي يحدث فيه ذلك تلقائيًا، والبراعة التي يقفز بها عقلك لتنتقد ذاتك في أي موقف صعب، ودرجة حدوثه خارج نيتك أو وعيك أو سيطرتك.

أنشأ فيربلانكين وآخرون مقياسًا للتقرير الذاتي يسمى مقياس العادة للتفكير السلبي (HINT)، وبتحليل الإجابات على الأسئلة التالية يقيم فريق البحث درجة ارتباط المشاركين بالتفكير النقدي الذاتي عن طريق جعلهم يجيبون عن التالي:

يُعد التفكير السلبي عن نفسك شيئًا…

  • أفعله كثيرًا.
  • أفعله تلقائيًا.
  • أفعله لا إراديًا
  • يبدو هذا طبيعيًا نوعًا ما بالنسبة لي.
  • أفعله بدون أي تفكير.
  • يتطلب هذا مجهودًا ذهنيًا للتخلص منه.
  • أفعله كل يوم.
  • بدأت بفعله قبل أن أدرك ذلك.
  • أجد صعوبة في عدم القيام به.
  • لا أفعله عن قصد.
  • هذا تمامًا ما أنا عليه.
  • لقد كنت أفعل ذلك لمدة طويلة.

وجد الباحثون أن مستويات النقد الذاتي المعتاد -كما قيست بواسطة مقياس العادة للتفكير السلبي (HINT)- ساهمت في أعراض الاكتئاب والقلق على مدى فترة 9 أشهر في عينة من 1,102 من المستجوبين (641 امرأة و461 رجلًا). فقد تنبأ النقد الذاتي بالاكتئاب والقلق حتى خارج محتوى الأفكار السلبية نفسها -وقد قيس بواسطة معيار السلوك الاضطرابي– وحتى بعد حساب ضغوط العمل والإجهاد المنزلي والعمر والجنس.

لا تخبرنا هذه النتائج أن عادة النقد الذاتي تسبب مشاكل ذهنية أكثر من النقد الذاتي نفسه، لكن بدلًا من ذلك أن كلا الجانبين من النقد الذاتي يؤثران على الاكتئاب والقلق. ربما يبدو قليلًا مثل التدخين: فالتدخين نفسه يسبب مشاكل صحية، لكن عادة أو إدمان التدخين يكاثر السلوك.

كيف تغير عادة النقد الذاتي؟

يمكن أن يكون الوعي بالسلوكيات الافتراضية خطوًة قيمًة نحو تغيير العادات، ولكن الوعي أو النوايا وحدها (“يجب أن أكون حقًا ألطف مع نفسي”)، من غير المحتمل أن تنتج تغييرًا. بدلًا من ذلك، يشير البحث إلى أن الناس يقومون بتغييرات كبيرة في النقد الذاتي عن طريق تقنيات عقلية محددة تقلل من الحكم على الذات وتعزز التعاطف معها.

مصطلح “التعاطف مع الذات” يعني معاملة نفسك بود ورعاية، حتى خلال اللحظات الصعبة أو الفشل. والتعاطف مع الذات ليس هو نفسه احترام الذات الذي ينطوي على تقييم نفسك إيجابيًا أو سلبيًا.

يعد كلًا من التأمل الذهني وتأمل الحب نهجين محددين يقللان من النقد الذاتي، وتعد كلتا الممارستين تدريبات تركيز حيث إنها تصوب انتباهك العقلي بعيدًا عن الأفكار المعتادة. قد لا تبدو هذه التدريبات سهلة بشكل خاص، أو كما لو أنها تُعالج على الفور، لكن الأدلة البحثية تؤكد بقوة على أنها تقلل من النقد الذاتي بمرور الوقت.

لا يتعلق التأمل الذهني بتنقية عقلك، بل بممارسة تمييز وإعادة تشكيل تجاربك الذهنية. يمكنك البدء بضبط الإحساس بأنفاسك، ثم إعادة توجيه انتباهك مرة أخرى إلى التنفس، لمدة 10 دقائق أو أكثر.

وليس الهدف هو قمع الأفكار التي تنشأ، لكن بدلًا من ذلك إعادة انتباهك مرة أخرى إلى التنفس بأقل قدر ممكن من النقد الذاتي (“لقد تخبط ذهني، لا بأس بذلك، لنعد الآن للتنفس”). وعندما تنتبه أن النقد الذاتي على وشك تشتيت ذهنك تعامل معه ببساطة كما تفعل مع أي تفكير آخر (“هذا نقد ذاتي، لا بأس، لنعد إلى التنفس”).

يشعر بعض الناس بالإحباط من مدى تخبط عقولهم، لكن يمكن لهذا الانجذاب الشديد نحو عادة النقد الذاتي أن يتغير من خلال الممارسة المنتظمة للتأمل المتكرر. في الواقع، يبدو تقليل الحكم كآلية مفتاحية تشرح سبب تحسين اليقظة للصحة النفسية.

ويوجد نطاق آخر يقلل النقد الذاتي بشكل هادف ألا وهو تأمل الحب (LKM) تتضمن الممارسة عدة دقائق من تكرار عبارات لنفسك بصمت، مثل: “هل لي أن أكون آمنًا؟ هل لي أن أكون سعيدًا؟ هل لي أن أكون بصحة جيدة؟ هل لي أن أعيش بيسر؟”

يقول طلابي أحيانًا أن تكرار العبارات يبدو غريبًا أو محرجًا في البداية لكن بعد بضعة أسابيع من الممارسة المعتادة لاحظوا أن النقد الذاتي أصبح أقل. وتظهر الدراسات أن تأمل الحب يقلل النقد الذاتي، واضطراب ما بعد الصدمة ، والاكتئاب.

إذا كان من الصعب أن تضيف إلى يومك خمس أو عشر دقائق من التدريب لكي تغير عادة النقد الذاتي، فأنا أشجع الناس على البدء بنَفَس واحد. “شهيق يا صديقي، زفير يا صديقي”. يمكن أن يكون نَفَس واحد بدون نقد ذاتي نقطة بداية لتحول عاداتك الذهنية، وبناء علاقة جديدة مع نفسك أكثر ودًا وتشجيعًا ورحمًة.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: ياسمين عبد الوهاب الشيخ

مراجعة وتدقيق: أماني نوار

تويتر: amani_naouar


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!