الحُمية الغذائية عالية الدهون يمكنها استثارة التحسس للألم حتى في غياب السمنة ومرض السكري

الحُمية الغذائية عالية الدهون يمكنها استثارة التحسس للألم حتى في غياب السمنة ومرض السكري

6 يناير , 2023

ترجم بواسطة:

أروى حسني

دقق بواسطة:

زينب محمد

أسفرت دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من جامعة تكساس في دالاس على مجموعة من الفئران عن إمكانية الربط بين اتّباع حُمية غذائية عالية الدهون لفترة قصيرة والحساسية للألم حتى في ظل غياب سابقة مرضية كالسُمنة ومرض السكري.

الدراسة المنشورة بسبتمبر الماضي في دورية Scientific Reports أجرت مقارنة بين التأثيرات الناجمة عن اتّباع حُميات غذائية مختلفة لمدة ثمانية أسابيع على مجموعتين من الفئران حيث تلقّت إحدى المجموعتين الغذاء الطبيعي المعتاد، بينما غُذيّت الأُخرى باتّباع حُمية غذائية عالية الدهون شريطة أن لا تتسبب في إصابتهم بالسمنة أو مرض السكري الذيْن يصنفان من الحالات المرضية التي يُمكن أن ينتج عنها الاعتلال العصبي السكري بالإضافة لأنواع أُخرى من الألم.

وجد الفريق البحثي أن الحُمية الغذائية عالية الدهون استحثت حالتين اثنين؛ فرْط التَّأَلُّم وهو تغير عصبي يُمثل عملية تحوّل الألم الحاد إلى مزمن، والألم الخيفي وهو الألم الذي ينجم عن تَنْبيه لا يستحث الألم في العادة.

علّق الطبيب مايكل بيرتن؛ المؤلف المُراسل والأستاذ المساعد في علم الأعصاب في مدرسة العلوم السلوكية والدماغية قائلًا: “تُبيّن هذه الدراسة أن استثارة الألم لا تستلزم كونك بالفعل مُصابًا بالسُمنة أو مرض السكري، بل ولا يُشترط مطلقًا وجود أي مرض أو إصابة، حيث إن اتّباعك لحُمية غذائية عالية الدهون -وهي حُمية تُشبه ما نتّبعه جميعنا تقريبًا في مرحلةٍ ما- لفترة قصيرة سيتكفل بحدوث تلك الاستثارة”.

وقد أُجريت مقارنة في الدراسة بين الفئران المُصابة بمرض السكري والسمنة، والفئران التي اختبرت تغييرات في الحُمية الغذائية من ناحية أخرى.

وأضاف بيرتن: “صار واضحًا بل ومثيرًا للدهشة أنه لا حاجة لوجود حالة مرضية كامنة أو سُمنة، حيث إن جُلّ ما يتطلبه الأمر هو الحُمية الغذائي ليس إلا. وتُعد هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي توَضّح الدور التأثيري لاتّباع حُمية غذائية عالية الدهون لفترة قصيرة في الألم المزمن والخيفي”.

الحُميات الغذائية المُتّبعة في الغرب غنية بالدهون، وبالأخص الدهون المشبّعة المُثبت تسببها في وباء السُمنة ومرض السكري والحالات ذات الصلة بهما. ويعاني الأفراد الذين يستهلكون الكثير من الدهون المشبعة -كتلك الموجودة في الزبدة والجبن واللحوم الحمراء- من أعداد متزايدة من الأحماض الدُهنية الحرة ‘غير المؤسترة’ تدور في مجرى الدم والتي بدورها تستثير الالتهاب الجهازي.

منذ فترة وجيزة، أثبت العلماء أن هذه الحُميات الغذائية عالية الدهون تُسبب -في غياب السُمنة- زيادة التحسس للآلام الحركية، كما تؤدي أيضًا لتفاقم الحالات المرضية الموجودة مُسبقًا أو إعاقة التعافي من الإصابات. على كلٍ؛ لم توَضّح أي دراسات كيف يُمكن للحُميات الغذائية عالية الدهون بمفردها أن تكون عاملاً تحسسيًا لاستثارة الألم من مُنبّه غير مؤلم كلمسة خفيفة على الجلد.

استطرد بيرتن قائلًا: “شهدنا في الماضي أن نسبة من واجهوا الألم الخيفي في الحالات المُصابة بمرض السكري أو السُمنة من البشر أو الحيوانات تُمثل جزءًا من مجمل الحالات، فقد كانوا يتفاوتون على نطاق واسع ولم يكن السبب وراء ذلك واضحًا مما جعلنا حينها نفترض حتمية وجود عوامل أُخرى مُحرّكة”.

حاول بيرتن وفريقه البحث عن الأحماض الدهنية المُشبعة في دماء الفئران التي غُذيّت طعامًا غنيًا بالدهون، ووجدوا أن هناك نوعًا من الأحماض الدهنية يُدعى “حمض النخيل” -أحد أكثر الأحماض الدهنية المشبعة شيوعًا في الحيوانات- يرتبط بمستقبلات خاصة على الخلايا العصبية في عملية ينجم عنها التهاب وتحاكي ما يلحق بالخلايا العصبية من ضرر ناتج عن إصابةٍ ما.

علّق بيرتن قائلًا: “نتاج عمليات الأيض لهذه الحُمية الغذائية تُسبب حدوث الالتهاب بفترة زمنية تسبق قدرتنا على ملاحظة أي تطور مَرضي، كما نتج عن الحُمية الغذائية ذاتها علامات على ضرر عصبي. الآن وقد علمنا أن الخلايا العصبية الحسيّة هي من طالها التأثير، يبقى التساؤل عن كيفية حدوث ذلك. وقد ظهر الجواب من خلال اكتشافنا أنه وبتنحية المستقبلات التي يرتبط بها حمض النخيل جانبًا؛ لن تُرى هذه الآثار التحسسية على تلك الخلايا العصبية مما يطرح إمكانية وجود طريقة دوائية للتثبيط”.

وأخبر بيرتن أن الخطوة التالية ستُركز بصفة أساسية على الخلايا العصبية ذاتها وستتناولها من جهتين؛ الكيفية التي تنشط بها هذه الخلايا ومدى إمكانية عكس أو معالجة ما يلحق بها من أضرار. وتُمثل تلك الخطوة جزءًا من جهد أكبر يُبذل في محاولة فهم واستيعاب أدق لعملية تحوّل الألم الحاد إلى مزمن.

وأضاف بيرتن: “للآليّة الكامنة وراء هذا التحوّل أهمية بالغة، حيث إن الألم المزمن -أيًا كان مصدره- هو ما يؤجج وباء الأفيونات، لذا إن توصلنا لطريقة تمنع تحوّل الألم الحاد إلى ألم مزمن فسيكون لذلك مردود إيجابي بالغ الأثر”.

وعبّر بيرتن عن آماله في أن يُحفز بحثه أخصائي الرعاية الصحية ويدفعهم للأخذ بعين الاعتبار دور الحُمية الغذائية ومدى تأثيرها على الألم.

كما صرّح قائلاً: “الدافع الأكبر وراء إجرائنا لمثل هذه الأبحاث يكمُن في رغبتنا في فهم متعمق لعلم وظائف أعضائنا. فعندما يلجأ مريض لزيارة طبيب، يعمل الأطباء على مداواة الأعراض الناجمة عن المرض الأساسي أو الحالة المرضية الكامنة.

لكن ربما نحن بحاجة إلى تولية مزيد من الاهتمام عن كيفية وصول المريض لهذه الحالة والسبب الذي دفعه للمجيء من الأصل. فالتساؤلات عمّا إذا كانت معاناة المريض من التهابات نجمت عن السمنة أَم مرض السكري وأيضًا عمّا إذا تسبب اتّباعهم لحُمية غذائية سيئة في زيادة تحسسهم للألم بدرجة تخطت إدراكهم؛ ستُمثل جميعها نقلة نوعية”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: أروى حسني الظاهر

تويتر: arwaelzaher

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!