وجد الباحثون باستخدامهم لنموذج الفأر نظم يومي جديد في نوع الوصلة العصبية التي تخمد نشاط المخ. تسمى هذه الوصلات العصبية بالوصلات المثبطة وهي متزنة لذلك نستطيع إدخال معلومات جديدة في الذاكرة طويلة الأجل أثناء النوم.

يمكن أن تساعد الاكتشافات التي نشرت في PLOS بيولوجي في توضيح قدرة تغيرات الاتصال العصبي الدقيقة على تقوية الذاكرة عند الإنسان. كانت هذه الدراسة تحت قيادة باحثو المعهد القومي للاضرابات العصبية والسكتة الدماغية (NINDS)، وهي جزء من المعاهد القومية للصحة.

التثبيط مهم لكل وظائف المخ كما أوضح الدكتور وي لو كبير الباحثين في (NINDS). في هذا الصدد، ركزت معظم دراسات النوم التي أجريت منذ عقدين وأكثر على فهم الوصلات العصبية المثيرة، وتعد هذه هي الدراسة الأولى التي حاولت توضيح كيف تنظم الوصلات العصبية المثبطة النوم واليقظة.

 فحص كونوي وو، الحاصل على درجة الدكتوراه وزميل ما بعد الدكتوراه في مختبر الدكتور لو في هذه الدراسة ما يحدث في الوصلات العصبية المثبطة أثناء النوم واليقظة في الفئران. أظهرت التسجيلات الكهربية للأعصاب في حصان البحر_ منطقة في المخ مهمة لتكوين الذاكرة_ نمط من نشاط غير مسبوق.

 زاد النشاط المثبط “الثابت” أثناء اليقظة، بينما انخفض التثبيط “التدريجي” السريع، كما وجدوا أيضًا تعزيزًا أكبر بكثير يعتمد على النشاطات للاستجابات الكهربية المثبطة في الخلايا المثبطة للفئران المستيقظة مما يشير إلى أن اليقظة وليس النوم يمكنها تقوية هذه الوصلات العصبية أكثر.

تستخدم الخلايا العصبية الناقل العصبي حمض الجاما أمينوبوتيريك (GABA) لتقليل النشاط في الجهاز العصبي، حيث تطلق هذه الخلايا العصبية في الوصلات العصبية المثبطة مركبات حمض الجاما أمينوبوتيريك (GABA) بموضع التشابك، وهو المنطقة الواصلة بين الخلايا العصبية حيث تطلق النواقل الكيميائية.

ترتبط المركبات بمستقبلات (GABA) من النوع (A) على أسطح الخلايا العصبية المثيرة المجاورة، مما يجعلهم أقل قابلية للإطلاق.

أوضحت تجارب أخرى أن التغيرات التي تحدث في موضع التشابك أثناء اليقظة كانت مدفوعة بعدد متزايد من مستقبلات α5-GABAA. في حالة تثبيط المستقبلات في الفئران المستيقظة، مما أدى إلى تضاؤل تعزيز النشاط المعتمد على الاستجابات الكهربية الطورية.

يشير تراكم هذه المستقبلات أيضًا أثناء اليقظة إلى احتمالية بناء تشابكات عصبية مثبطة أقوى وأكثر كفاءة، وهي عملية أساسية تعرف باسم المرونة العصبية.

عندما تتعلم معلومات جديدة أثناء النهار تتلقى الخلايا العصبية إشارات مثيرة من قشرة الدماغ وكثير من المناطق الأخرى في المخ. ولتحويل هذه المعلومات للذاكرة، تحتاج أولًا لتنظيمها وتعزيزها_ وهنا يأتي دور التثبيط كما قال دكتور لو.

أوضحت الدراسات السابقة أن التغيرات التي تحدث في التشابك في الحصين قد تكون مدفوعة بإشارات تنشأ من الخلايا العصبية الداخلية المثبطة، وهو نوع خاص من الخلايا التي تشكل حوالي 10-20% فقط من الخلايا العصبية في المخ.  تجدر الإشارة أنه يوجد أكثر من 20 نوعًا فرعيًا مختلفًا من الخلايا العصبية الداخلية في الحصين، ولكن الدراسات الحديثة سلطت الضوء على نوعين يعرفان بالبارفالبومين والسوماتوستاتين، حيث يشاركان بشكل أساسي في تكوين التشابك العصبي.

استخدم فريق الدكتور لو علم البصريات لتحديد الخلايا العصبية الداخلية المسؤولة عن المرونة التي لاحظوها، وهي تقنية يستخدم فيها الضوء لتشغيل الخلايا أو إيقافها، ووجدوا أن اليقظة أدت إلى زيادة مستقبلات (a5-GABAA) وتعزيز الاتصال بين الخلايا العصبية الداخلية كالبارفالبومين، لكن بدون السوماتوستاتين.

يتشابه البشر مع الفئران في دوائر عصبية مماثلة تكمن وراء تخزين الذاكرة وغيرها من العمليات المعرفية الأساسية وغيرها، لذلك من الممكن أن تكون هذه الآلة وسيلة عملية للتحكم بدقة في استقبال وإرسال المعلومات بين الخلايا العصبية خلال شبكات المخ الداخلية.

وفي هذا الصدد أوضح الدكتور لو قائلاً: “التثبيط في الواقع قوي جدًا، لأنه يسمح للمخ بالعمل بطريقة دقيقة كما أنه المسؤول الرئيس عن الوعي بأكمله”.

يمكن أن تساهم هذه الدراسة في مساعدة العلماء ليس فقط على فهم دورات النوم والاستيقاظ، أيضًا الاضطرابات العصبية الناتجة عن إيقاعات الدماغ غير الطبيعية، مثل الصرع، نظرًا لأن التثبيط ضروري لكل جانب من جوانب وظائف المخ تقريبًا.

تخطط مجموعة الدكتور لو لاكتشاف الأساس الجزيئي في المستقبل لتسلل مستقبلات (GABAA) إلى التشابكات المثبطة.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: رانيا أحمد دربالة

مراجعة وتدقيق: زينب محمد