شعار «الصحة النفسية مهمّة» لا يكفي، ليس عقلك المؤثّر الوحيد على صحتك النفسية

شعار «الصحة النفسية مهمّة» لا يكفي، ليس عقلك المؤثّر الوحيد على صحتك النفسية

2 ديسمبر , 2022

ترجم بواسطة:

مهد

دقق بواسطة:

زينب ديرشة

النقاط الرئيسية

  • ليست العوامل البيولوجية، ولا العوامل السلوكية -التي يمكن التحكم بها- هي ما يحدد صحة المرء ولكن طبقات من الأنظمة المتقاطعة.
  • بعض البيئات الاجتماعية، والطبيعية قد تؤثر بدرجة أكبر أو أقل على الصحة النفسية.
  • الصحة النفسية هي صحة جسدية (عضوية) أيضًا والعكس صحيح، ومن غير الدقيق تعريفها على أنها مجموعة من المشاعر غير المرغوب بها أو الأفكار المتصارعة وحسب.

كان 10 أكتوبر يوم الصحة النفسية العالمي، ومن خلاله ردّدت معظم الأعمال التجارية شعار «الصحة النفسية مهمّة»، ورَغْم أن الوعي بالصحة النفسية يُعد خطوة مهمة نحو تخفيف الوصمة؛ مما يسهّل طلب المساعدة واللجوء إلى المختصين، إلا أن الوعي بأن الصحة النفسية في حقيقتها تتأثر بعوامل سياقية متداخلة، ما زال محدودًا.

النموذج البيئي-الاجتماعي للصحة

 النموذج البيئي-الاجتماعي للصحة هو نموذج اقترحه علماء الصحة العامّة منذ حوالي 3 عقود من أجل فَهْم تطور الإنسان، ومراعاة (النظام البيئي) بأكمله الذي يحدث فيه النمو إضافة إلى العوامل البيولوجية والجينية.، وقد زاد الاهتمام به مؤخرًا.

فبناءً على هذا النموذج، لا تُحدّد صحة الفرد بناءً على العوامل البيولوجية ولا العوامل السلوكية التي يمكن للمرء أن يتحكّم بها، ولكنها أيضًا تتأثر بمجموعات دقيقة من الأنظمة المتقاطعة، وبمستويات متفاوتة، بما في ذلك: العوامل البينشخصية (أي العوامل الناتجة عن التفاعلات بين الأشخاص أي التي تتأثر بالضرورة بالعَلاقات الشخصية.)، والمؤسساتية، والمجتمعية، والسياسات العامّة والتي قد تكون إما مصدرًا للضغط النفسي أو المقاومة.

ويعني ذلك تِباعًا أن العوامل المرتبطة بنمط الحياة الفردي كالسلوكيات الصحية وممارسة التمارين، والحمل الإدراكي ونمط التفكير، والروحانية هي عوامل ذات تأثير محدود؛ إذ تشكّل مجرد طبقة واحدة من شبكة معقدة من الأمور المؤثرة على الصحة النفسية، فصِغر السن أو تقدمه، والأُميَّة، والجينات هي عوامل فردية مؤثرة على الصحة يمكن التصرف بناءً على البعض منها لتحسين صحة المرء النفسية، كتعزيز الثقافة الصحية في المجموعات ذات مخاطر الإصابة العالية بالأمراض النفسية أو الجسدية.

وبعيدًا عن العوامل المعزوّة إلى نمط الحياة والعوامل البينشخصية، يوجد عوامل مرتبطة بالبيئة الاجتماعية والطبيعية وهي بدورها قد تؤثر بدرجة أكبر أو أقل على الصحة النفسية.

فعلى سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون في أماكن تعاني شَحًّا في مصادر الطعام، والعاطلين عن العمل، ومن هم محدودي الوصول إلى الخدمات الصحية ووسائل المواصلات، ومن يعانون من محدودية في الأماكن العامة الآمنة للمشاة (الطرق المؤنسنة، أي التخطيط الهندسي الصحيح لطرق المشاة وذوي الإعاقة والسيارات والدراجات بحيث تكون المدينة أكثر ملائمة للإنسان وتحركاته وجاذبة للمتنقلين) هم أيضًا أكثر عُرْضة للمشكلات في الصحة النفسية، وذلك ببساطة عائد إلى طبيعة البيئة الصناعية التي يعيشون فيها.

أخيرًا البيئة الطبيعية عامل مؤثر على الصحة النفسية، وهذا يشمل الأمور العشوائية كالكوارث الطبيعية في مناطق جغرافية محددة، والجوائح، والأوبئة ومدى سهولة الوصول إلى بعض الموارد الطبيعية الهامّة كالماء العذب مثلًا.

كل هذا يؤكد على أن الصحة النفسية، مفهومًا، أعقد مما يدور في ذهنك فقط، بل إن الصحة النفسية أمر يتشكل من خلال تاريخك الشخصي والأشخاص المحيطين بك، ومجتمعك المحلي، ومنطقتك الجغرافية، والأحداث العالمية. الكثير من هذه الطبقات خارجة عن نطاق سيطرتك الفردية، بل وتوجِب تحسينات مؤسساتية وتغييرات إصلاحيّة.

الصحة النفسية هي صحة جسدية (عضوية) أيضًا والعكس صحيح، ومن غير الدقيق تعريفها على أنها مجموعة من المشاعر غير المرغوب بها أو الأفكار المتصارعة وحسب.

ورَغْم أن كل تلك الطبقات المؤثرة على الصحة النفسية قد تبدو محطِّمة (وداعية للتشاؤم) إلا أن الاعتراف بالصعوبات الحقيقية قد يكون داعمًا وممكّنًا لتلك الأقليات المجتمعية.

فالوعي الصحيح والذي قد يكون غير مريح أحيانًا، يُعد خطوة هامة تقربنا نحو حل المشكلة وإجراء تدّخلات قابلة للتعميم، لا تقاوم الصعوبات الاجتماعبيئية فحسب وبل وتعيد تشكيل المناظر العامة لتلك البيئات، مساهمةً بذلك في صنع بيئة استباقية وعادلة تدعم الصحة النفسية للجميع.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: مهد

مراجعة وتدقيق: زينب ديرشة


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!