هل أصبحت حصونك المعنوية سجنًا عاطفيًا؟

هل أصبحت حصونك المعنوية سجنًا عاطفيًا؟

1 ديسمبر , 2022

ترجم بواسطة:

رشا الحربي

دقق بواسطة:

زينب محمد

كيف تُحرر نفسك من منفاك الاختياري في الحياة؟

النقاط الرئيسية

  • غريزة البقاء لدينا ليست مبرمجة ومهيئة لمعظم “التهديدات” في العصر الحديث.
  •  تتحول الحصون التي نبنيها لحماية أنفسنا من الألم إلى سجون تمنعنا من أن نعيش حياتنا كما ينبغي وعلى أكمل وجه.
  • لمغادرة هذا السجن الذي فرضناه على أنفسنا إما أن نتحدى هذه التهديدات الافتراضية ونتخلص منها أو أن نتحلى بالثقة والإيمان المطلق لنغامر ونخاطر مهما كانت النتيجة.

تطورت غريزة البقاء لدينا لحماية أنفسنا من الأذى ولضمان بقائنا، فكانت الدافع الرئيسي الخفي في حمضنا النووي منذ بزوغ أول خلية، لذا نجحت في بداية النشأة الإنسانية. ولكن لسوء الحظ تغير الزمن بالنسبة لنا، ففي العالم المتقدم لا نواجه نفس هذه التهديدات الوجودية التي اعتدنا عليها، ويعود سبب ذلك في أن دماغنا البدائي لم يتطور بالسرعة الكافية لفهم هذا التغيير، مما فاقم المشكلة وأدى إلى حدوث التباس بين التهديدات النفسية المعنوية والتهديدات الحقيقية الوجودية في عالمنا المادي.

ما يعنيه هذا هو أنه على الرغم من أننا نادرًا ما نشعر بالتهديدات الحقيقية الوجودية في حياتنا إلا أننا لا نزال نشعر بضرورة ملحة لحماية أنفسنا من التهديدات غير المؤذية. وتظهر غريزة البقاء لدينا عندما ننفعل ونستجيب فورًا للمثيرات والمحفزات العاطفية (والتي قد تحدث بسبب تراكم مجموعة من الاضطرابات كانعدام الأمان والشكوك والقلق والمخاوف) ونمر حينها بمشاعر قاسية مثل الخوف أو الغضب، وربما سنستخدم أسلوب الكرّ والفرّ أي إما أن نهجم أو نتراجع. وهنا تكمن المشكلة، فلعلّ هذا الأسلوب نجح في سيرينغيتي (Serengeti) [منطقة بتنزانيا] منذ 250 ألف عام، لكنه عادةً لن يجدي نفعًا في العصر الحديث.

بناء حصن معنوي

وقد تطور هذا الأسلوب لدينا (أي أسلوب الكر والفر) حتى أصبحنا نستخدمه بطرق غير مباشرة مثلاً: من خلال إظهار السلوك السلبي العدواني أو الابتعاد عن شخص أساء إلينا. ولديّ طريقة متطورة استخدمها (حتى وإن لم تكن بناءة) للتعامل مع التهديدات الافتراضية النفسية، وهي أن نبني حصنًا مجازيًا بجدران عالية وبوابة كبيرة، (فلتتخيل حصون إنجلترا في العصور الوسطى) والغرض منها هو حمايتنا من جحافل الغزاة (أي المشاعر العاطفية) التي نعتقد أنها ستؤثر بنا بشدة وتؤذينا.

ويُبنى هذا الحصن بعدة طرق؛ فعلى سبيل المثال، عندما نعزل أنفسنا عن الآخرين وإذا أردنا حماية أنفسنا من الضعف العاطفي وعند إنهاء العلاقات عندما تصبح في أصعب أوقاتها، فالسبب وراء بنائها هو للحد من شعورنا بالتهديد ولجعلنا نشعر بالأمان والراحة.

لكن المشكلة في هذه الطريقة هي أننا لن نشعر بالأمان والراحة إلا إذا بقينا بداخلها؛ ولا نستطيع المغادرة دون تعريض أنفسنا للتهديدات التي نعتقد أنها تنتظرنا خارج أبوابها. لكن هل تعرف ماذا يسمى الحصن الذي لا نستطيع مغادرته؟ سجن. فإذا غلبت حاجتنا إلى الأمان على رغبتنا في أن نعيش حياتنا كما ينبغي وعلى أكمل وجه، فلن نرغب في أن نغادر عش الأمان الذي بنيناه بين تلك الجدران العالية وتلك البوابة الكبيرة.

 وإذا كنت قد بنيتها لنفسك وتحولت إلى سجن عاطفي فيجب عليك أن تجد طريقة لتخرج منها حتى تُقبل على حياة ذات معنى مليئةً بالرضا والبهجة دون أي شك أو قلق أو حتى خوف.

التحرر من براثن حصن السجن خاصتك

 هناك طريقتان لتغادرها، حيث الطريقة الأولى هي مقاومة ومواجهة التهديد الذي يبقيك محبوسًا في داخلها.

وإليك بعض الأسئلة لتطرحها على نفسك:

  • ما هو التهديد الخفي الذي يبقيك مسجونًا (قد ينتج عادةً من ألم عاطفي عميق جراء التعرض لصدمة واحدة أو لعدة ضغوط مستمرة)؟
  • هل التهديد حقيقي أم وهمي؟
  • ما هو احتمال أن يتحقق التهديد إذا غادرت حصنك/سجنك؟
  •  ما مدى احتمالية أن تكون بخير ولن تتأذى إذا خرجت (حتى على الرغم من أنك لن تشعر بالراحة عند فعلها لكن مع ذلك، هل تعتقد أنك ستكون على مايرام)؟
  • ما الذي يتعين عليك القيام به لمغادرة حصنك/سجنك (على سبيل المثال، ما هي الخطط والاستعدادات والدعم المطلوب)؟

والطريقة الثانية هي أن تعزم وتقرر أن الوقت قد حان للمغادرة والمخاطرة مهما كانت العواقب، لذا هناك أربع مقومات يجب أن تتواجد عندما تفكر في تبني هذا النهج. أولاً، عند وصولك إلى نقطة في حياتك سئمت فيها من تعرضك للسجن رغمًا عنك (وخاصةً عندما تكون أنت القاضي والجلاد) حيث بلغ السيل الزبى ولم يعد البقاء في حصنك/سجنك خيارًا متاحًا.

ثانيًا، يتحول هذا الدافع إلى إصرار وعزيمة قوية على المغادرة حتى وإن شعرتَ بعدم الارتياح، فعندما تتغلب قوة إرادتك وعزيمتك على خوفك مما قد يحدث، سوف تفتح بواباتها وتُحرر نفسك من ذلك السجن الذي فرضته على نفسك.

ثالثًا، أن تدرك وتتقبل أنك ستتألم، وقد تعيش تجارب الماضي الصعبة من جديد وستُظهر بعض الانفعالات الشديدة، ولكن قد ترى أيضًا أنها لن تؤلمك كما ظننت. وبمجرد أن تتخطى الصدمة الأولية عندما تركت نفسك عرضةً للخطر أيًا كان وأنت تخطو عبر تلك البوابات، فإنك ستستبدل هذه المشاعر السيئة بمشاعر ارتياح وتقبل وتحرر وستعيش حياتك على أكمل وجه مستشعرًا جميع تجاربك وخبراتك ومن هم حولك كذلك.

أخيرًا، إن اخترت الطريقة الثانية يجب أن تدرك أنك لن تجزم وتتيقن بما سيحدث لك عندما تفتح هذه البوابات وتغادرها، حتى وإن تألمت كما اعتقدت، ففي معظم الحالات لن يكون بذلك السوء الذي تخيلته. لذا لتحرير نفسك من سجنك المزعوم يجب أن تؤمن وتثق بأنك ستكون بخير مهما كان وجميع الأمور الجميلة ستحدث تباعًا، فالعيش حُرًا أفضل من العيش بأمان.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: رشا الحربي

تويتر: @eunlina7

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!