كيف نعرف عمر الكون؟

كيف نعرف عمر الكون؟

28 نوفمبر , 2022

ترجم بواسطة:

سمر عبد الرحمن

دقق بواسطة:

زينب محمد

يبلغ عمر الكون قرابة 13.8 مليار عام، ولكن كيف يتسنى لنا معرفة ذلك؟

يمكننا تخمين العمر التقريبي للكون عن طريق تحليل الضوء. 

ينتشر في فراغ الفضاء النجوم، والمجرات، والبقايا النجمية، وأجسام أخرى، التي تبلغ المليارات والمليارات من الأعوام. يبلغ عمر الكون الآن قرابة 13.8 مليار عام، على نحوٍ يصعب فهمه. ولكن كيف نعرف ذلك؟ 

يمكننا تحديد عمر الكون إلى حدٍ ما عن طريق تحليل الضوء والأنواع الأخرى من الإشعاعات التي تسافر في الفضاء السحيق، ولكن لم يتفق العلماء تمامًا على عمر الكون ولازالوا يبحثون عن الإجابة كلما تقدمت التلسكوبات.

اكتشف عالم الفلك إدوين هابل في فترة 1920 طريقة لكشف العلاقة بين مسافة الجسم اعتمادًا على الوقت الذي يستغرقه ضوءه ليصل للأرض ومدى سرعته في الابتعاد عنا اعتمادًا على كمية الضوء المنزاح حراريًا من الأجسام البعيدة أو الذي تحرك تجاه الجانب الأقل في الطاقة (أو الأكثر احمرارًا) من الطيف الكهرومغناطيسي

يصف هذا المعيار الذي يُعرف بثابت هابل اتساع الكون في مواقع مختلفة. يكون ثابت هابل أعلى في الأجسام الأبعد، والعكس صحيح مما يُرجح أن اتساع الكون في تسارع. واحدة من النتائج المترتبة على هذا الاكتشاف هي ازدياد صعوبة إثبات عمر الكون.

يُعتقد أن يكون عمر الكون في الوقت الحالي نحو 13.8 مليار عام. قدر هذا العمر مجموعات مختلفة من العلماء الذين أعلنوا اكتشافاتهم في عام 2020 بعد إعادة تقييم البيانات من سفينة الفضاء بلانك التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية وتحليل البيانات من تلسكوب أتاكما الكوني (ACT) في شيلي.

هذ العمر أقدم بنحو 100 مليون عام عن التقدير السابق، الذي حُدد عن طريق بيانات أُرسلت من سفينة الفضاء بلانك في عام 2013. رسم كل من سفينة الفضاء والتلسكوب خريطة إشعاع الخلفية الكونية الميكروي (CMB) وهو ضوء متبقٍ من الانفجار العظيم. استطاع العلماء تقدير إلى أي مدى تعود هذه النشأة الانفجارية للكون عن طريق اتحاد هذه البيانات مع النماذج الموجودة عن مدى السرعة التي ظهرت بها الأنواع المختلفة من المادة والأجرام السماوية بعد ما بدأ كل شيء. 

توضيح يُظهر مدى اتساع الكون بعد الانفجار العظيم. (مصدر الصورة: مارك جارليك/ مكتبة صور العلوم من Getty Images)

يعتقد العلماء أن الضوء من إشعاع الخلفية الكونية الميكروي قد نشأ بعد الانفجار العظيم بقرابة 400 ألف عام. بدأ الكون كبلازما حارقة حيث كانت حزم الضوء أو الفوتونات مرتبطة بالإلكترونات. بردت درجة الحرارة في نهاية المطاف بدرجة كافية تسمح للفوتونات بالتحرر من الإلكترونات وترك البلازما والتبعثر في الفضاء مكونة ما يعرف الآن بإشعاع الخلفية الكونية الميكروي. لذا، بإمكان العلماء معرفة العمر التقريبي للكون عن طريق قياس مدى بُعد هذا الضوء المتناثر.

أوضح ستيف كوي وهو زميل ما بعد الدكتوراه في الفيزياء الفلكية بجامعة كورنيل والمؤسسة الوطنية لعلوم الفلك: “كلما زادت المسافة التي نقيسها لنصل لأقرب وقت تبعثرت فيه الفوتونات، كان عمر الكون أكبر لأن إشعاع الخلفية الكونية الميكروي اضطر للتحرك مسافة أكبر ليصل إلينا كما”.

وأضاف: “سيستغرق وقتًا أطول مما يعني عمرًا أكبر”. 

نحو التقدير الحديث لعمر الكون بمقدار 13.8 مليار عام الذي أُعلن عنه بعام 2020، قاد سايمون أيولا وهو عالم باحث في مركز الفيزياء الفلكية الحاسوبية بمعهد فلاتيرون بمدينة نيويورك، فريقًا من العلماء الذين أعادوا فحص الخلفية الكونية الميكروية باستخدام تليسكوب أتاكاما الكوني، وذلك طبقًا لدراستهم التي نُشرت في مجلة علم الكونيات وفيزياء المجسمات الفلكية

كما صرح أيولا لدورية لايف ساينس: “على الرغم من تغطية هذه الخرائط لمناطق أصغر من مثيلاتها التي أعلن عنها فريق بلانك، إلا أن دقتها المحسنة تسمح بقياسات أكثر انضباطًا”. وأضاف: “تُعطي ملاحظاتنا قياسًا مستقلاً عن سماء الخلفية الكونية الميكروية، الذي يمكن مقارنته مع القياس المعلن من فريق بلانك”.

حقق أيولا وزملائه تقدمًا مفاجئًا بقدرتهم على رصد إشعاع الخلفية الكونية الميكروي على نطاق أصغر من ذي قبل، مما مكنهم من رؤية تفاصيل أكثر وأوجه الشذوذ التي أخبرتنا عما حدث في بداية الكون وإلى أي مدى يعود حدوث هذه الظاهرة. أصبح ذلك ممكنًا نظرًا لشدة حساسية تليسكوب أتاكاما الكوني. توصل الفريق إلى عمر الكون بنحو 13.8 مليار عام عن طريق مقارنة هذه الخرائط فائقة الدقة مع التنبؤات الموجودة عن عمر الكون. 

أُجريت دراسة مشابهة بتليسكوب أتاكاما الكوني قادها -تشوي- وشاركه فيه -أيولا- ونُشرت في  مجلة علم الكونيات وفيزياء الجسيمات الفلكية عام 2020، وكشفت أيضًا عن عمر الكون بتقدير 13.8 مليار عام. 

هل يمكن أن يكون عمر الكون حتى أقدم من ذلك؟ ربما، فكلما زاد تقدم التلسكوبات، زادت احتمالية استطلاع المزيد عن الماضي بما يفوق الخيال، واكتشاف شئٍ ما قد يُغير كل شيء نعتقد أننا نعرفه.

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: سمر عبد الرحمن

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!