قمر مفقود يشكل حلقات كوكب زحل ويتسبب في ميلانه

قمر مفقود يشكل حلقات كوكب زحل ويتسبب في ميلانه

23 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

ريوف الجبير

دقق بواسطة:

زينب محمد

تدور حلقات زحل حول خط الاستواء للكوكب ودلت هذه الحلقات على أن الكوكب يدور دورانًا مائلًا.

إذ يدور هذا الكوكب العملاق بزاوية ٢٦,٧ درجة بالنسبة للمستوى الذي يدور حول الشمس. ويشك علماء الفلك منذ فترة أن هذا الميلان ناتجٌ عن تفاعلات الجاذبية مع الكوكب المجاور، نبتون، حيث إن ميلان زحل الذي يشبه لعبة الدوامة على نفس معدل مدار نبتون تقريبًا.

لكن أنشأ علماء الفلك دراسة نموذجية جديدة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وأماكن أخرى، حيث أظهرت هذه الدراسات تجنب كوكب زحل لجاذبية نبتون في ذلك الحين على الرغم من أن هذين الكوكبين كانا متزامنين مرة واحدة فقط. فما المسؤول عن إعادة ترتيب اصطفاف الكواكب؟

افترض الفريق للإجابة على هذا السؤال فرضية واحدة اُختبرت بدقة، حيث تنص هذه الفرضية على أن المسؤول عن ذلك هو أن هناك قمرٌ مفقود.

ففي دارسة نُشرت في مجلة ساينس، يقترح الفريق أن زحل الذي يدور حوله اليوم ٨٣ قمرًا قد أوى قمرًا إضافيًا على الأقل وأُطلق عليه اسم (كريساليس). وأضاف الباحثون من أن كريساليس قد دار حول زحل مع الأقمار الأخرى لعدة مليارات من السنين، فجذبت وسحبت الكوكب بطريقة تحافظ على ميلانه أو “انحرافه” بما يتوافق مع نبتون.

ولكن يستنتج الفريق من أن قبل حوالي ١٦٠ مليون سنة تقريبًا أصبح كريساليس غير مستقر واقترب جدًا من كوكب زحل ونتيجة ذلك دخل في مواجهة مع زحل واختفى القمر على إثرها. وكان فقدان القمر كافيًا لتحرير زحل من قبضة نبتون وتركه مع ميلانه الحالي.

كما يعتقد الباحثون أن زحل تأثر بمعظم أجزاء قمر كريساليس المتناثرة وما زال جزءً من هذه القطع المتناثرة باقية على مداره وبعدها تحولت إلى قطع جليدية صغيرة شكلت حلقات مميزة للكوكب.

لذا، يفسر اختفى القمر لغزين قديمين وهو ميلان زحل في الوقت الحاضر وعمر حلقاته والتي قُدرت سابقًا بحوالي ١٠٠ مليون سنة، حيث تعد حلقاته أصغر بكثير من الكوكب نفسه.

وذكر أستاذ علوم الكواكب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة جاك ويزدوم: ” أن هذا القمر يشبه تمامًا شرنقة الفراشة، فهذا القمر كان خاملًا لفترة ثم أصبح فجأة نشطًا وظهرت هذه الحلقات”.

لحظة التقدم

طرح العلماء في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أن سبب ميلان محور زحل هو احتجاز الكوكب في الرنين المداري مع نبتون أو ارتباط الجاذبية مع نبتون، لكن رصدت مركبة الفضاء كاسيني التابعة لناسا التي دارت حول زحل من عام ٢٠٠٤ إلى ٢٠١٧ ملاحظات. فلوحظ وجود تطور جديد للمشكلة.

فوجد العلماء أن تيتان، الذي يعد أكبر قمر لكوكب زحل يهاجر بعيدًا عن زحل بمعدل أسرع من المتوقع أي حوالي ١١ سم في السنة. وبسبب الهجرة السريعة لتيتان وسحب جاذبيته توصل العلماء إلى استنتاج أن هذا القمر غالبًا هو المسؤول عن إمالة زحل والحفاظ على الرنين المداري مع نبتون.

لكن هذا التفسير يتوقف على سبب رئيسي مجهول وهو لحظة القصور الذاتي لزحل أي كيفية توزيع الكتلة في باطن الكوكب.  فاعتمادًا على ما إذا كانت المادة أكثر تركيزًا في جوهرها أو باتجاه السطح يتصرف ميل زحل تصرفًا مختلفًا.

ويقول ويزدوم: لإحراز تقدم في المشكلة، كان علينا تحديد لحظة قصور زحل“.

العنصر المفقود

في دراستهم الجديدة، نظر ويزدوم وزملاؤه إلى بعض الملاحظات الأخيرة التي رصدتها كاسيني في مرحلة “النهاية العظمى” وهذه المرحلة هي من المهام التي قامت بها المركبة الفضائية، حيث اتبعت نهجًا قريبًا جدًا لخريطة دقيقة لمجال الجاذبية حول الكوكب بأكمله. ويمكن استخدام مجال الجاذبية لتحديد توزيع الكتلة في الكوكب.

ووضع ويزدوم وزملاؤه نموذجًا للجزء الداخلي من زحل وحددوا توزيعًا للكتلة يتوافق مع مجال الجاذبية الذي لاحظته كاسيني. والمثير للدهشة هو أن اكتشاف لحظة القصور الذاتي التي حُددت مؤخرًا جعلت زحل قريبًا من رنين نبتون المداري، ولكنه بعيد عن الكوكب. فربما كانت الكواكب متزامنة لمرة واحدة، لكنها لم تعد كذلك.

وذكر أيضًا ويزدوم: ” ثم ذهبنا للبحث عن طرائق لإخراج زحل من رنين نبتون المداري”.

أجرى الفريق أولاً عمليات محاكاة لتطوير الديناميكيات المدارية لزحل وأقماره، وذلك لمعرفة ما إذا كان أي عدم استقرار طبيعي بين الأقمار الحالية قد أثّر على ميل الكوكب، ولكن لا نتيجة لهذا البحث.

لذلك، أعاد الباحثون النظر في المعادلات الرياضية التي تصف حركة الكوكب، وهي الطريقة التي يتغير بها محور دوران الكوكب مع مرور الوقت. فمصطلح واحد في هذه المعادلة له مساهمات من جميع الأقمار. واستنتج الفريق أن إزالة قمر واحد من هذا المجموع سيؤثر على حركة الكوكب.

وكان السؤال هو ما مدى ضخامة هذا القمر؟ وما هي الديناميكيات التي لابد أن يخضع لها حتى يتحرر زحل من رنين نبتون المداري؟

وبعدها أجرى ويزدوم وزملاؤه عمليات محاكاة لتحديد خصائص هذا قمر، مثل كتلته ونصف قطره المداري والديناميكيات المدارية التي ستكون مطلوبة لتحرير زحل من هذا الرنين.

واستنتجوا أن رنين نبتون المداري هو سبب ميلان زحل حاليًا وأن فقدان القمر، كريساليس، الذي كان بحجم إيابيتوس ثالث أكبر أقمار زحل هو ما سمح لزحل التحرر من هذا الرنين.

ودخل كريساليس منطقة مدارية فوضوية ما بين ٢٠٠ و١٠٠ مليون سنة، حيث شهد عددًا من المواجهات القريبة مع إيابيتوس وتيتان وفي النهاية اقترب جدًا من زحل وتناثرت أجزاءه الصغيرة حول الكوكب مما شكل حلقة مليئة بالحطام.

ووجدوا أن فقدان القمر، كريساليس، يفسر بداية زحل وميلانه الحالي، بالإضافة إلى تشكل حلقاته متأخرًا.

وأضاف ويزدوم: “يا لها من قصة رائعة، ولكنها مثل أي نتيجة أخرى لابد أن ينظر غيرنا فيها. ويبدو أن القمر المفقود كان مجرد شرنقة تنتظر مرحلة عدم الاستقرار”.

دعمت وكالة ناسا والمؤسسة الوطنية للعلوم هذا البحث.

المصدر: https://www.sciencedaily.com

ترجمة: ريوف الجبير

تويتر: @TranslatorRHJ

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!