منذ أكثر من 60 مليون سنة تخلت طيور البطريق عن الطيران للسباحة

منذ أكثر من 60 مليون سنة تخلت طيور البطريق عن الطيران للسباحة

22 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

شروق الصبحي

دقق بواسطة:

زينب محمد

يكشف تحليل جيني وأحفوري جديد لطيورالبطريق كيف تطورت.

ربما قد اشتهرت طيور البطريق بأنها طيور لا تطير وتساعدها أجنحتها على “الطيران” عبر مياه القطب الجنوبي المتجمدة. لكن طيور البطريق فقدت قدرتها على الطيران وأصبحت بدلاً من ذلك تسبح بطريقة انسيابية منذ حوالي 60 مليون سنة قبل وقت طويل من تشكل الغطاء الجليدي في القطب الجنوبي – وقد كشف الباحثون الآن كيف حدث ذلك.

حددت دراسة جديدة لأحافير البطريق وجينوم طيور البطريق الحالية والتي انقرضت مؤخرًا مجموعة من التكيفات الجينية التي صنعتها الطيور لتعيش حياة مائية، من الرؤية الحساسة للون الأزرق تحت الماء وإلى الجينات المتعلقة بأكسجة الدم، وحتى للتغيرات في كثافة العظام. وتشير النتائج معًا إلى أن طيور البطريق تكيفت كمجموعة للبقاء على قيد الحياة في التغيرات البيئية الخطيرة التي أُكتشفت على مدى ملايين السنين.

من الطيران إلى عدم الطيران

يعود تاريخ أقدم أحفوريات طيور البطريق إلى 62 مليون عام، وقد أوضح المؤلف المشارك في الدراسة دانييل كسيبكا،عالم الحفريات في متحف بروس في غرينتش، كونيتيكت. في ذلك الوقت كانت طيور البطريق لا تطير، على الرغم من أنها بدت مختلفة تمامًا عن طيور البطريق الحديثة فقد كانت أرجلهم ومناقيرهم أطول وكانت أجنحتهم لا تزال تشبه الأجنحة أكثر من الزعنفة.

وأضاف: “من المحتمل أن تكون هذه الأنواع الأولية قد  تطورت من حيوان يشبه البفن وكان لا يزال بإمكانه الطيران في الهواء” (لم يُكتشف هذا السلف الطائر بعد في سجل الأحفوريات لذلك من غير المعروف على وجه التحديد متى فقدت طيور البطريق قدراتها الجوية).

مع مرور الوقت صنع التطور “مجموعة متنوعة من خصائص البطريق المثيرة للاهتمام” وقد قال كسيبكا في هذا الصدد: أنها تطورت من الطيور ذات المنقار الطويل الشبيه بالرمح إلى طيور البطريق ذات الريش الأحمر ثم إلى الطيور التي تقف قدمًا أو اثنتين أطول من أكبر أنواع البطريق اليوم وهو البطريق الإمبراطور الذي يبلغ طوله حوالي 3 أقدام و7 بوصات (1.1 متر).

في هذه الدراسة قام الباحثون بتقييم الأدلة الأحفورية جنبًا إلى جنب مع جينوم جميع طيور البطريق التي لا تزال حية والجينوم الجزئي لتلك التي انقرضت خلال مئات السنين الماضية، وتشير النتائج إلى أن طيور البطريق نشأت بالقرب من نيوزيلندا في وقت ما قبل 60 مليون سنة وتشتت إلى أمريكا الجنوبية والقارة القطبية الجنوبية ثم عادت إلى نيوزيلندا.

أوضح كسيبكا: “إن معظم الأنواع الحية اليوم تباعدت عن بعضها البعض في آخر مليوني سنة أو نحو ذلك، وخلال تلك الفترة قد مرت الأرض بدورات من الفترات الجليدية والبين الجليدية التي تمدد فيها الجليد القطبي وانحسر فدفع تقدم الجليد طيور البطريق شمالًا، مما قد أدى إلى عزل بعض المجموعات عن بعضها البعض وتمكينها من اتخاذ مساراتها التطورية الخاصة لحوالي 100000 عام، وبحلول الوقت الذي تراجع فيه الجليد قد تطورت طيور البطريق المنفصلة إلى أنواع مختلفة”.

وأضاف: “لا يؤثر ذلك على جميع الأنواع بالتساوي لكنه يشبه تقريبًا شخصًا ما يدير دوره في صنع المزيد من أنواع البطاريق”.

التكيفات الجينية

قد أفاد الباحثون في 19  يوليو في مجلة Nature Communications أنه على الرغم من جميع التغييرات التي مرت بها فإن طيور البطريق لديها أبطأ معدل تطوري للتغير بين جميع الطيور، قال كسيبكا: “إن هذا كان مفاجئًا ولايزال غير مبرر”.

وأضاف أن الحيوانات الأكبر حجمًا والتي تتكاثر ببطء نسبيًا كما تفعل طيور البطريق تميل إلى أن يكون لديها معدلات تطورية أبطأ ومع ذلك فإن بعض الطيور التي هي أكبر من طيور البطريق تتطور بسرعة أكبر من طيور البطريق، وتابع بقوله إن الأنواع الأخرى من الطيور التي تتكاثر بمعدل مشابه لمعدل طيور البطريق تتطور أيضًا بسرعة أكبر لذلك هناك حاجة إلى مزيد من العمل لفهم سبب بطء تطور طيور البطريق.

وفي حين أن تطور طيور البطريق قد يكون بطيئًا نسبيًا، إلا أنه زودهم بالعديد من التكيفات مع الحياة في البحر وبالقرب منه، ويتشاركون في مجموعة من الجينات مع طيور أخرى لا تطير والتي من المحتمل أن أجنحتها قصرت ولديهم أيضًا جينات فريدة ربما حولت العديد من العضلات في أجنحة أسلاف البطريق إلى أوتار مما أدى إلى تقوية أجنحة البطريق وجعلها أشبه بالزعانف، وقد وجد الباحثون أيضًا طفرات في الجينات المرتبطة بتخزين الكالسيوم، والتي قد ساهمت في كثافة العظام التي تساعد البطاريق على الغوص.

أحدث التطور أيضًا العديد من التغييرات الأخرى مثل: الجينات المرتبطة بتخزين الدهون وتنظيم درجة الحرارة. وقد كان أحد الاكتشافات المثيرة للاهتمام هو أن طيور البطريق فقدت العديد من الجينات في وقت مبكر من تطورها والتي ارتبطت بهضم الهياكل الخارجية للقشريات.

يقول كسيبكا: “إن هذا يشير إلى أن طيور البطريق الأولى كانت تتبع نظامًا غذائيًا يتمحور حول الفريسة مثل الأسماك والحبار ولكن توسع الصفائح الجليدية خلق نظامًا بيئيًا للقارة القطبية الجنوبية كان غنيًا بالكريل وهي قشريات صغيرة، ولحسن الحظ وجد الباحثون أن طيور البطريق لديها جين واحد متبقي – جين (CHIA) – وهو الذي مكنها من الاستمرار في هضم القشريات”. وأضاف: “لو أن هذا الجين المتبقي قد توقف فربما واجهوا صعوبة في هضم لكريل”.

حذر كسيبكا من أن حوالي 75٪ من جميع أنواع البطاريق التي عاشت على الإطلاق انقرضت وقد يؤدي تغير المناخ الى انقراض أنواع أكثر وهذا ينطبق بشكل خاص على الأنواع ذات نمط الحياة المتخصصة، مثل طيور البطريق الإمبراطور (Aptenodytes forsteri) التي تتكاثر بالكامل على الجليد البحري.

وأردف قائلاً: “إنه لو ذاب جليد البحر فقد تكافح طيور البطريق الإمبراطور للعثور على مناطق تكاثر. وعلى الطرف الآخر من الطيف تعيش طيور البطريق الصغيرة التي تسكن جزر غالاباغوس الصخرية بعيدًا عن الأراضي الأخرى بحيث لا يوجد مكان يهربون إليه في حال أصبح موطنهم الاستوائي ساخنًا جدًا”.

وأضاف: “نعتقد بالتأكيد أن هذه الحيوانات حساسة للتغير البيئي وفي كثير من الحالات تعتبر بالفعل مهددة بالانقراض وفي حالات أخرى يمكن أن يصبحوا أكثر عرضة للخطر خلال العقود القليلة القادمة”.

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: شروق الصبحي  

تويتر: Shuroq_6

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!