عند وصول عالمة المخ والأعصاب بريجيت كورنم إلى روما مؤخرًا لحضور أحد أكبر مؤتمرات النوم في العالم، تفاجأت تمامًا بشركات أدوية مع منصات وحملات إعلانية لهم في كل مكان تهتم كل هذه الشركات بعلاج النعاس أثناء النهار، والمساعدة على النوم ليلًا بسهولة، وركز الكثير منهم على بروتين يسمى الهيبوكريتين، وهو بروتين موجود في خلايا المخ ونال اهتمامًا كبيرًا في أبحاث النوم مؤخرًا.

قد يكون لبروتين الهيبوكريتين دورًا في حدوث الأرق، وهو عدم القدرة على النوم ليلًا، بالإضافة إلى الخدار وهو الشعور بالنعاس الشديد في أثناء النهار.

قد يعاني الأشخاص المصابين بالأرق من زيادة وجود الهيبوكريتين في المخ، بينما يعاني الأشخاص المصابين بالخدار من نقصانه، ويعتقد الباحثون أن له دورًا في الاكتئاب، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD).

يعرف العلماء كم من المعلومات لا بأس به عن الهيبوكريتين؛ ويوجد علاج جديد  يلاشي تأثيره، والذي طُرح في عام 2018 في كندا، ولكنهم لا يعلمون كيفية ضبطه داخل الخلايا على حد قول بريجيت كورنم.

ولذلك قررت الأستاذ المساعد بريجيت كورنم وزملائها العمل على دراسة جديدة، والتي نُشرت في مجلة PNAS العلمية.

أُجريت الدراسة على فئران التجارب وسمك الزرد وخلايا بشرية، وذلك بالتعاون مع زملائهم من قسم الطب الخلوي والجزيئي جامعة كوبنهاغن.

تأثير مركّب MicroRNA-137 على انتظام النوم

أمضى الباحثون عدة سنوات في إحدى آليات خلايا التحكم بمستويات الهيبوكريتين، وذلك بالتركيز على مركب صغير يسمى MicroRNA-137.

 أوضحت بريجيت كورنم في الدراسة الحديثة التى تترأسها مع الأستاذ المساعد أنجا هولم من جامعة البورغ: ” اكتشفنا أن مركّب MiR-137 يساعد على ضبط الهيبوكريتين؛ ولكي تنعم بنوم طبيعي يجب توفّر الكمية المناسبة من الهيبوكريتين في الوقت المناسب، وهذا ما يفعله هذا المركّب”.

وأكملت: “يوجد مركّب MiR-137 في أجزاء أخرى من الجسم، ولكنه موجود بشكل أكثر وضوحًا في المخ”.

ينظم مركّب MiR-137 العديد من العمليات داخل الخلايا ومنها مستويات الهيبوكريتين، ولذلك فهناك اهتمام بعمل المزيد من الأبحاث لاستهدافه في تنظيم تلك العمليات.

لم يكن معروفًا في السابق الكثير عن الدور الذي يلعبه هذا المركّب في المخ، ولكن استطاع حاليًا فريق بحث بريجيت قورنم اكتشاف علاقته بضبط الهيبوكريتين ومن ثم النوم.

تقول الباحثة بريجيت قورنم: “هذه أول مرة نجد فيها أن microRNA له علاقة بتنظيم النوم، ووجدنا في البنك الحيوي بالمملكة المتحدة بعض الطفرات الجينية الخاصة بمركّب MiR-137 التي تسببت في الشعور بالنعاس نهارًا، وتوضح هذه الدراسة وجود تلك العلاقة في الفئران وسمك الزرد، وتمكنا من إثبات تأثيرها على الهيبوكريتين”.

وأضافت: “يوضح هذا الاكتشاف مدى تعقيد آلية النوم؛ فتخيل أن ترث نسخة من MiR-137 تجعلك أكثر عرضة للإصابة بالنعاس في خلال النهار”.

تأثير الهيبوكريتين على مراحل النوم

يؤثر الهيبوكريتين، الذي استحوذ على اهتمام شركات الأدوية، على مراحل النوم والتي تنقسم إلى أربعة مراحل بترتيب معين؛ وهذا الترتيب ضروري للحفاظ على جودة النوم.

توضح أنجا هولم من جامعة آلبورغ، صاحبة فكرة الدراسة وتعاونت مع بريجيت قورنم في الاختبارات قائلةً: ” اتضح من الاختبارات على الفئران أن الهيبوكريتين يؤثر على ترتيب مراحل النوم؛ فنجد مرضى الخدار يعانون من اضطراب في ترتيب مراحل النوم؛ وذلك بسبب انخفاض مستويات الهيبوكريتين”.

توضح الدراسة الحالية أننا نحتاج لمعرفة المزيد عن كيفية ضبط الهيبوكريتين، وهنا يشير علماء الدنمارك عن أهمية الربط بينه وبين جهاز المناعة.

تقول بريجيت قورنم: “نشعر بالتعب والإرهاق عندما نمرض، ونعاني من قلة النوم عندما ترتفع الحرارة وينشط جهاز المناعة؛ ومن ثَم فربما توجد علاقة بين مستويات الهيبوكريتين ونشاط المناعة أثناء محاربة فيروس على سبيل المثال، ونعمل الآن على محاولة فهم هذه العملية”.

وأضافت: ” أوضحنا في الدراسة أن إنترلوكين IL-13، وهو أحد البروتينات الناقلة في جهاز المناعة، يؤثر على الهيبوكريتين، فيمكن القول أن إضافة الإنترلوكين IL-13 تؤثر على مركّبMiR-137، والذي بدوره يؤثر على الهيبوكريتين، وما زال السبب مجهولًا لنا، ولكننا نعمل على المزيد من الاختبارات لمعرفة الجواب”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: أسماء أحمد يسري

تويتر: asmaayo

مراجعة وتدقيق: هاجر عقدة

لينكد إن: hager-okda