بداية الدراسة والسهر أمام الشاشات يزيد مستوى الحرمان من النوم لدى المراهقين

بداية الدراسة والسهر أمام الشاشات يزيد مستوى الحرمان من النوم لدى المراهقين

2 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

إسراء حسين

دقق بواسطة:

زينب محمد

مع بداية الدراسة في الولايات المتحدة يسترجع الوالدان وأولياء الأمور الصراع الصباحي المعتاد في إيقاظ الأطفال وحملِهم على النهوض من الفراش، وتشتد حدة هذا الصراع في مرحلة ما قبل المراهقة وأثنائها.

أحيانًا ما يصل الأمر بالمراهقين إلى الكسل، ويكمن السبب الرئيسي -الذي يمنع الأصحاء من الاستيقاظ بشكل طبيعي بدون منبه- في عدم كفاية النوم للجسم والدماغ.

أظهرت الدراسات أن المراهقين يحتاجون أكثر من تسع ساعات نوم يوميًا ليتمتعوا بصحة جسدية ونفسية أفضل.

تعد احتمالية معرفتك لمراهق ينال قسطًا كافيًا من النوم ضئيلة نوعًا ما؛ حيث إنه وفقًا لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها هناك أقل من 30% من طلبة الثانوية—أو هؤلاء ما بين الصف 9 و12— ينامون عدد الساعات الموصي بها، وكذلك طلاب المرحلة المتوسطة من الصف السادس إلى الثامن حيث بلغت نسبتهم 60%.

ومع ذلك تشير أبحاثي المعملية إلى وجود نسبة أكبر من المراهقين لا ينامون بكمية كافية.

أنا أستاذ في علم الأحياء وأدرس النوم وإيقاع الساعة البيولوجية لأكثر من 30 عامًا. كان معملي بجامعة واشنطن يُجري الأبحاث على نوم المراهقين في مدينة سياتل خلال السبع سنوات الماضية، وكشفت الأبحاث أن طلبة الثانوية لا ينالون القسط الكافي من النوم -كما هو الحال في باقي مدن الولايات المتحدة- حيث أُجريت الدراسة على 182 طالب في السنة الثانية والأخيرة من المرحلة الثانوية بطريقة موضوعية ووجدوا أن هناك طالبان فقط ينامون تسع ساعات ليلاً خلال أيام الدراسة.

هناك ثلاثة عوامل مهمة تختبئ وراء وباء نقص النوم -كما أشارت أبحاثنا وأبحاث الآخرين وهم: سيكولوجية تنظيم النوم، التي تؤدي إلى تأخر وقت النوم عند المراهقين بما لا يتوافق مع أوقات الدراسة المبكرة ، ونقص التعرض لضوء الشمس في الصباح وفرط التعرض للإنارة الكهربائية الساطعة والشاشات عند السهر ليلاً.

بيولوجيا نوم المراهقين

يتحكم عاملان رئيسان في الدماغ في النوم والاستيقاظ، ويطلق على العامل الأول “متتبع اليقظة” وهو مؤقِّت نفسي يزيد من احتياجنا للنوم كلما طالت فترة استيقاظنا ويكون جزء من السبب في ذلك هو تراكم الإشارات الكيميائية التي تُطلقها الخلايا العصبية مثل الأدينوسين.

يتراكم الأدينوسين في المخ عندما نبقى مستيقظين، مما يزيد الشعور بالنعاس في نهاية اليوم، فعلى سبيل المثال يستيقظ شخص ما في السابعة صباحًا، فتتراكم هذه الإشارات الكيميائية خلال اليوم حتى يرتفع مستواها إلى الحد الكافي الذي يجعل هذا الشخص ينام في وقت متأخر من الليل عادةً.

وتُشَكل الساعة البيولوجية المكونة من 24 ساعة، العامل الثاني الذي يؤثر على دورة النوم والاستيقاظ حيث إنها تخبر دماغنا في أي وقت من اليوم يجب أن نبقى مستيقظين وفي أي منها يجب أن نخلد للنوم، وتتواجد هذه الساعة البيولوجية في جزء من الدماغ يُدعى تحت المهاد، وتتكون من خلايا عصبية تربط أجزاء المخ التي تنظم النوم واليقظة بدورة النوم والاستيقاظ في 24 ساعة.

يمارس هذان العاملان دورهما بشكل منفصل نسبيًا عن بعضهما البعض، ولكن في ظل الظروف العادية يرتبطا ليجعلا الإنسان يخلد إلى النوم في وقت متأخر من الليل حتى في وجود الإضاءة الكهربائية ويكون ذلك بين الساعة 10 و11 مساءًا ويستيقظ في الصباح الباكر في الساعة 6 إلى 7 صباحًا.

النوم الكافي هو مفتاح الصحة للمراهقين، ولكن هناك أسباب عدة تمنع البالغين من أن ينالوا القسط الكافي منه، ولكن لمَ ينام المراهقون في وقت متأخر من الليل ويستيقظون متأخرين نسبةً إلى والديهم؟

اتضح أنه خلال فترة البلوغ يتآمر العاملان -متتبع اليقظة والساعة البيولوجية- ليؤخرا وقت النوم؛ والسبب الأول في ذلك قدرة البالغين على السهر قبل متتبع اليقظة الذي يجعلهم يشعرون بالنعاس بطريقة كافية للخلود للنوم.

ثانيًا، تتأخر الساعة البيولوجية لدى المراهقين، حيث تَبَيَّن أنها تعمل بمعدل أبطأ في بعض الحالات وتستجيب بشكل متفاوت لمنبهات الإضاءة، مما يعيد ضبط الساعة البيولوجية يوميًا وهذه العوامل مجتمعة تؤخر دورة النوم ساعتين عن كبار السن -إذا أحس كبار السن بالإشارات المنبهة للخلود للنوم ما بين الساعة 10 و11 مساءًا، فإن ذلك لن يحدث لدى المراهقين إلا عند منتصف الليل أو بعده.

كيفية تأثير مواعيد بداية الدراسة على ذلك

اتخذت بعض المناطق التعليمية في أنحاء البلاد قرارًا بتأخير مواعيد بدء الدراسة لطلاب المرحلة المتوسطة والثانوية حرصًا منهم على مساعدة المراهقين للحصول على النوم الكافي، وتنصح الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ألا تبدأ الدراسة لهذا السن قبل الساعة 8:30 صباحًا، وعلى الرغم من ذلك فإن غالبية المدارس الثانوية في الولايات المتحدة تبدأ الساعة 8:00 صباحًا أو في وقت مبكر.

قررت المنطقة التعليمية في سياتل ببداية السنة الدراسية 2016-2017 تأخير حوالي ساعة في موعد بدء الدراسة للمرحلة المتوسطة والثانوية ليصبح 8:45 صباحًا بعد أن كان 7:45 صباحًا وذلك تبعًا لتوصيات خبراء النوم، وقد أفصح فريقنا عن دراسة أُجريت بعد تفعيل قرار المنطقة التعليمية عن زيادة 34 دقيقة في نوم الطلاب اليومي وهي زيادة لا يُستهان بها في معايير طب النوم، وإضافةً إلى ذلك فقد تحسن حضور الطلاب ودقة مواعيدهم كما ارتفع متوسط التقديرات بنسبة 4.5%.

على الرغم من وفرة الأدلة الناتجة عن الأبحاث ونصائح جميع خبراء النوم تقريبًا في البلاد، إلا أن غالبية المناطق التعليمية لا تزال عالقة في أوقات الدراسة المبكرة التي تزيد من حرمان النوم المزمن عند المراهقين، ويزداد تأثير الساعة المبكرة في التوقيت الصيفي عند إعادة ضبط الساعات الرسمية وتقديم ساعة كاملة في وقت الربيع، ويُعرِّض هذا التوقيت المتغير—قد يصبح دائمًا في الولايات المتحدة في سنة 2023— المراهقين للصباح المظلم الاصطناعي الذي يزيد من تأخر موعدهم في النوم الطبيعي.

تعليم المراهقين عادات النوم الصحي

يحتاج الأطفال لمعرفة أهمية العادات الصحية للحصول على القسط الكافي من النوم بعيدًا عن أوقات بدء الدراسة.

التعرض لضوء الشمس الساطع، خاصةً في الصباح يجعل ساعتنا البيولوجية تعمل في وقتٍ أبكر؛ مما يعزز النوم المبكر والاستيقاظ في الصباح الباكر.

وعلى النقيض من ذلك، فإن الإضاءة الليلية -تشمل إضاءة الشاشات- تحفز المخ بشدة؛ وذلك لأنها تثبط إنتاج الإشارات الطبيعية، مثل الميلاتونين وهو هرمون تنتجه الغدة الصنوبرية في المخ مع حلول الليل كرد فعل للظُلمة– فتتأخر الساعة البيولوجية ويتأجل وقت النوم، ومن ثَمًّ وقت الاستيقاظ، وعليه تتكرر دورة الصراع الصباحي لإيقاظ المراهق الناعس المتثائب وحمله على النهوض من السرير للذهاب إلى المدرسة.

ومع ذلك تعمل مدارس قليلة على شرح أهمية توقيت النوم والعادات اليومية الجيدة، ولكن لا يُقَدِّر الوالدان والمراهقون هذه الأهمية بالشكل الكافي.

 يشوش حرمان النوم المزمن على كل العمليات الفسيولوجية بالجسم ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمراض، ومنها الاكتئاب والقلق، والسمنة، والإدمان السلوكي.

وفي المقابل، فإن النوم الكافي لا يساعد على تقليل الأمراض الجسدية وتحسين الصحة النفسية فحسب، ولكن ثَبُتت أهميته الجذرية في الأداء الأمثل للجسم والنفس.

ترجمة: إسراء حسين

المصدر: https://medicalxpress.com

لينكد إن: esraa-hussien

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!