لمَ لا تستقيم مجاري الأنهار مع مرور الزمان؟

لمَ لا تستقيم مجاري الأنهار مع مرور الزمان؟

30 سبتمبر , 2022

ترجم بواسطة:

ولاء الجشي

دقق بواسطة:

زينب محمد

حين ترى أعظم الأنهار في العالم من الأعلى، تعرفها بشكلها المنحني كما الثعبان. لكن كيف تشكلت بهذا الشكل؟ وهل تتغير مع مرور الزمن؟ وهل لتغيرها من أهمية؟ لقد رجعنا إلى خبيرنا في نظم الأنهار “كارميلو خويز”.

يجري الماء إلى أسفل ويتتبع أيسر المسارات وأقلها عوائق، وربما شق جريان النهر مع مرور الزمان طريقه في الجبال في طلب هذه المسارات، لذا لا يبدو بديهيًا أن النهر غالبًا ما يزداد طوله والتواءاته مع مرور الزمان ولا يكون مستقيمًا.

ولكن خويز يقول إنه لمن التصورات الخاطئة أن الأنهار تجري في مجرى مستقيم من التلال إلى السهول.

تشكل الأنهار التواءات وتعرجات، فتزداد العوائق ويقل الانحدار، حتى تتحكم بقوة الماء أثناء جريانه عبر السهول الفيضية.

يوضح خويز قائلاً: “يقلل هذا الشكل الهندسي من استهلاك الطاقة عند كل جزء من أجزاء النهر. تخيل نفسك تنزل من أحد الجبال، تستطيع أن تمشي في خط مستقيم، لكن نزول الجبل في خط متعرج أسهل. يجري النهر محملاً بالحبيبات، فينحت في ضفة ويبني في الأخرى”.

وأوجز خويز قائلاً: “لا نهر مجراه منتظم الشكل وموحد سوى ما صنعه البشر، هذه الأنهار اُستحدثت لدعم المدن، فمثلاً تحميها من الفيضانات، أو تمنحها أراضِ زراعية”.

مجرى طويل وملتوي

إذن ما الذي يحدد شكل مجرى النهر؟ وكيف يتغير مع مرور الزمان؟

يغير في شكل مجرى النهر عاملان أساسيان يسمان “الأنظمة”: التدفق، والرواسب.

نظام التدفق يتعلق بمعدل وتوقيت جريان المياه، ويتأثر بالمتغيرات في المناخ كهطول الأمطار ودرجة الحرارة. ويؤثر على مجرى النهر مقدار حمولته ونوعها وتوقيت ترسيبها، والتضاريس القريبة، والتفاعل بين الماء والرواسب.

يوضح بحث سابق لخويز ضمن مشروع (SEDILAND)، الذي دعمه برنامج (مجموعة ماري سكودوفسكا كوري) كيف تتأثر هذه العمليات الديناميكية باستخدام الأراضي والغطاء الأرضي.

حلل في البحث سجلات خمسة عشر عامًا من بيانات الهيدرولوجيا والرواسب لأربع مستجمعات ذات خصائص جيوفيزيائية متشابهة في جبال البرانس الإسبانية، واستنتج أن استخدام الأراضي والغطاء الأرضي يحددان الجدول الزمني للتغيرات في نظام الرواسب.

وركزت (SEDILAND) أيضًا على أن التغيرات في استخدام الأراضي والغطاء الأرضي إما أن تعزز أو تثبط من مقاومة تغيرات المناخ، والتي يمكن أن تغير في تدفق المياه وترسيب حمولة النهر.

وأضاف خويز: “يتغير توقيت الأمطار الموسمية بتغير المناخ، وكذلك ذوبان الجليد والأنهار الجليدية، وتحدث بسبب ذلك فيضانات قد تنحت في الضفاف. وقد يؤثر أيضًا في الترسيب، فالأحواض الجافة والتغيرات الشديدة في الحرارة والتغيرات في دورة تجمد المياه وذوبانه يؤثرون في توصيل حمولة النهر في النظام النهري”، وأردف: “ولو تكررت هذه الأحداث وطال أمدها فستغير في مسار مجرى النهر وشكله”.

لكن هذه العملية ليست خطية، إذ أن التغيرات في استخدام الأراضي، من أجل تخفيف آثار تغيرات المناخ، قد يكون لها عواقب مفاجئة.

على سبيل المثال، إن إحدى الدراسات تذكر أن توسع غابات مستجمعات المياه النهرية في جبال البرانس الإسبانية قد أدى إلى نفاد الرواسب بغتة من قاع النهر.

التقنية العالية في التنبؤ بالأنظمة النهرية

كانت خصائص قاع النهر ونظام الرواسب تفحص سابقًا على طول مجرى النهر مقسمًا إلى أقسام متفاوتة الطول، والمناطق قد اختيرت حسب التغيرات في الغطاء الأرضي، مثل التشجير والراعي.

واختتم خويز كلامه قائلًا: “كانت البيانات محدودة بمحدودية المناطق، أما الآن فالطائرات المسيرة مع خوارزميات التعلم الآلي تستطيع أن تربط أسباب تغيرات أنظمة الأنهار المحلية ونتائجها بالاضطرابات العالمية على المدى البعيد. أظن أن النماذج الاحتمالية ستعطينا قريبًا نظرة أشمل وأدق”.

إذن تدل التقلبات والتحولات المعقدة للأنهار على حال الأراضي المجاورة وعلى المناخ، وعلى التواءات النهر المستقبلية.

المصدر: https://phys.org

ترجمة: ولاء الجشي

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!