crossorigin="anonymous">
6 سبتمبر , 2022
إن أسماك الزرد مخلوقات رائعة، فليس فقط يتمتعون بأجسام كاملة الشفافية وإنما أيضًا تتجدد أعضاءهم. وكما نعرف مسبقًا أن هذه الأسماك الصغيرة الشفافة تمتلك القدرة على تجديد الأنسجة الشبكية داخل أعينهم ولكن حاليًا، أوضحت دراسة جديدة كيف يمكن لأسماك الزرد إعادة إحياء أنسجة القلب بعد تعرضها لإصابة.
وطبقًا لما قاله جان فيليب يونكر عالم الأحياء التطوري في معهد برلين لبيولوجيا الأنظمة الطبية بألمانيا وكاتب الدراسة: “أردنا اكتشاف كيفية فعل هذه السمكة الصغيرة لذلك و ما إذا يمكننا التعلم منها”.
نشرت مجلة ناتشر جيناتكس Nature Genetics الدراسة الجديدة، بقيادة يونكر ومعه دانييلا باناكوفا الباحثة في الإشارات الخلوية بمركز ماكس ديلبروك للطب الجزيئي، والتي تصف تسلسل الأحداث المؤدية إلى تجديد خلايا القلب في سمكة الزرد.
في جسم الإنسان، لا تستطيع خلايا عضلة القلب والتي تسمى الخلايا العضلية القلبية أن تتجدد مثلما يحدث لخلايا قلب سمكة الزرد. فبسبب النقص الشديد في الأكسجين أثناء التعرض لأزمة قلبية تتضرر الخلايا العضلية القلبية لدينا وتتكون ندبة دائمة (تسمى تليف) بدلاً من العضلات التالفة مما يجعل القلب أضعف مما كان عليه سابقًا.
ولكن أسماك الزرد قادرة على إعادة نمو ما يقرب من 20 في المئة من قلوبها التي يبلغ حجمها ملليمتر واحد خلال شهرين من حدوث إصابة في خلايا عضلة القلب.
لذلك، ما أوضحته هذه الدراسة لنا أن خلايا النسيج الضام والتي تسمى الخلايا الليفية هي المُدبرة لعملية تجديد خلايا القلب بأسماك الزرد وذلك من خلال انتاجها لبروتينات تعمل كإشارات إصلاح.
وهذه الاستنتاجات الجديدة أصبحت بشكل مثير للإعجاب السبب في نجاح المجهودات الأخرى الواعدة في مجال الطب التجديدي والذي يهدف إلى استبدال أو إصلاح خلايا القلب المتضررة باستخدام العلاجات القائمة على زراعة الخلايا أو الأدوية التي تحاكي الجزيئات الموجودة بأسماك الزرد.
ففي وقتٍ سابق من هذا العام زَرع الجراحون لأول مرة قلب خنزير بداخل مريض بشري. ولكن بكل أسف وبالرغم من ذلك وفاته المنية بعد شهرين.
أيضًا في شهر مايو حدد الباحثون الخلايا البشرية التي تساعد قلب الإنسان على ترميم نفسه بعد حدوث نوبة قلبية.
كذلك في شهر يونيه نجح العلماء في علاج الفئران التي تعرضت إلى نوبة قلبية باستخدام تقنية الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA technique) والتي ترسل تعليمات وراثية لخلايا عضلة القلب لإصلاح نفسها.
وفي هذه الدراسة الجديدة، صعق الباحثون قلوب الحيوانات الصغيرة بإبرة شديدة البرودة لمحاكاة النوبة القلبية التي تحدث في الإنسان أو كما تسمى أيضًا احتشاء عضلة القلب وملاحظة ما حدث.
وكما قال يونكر: ” كانت الاستجابة الفورية للإصابة وبشكل مفاجئ متشابهة جدًا، ولكن بينما تتوقف هذه العملية في البشر عند هذه المرحلة فإنها تستمر في سمكة الزرد. فَتُكون خلايا عضلية قلبية جديدة قادرة على الانقباض”.
بعد ذلك فحص الفريق ما يقارب من 200,000 خلية قلبية معزولة من أسماك الزرد باستخدام تقنيات التسلسل أحادي الخلية قبل وبعد الإصابة واستخراج المعلومات الجينية من الخلايا الفردية لرؤية أي منها نشط في القلب المتضرر.
واكثشفوا ثلاثة أنواع من الخلايا الليفية التي دخلت مؤقتًا في حالة نشطة وفَعلت الجينات التي تُكود بروتينات بناء العضلات مثل الكولاجين XII المسؤول عن تعزيز نمو النسيج الضام.
وعندما أوقف الباحثون نشاط هذه الجينات في أسماك الزرد، لم تعد خلاياهم القلبية قادرة على التجدد مرة أخرى.
فطبقًا لما ذكره يونكر عن الكولاجين المُعبر عن الخلايا الليفية، “تتكون الخلايا الليفية في مكان الإصابة بالضبط”.
وفي الوقت الذي يمكن فيه للخلايا الليفية أن تلعب دورًا رئيسيًا، وُجد أن الخلايا الالتهابية والتي تسمى الخلايا البالعة (macrophages) هي مستجيب سريع للنوبات القلبية وضرورية لتجديد القلب، وذلك طبقًا لما أظهره بحث قديم أُجري على أسماك الزرد.
كما تحدد أيضًا أن الطبقة الخارجية لجدار القلب والمعروفة باسم النخاب هي مركز لتجديد القلب، وهو أمر تدعمه هذه الدراسة الجديدة.
وتتبع الباحثون الخلايا الليفية النشطة بعد هندسة الخلايا ذات الرموز الجينية المميزة وتبين أنها تكونت في نخاب أسماك الزرد حيثُ أنه المكان الوحيد الذي تنتج فيه الخلايا كولاجين XII.
وتُعد تقنيات التسلسل أحادي الخلية في صدارة تقنيات الجينوم سريعة التطور، تلك التي استخدمها الباحثون في هذه الدراسة لتحديد مكان خلايا القلب المُرسلة لإشارات تجديد الخلايا.
وبالرغم من أن تقنية التسلسل أحادي الخلية تستخدم على نطاق واسع وتوفر تفاصيل استثنائية حول نشاط الخلايا الأحادية، ستكون هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث لإثبات صحة نتائج الدراسة في نماذج أخرى من الكائنات الحية. فليس واضحًا إذا كانت الآليات التي تقودها الخلايا الليفية هي نفسها التي توجد في الثدييات مثل الإنسان والفئران.
وكما قال عالم الأحياء التطوري وكاتب الدراسة باستيان سبانجارد والذي يعمل أيضًا في معهد برلين لبيولوجيا الأنظمة الطبية بألمانيا: “إن تجديد القلب عملية معقدة تتأثر بالعديد من الأشياء المختلفة. فالتجارب أنتجت كميات هائلة من البيانات ولذلك كانت تصفية الإشارات الحيوية الصحيحة منها تحديًا كبيرًا للغاية”.
كذلك، يريد الفريق النظر عن كثب إلى الجينات التي فُعلت في الخلايا الليفية النشطة لتكويد البروتينات –على الأقل في أسماك الزرد- والتي يبدو أنها تحفز إعادة نمو خلايا عضلة القلب.
حاليًا، تُلقي الدراسة مزيدًا من الضوء على العمليات الحيوية التي تحدث كاستجابة للنوبة القلبية. فهي رؤية يمكنها مع الوقت أن تساعد على تجنب الأحداث القلبية اللاحقة التي تصبح أكثر خطورة بعد الإصابة بالنوبة القلبية الأولى.
نشرت هذه الدراسة في مجلة ناتشر جيناتكس Nature Genetics
المصدر: https://www.sciencealert.com
ترجمة: شاهندا جبريل
لينكد إن: shahenda-gebrel
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً