اكتشاف تعلم الأطفال السريع لأصوات اللغة بعد ساعات الولادة الأولى

اكتشاف تعلم الأطفال السريع لأصوات اللغة بعد ساعات الولادة الأولى

25 أغسطس , 2022

ترجم بواسطة:

عائشة الضبيعي

دقق بواسطة:

أماني نوار

صمم بواسطة:

نيرمين مارديني

الملخص الصوتي للمقال

لطالما شبهنا الأطفال حديثي الولادة باللوحة البيضاء الفارغة واعتقدنا ضعف قدراتهم على التعلم خلال أسابيعهم الأولى بعد الولادة، ولكن قدرتهم على معالجة اللغة والكلام تبدأ في واقع الأمر مبكرًا بصورة مبهرة، لدرجة أنها تبدأ منذ وجودهم في الرحم إذ يتعلمون تمييز الأصوات وبعض أصوات الكلام، كما يفضلون بعد الولادة أصوات الكلام على غيرها من الأصوات غير اللغوية، ورغم أن طريقة تعلم دماغ الطفل معالجة أصوات اللغة المعقدة ما زالت غامضة قليلاً، إلا أننا في دراستنا الحديثة المنشورة في مجلة طبيعة السلوكيات البشرية Nature Human Behavior اكتشفنا بعض تفاصيل هذه العملية السريعة والمحيرة بدءًا من الساعات الأولى ما بعد الولادة.

تعاونا مع فريق بحثي في الصين لإجراء تجربة على حديثي الولادة هناك، وآلية بحث عملية التعلم بدأت بوضع غطاء على رؤوس الأطفال وهو مزود بأجهزة تطلق انبعاثات ضوئية مطورة ومصممة لقياس التغيرات الطفيفة في مستويات الأكسجين في أدمغة الأطفال، وبذلك يمكن تحديد مناطق الدماغ التي كانت نشطة أثناء التجربة التي انتهت في غضون 3 ساعات من ولادة الطفل.

مع الإشارة إلى أن التجربة آمنة تمامًا وغير مؤلمة إذ لم يتطلب إتمامها سوى وضع هذا الغطاء المرن على رأس الطفل ثم أن يضيء الغطاء بأشعة تحت الحمراء دقيقة لكون الإشعاع الحراري أساسيًا في هذه التجربة، ووضع هذا الغطاء على الرأس هو شبيه بما يسمى في بعض الثقافات مهاد، وهي ممارسة شائعة في العديد من الثقافات تقوم على لف الأطفال حديثي الولادة في بطانية خفيفة ومرنة وضيقة لخلق جو شبيه بضيق الرحم للطفل وتهدئته مما يسهل انتقال الطفل من الرحم إلى العالم الخارجي المستقل، وقد تعرض جميع الأطفال خلال ساعات التجربة لعدة أصوات يتوقع الباحثون بأن الأطفال قادرون عل تمييزها مثل أحرف العلة كحرف (O) الذي شغله الباحثون للأطفال بشكله العادي وبشكله المعكوس أيضًا.

عادةً ما يكون الكلام المعكوس مختلفًا تمامًا عن الكلام العادي، ولكن الاختلاف يكون دقيقًا وصعب التمييز في حالة أحرف العلة، وقد وجدنا في دراستنا أن المستمعين البالغين ينجحون في التمييز بين حالتي أحرف العلة المعكوسة والعادية 7 مرات من أصل كل 10 مرات (70٪)، أما الأطفال حديثي الولادة فقد فشلوا في التفريق بين أحرف العلة العادية والمعكوسة بعد الولادة وذلك لأننا لم نجد فرقًا بين إشارات الدماغ في الحالتين خلال أول ثلاث ساعات بعد الولادة.

ولكننا لاحقًا صدمنا عندما لاحظنا أن الأطفال حديثي الولادة ميزوا أحرف العلة العادية والمعكوسة بعد الاستماع إليها لمدة خمس ساعات، إذ أصبحت استجابتهم لأحرف العلة العادية أسرع وأقوى كما كانوا في الغالب بعد ساعتين ينامون أثناء الأحرف العادية وذلك مقارنةً بالأطفال الذين بقوا في محيط صامت بعد الولادة، مما يعني أن دماغ الطفل في اليوم الأول من الحياة يستغرق بضع ساعات فقط لتعلم الفرق الدقيق بين أصوات الكلام الطبيعية (العادية) وغير الطبيعية (المعكوسة) إلى حد ما.

وقد تمكنا أيضًا من ملاحظة مناطق الدماغ في الفص العلوي وهو الجزء المرتبط بالمعالجة السمعية، والقشرة الأمامية التي تشارك في تخطيط الحركات المعقدة، إذ كانت نشطة في معالجة أصوات الحروف المتحركة خاصةً في الفص الأيسر مما يشابه نمط فهم اللغة والتحدث بها عند البالغين.

كما قد لاحظنا التواصل بين مناطق الدماغ المختلفة لدى الأطفال الذين تعرضوا لأصوات الكلام، إذ كانت الخلايا العصبية تتواصل عبر الدماغ بصورة لم نلحظها لدى الأطفال الذين ظلوا صامتين خلال نفس الفترة، مما يرجح احتمالية استفادة الأطفال من التحدث إليهم في لحظاتهم الأولى بعد الولادة إذ إن تطور العقل يبدأ من اليوم الأول.

أدمغة الأطفال ليست مبرمجة قبل الولادة

تدعم نتائج هذه التجربة مفهومًا شائعًا في علم الأعصاب اليوم، وهو ما يسمى بنظرية التجسيد والتي تقوم على أن أفكارنا وعملياتنا العقلية ليست مبرمجة قبل ولادتنا لتعمل على أساس شفرات وراثية غامضة، بل تعتمد على التجربة المباشرة والمحسوسة للعالم من حولنا من خلال الحواس التي تبدأ منذ لحظة الولادة، كالسمع والرؤية والتذوق والشم واللمس.

ولكن ذلك لا ينفي أن استعداد الدماغ للتعلم بناءً على تنظيمه ووظيفته المحددة يقوم على الشفرة الوراثية من آبائنا، إلا أنه بناء على فكرة التجسيد قادر أيضًا على الشعور بالبيئة الخارجية بمجرد الولادة.

وفي الختام، أود أن أؤكد بأن الفكرة لا تنطوي على التحدث إلى الطفل فحسب، بل يجب أن يشارك الطفل أيضًا في مختلف التجارب الحسية سواء كان ذلك من خلال تقريب رائحة الزهور إليه أو عرض بعض الجمادات عليه أو المناظر التي لم يرها من قبل، إذ إن خوض الطفل لهذه التجارب المختلفة يمنح دماغه طرقًا جديدة للنمو والتطور وربما المزيد من القدرات الإبداعية للمستقبل.

المصدر: https://www.sciencealert.com

ترجمة: عائشة بنت ناصر الضبيعي

تويتر: @AishaN19_

مراجعة وتدقيق: أماني نوار

تويتر: amani_naouar

تعليق صوتي: نيرمين مارديني


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!