الدور الجديد للحاجز الدموي الدماغي في الخلايا العصبية وآثاره التلفية

الدور الجديد للحاجز الدموي الدماغي في الخلايا العصبية وآثاره التلفية

29 أغسطس , 2022

ترجم بواسطة:

آية أبو زيد

دقق بواسطة:

ريما الحربي

بينما يحظى الحاجز الدموي الدماغي بالاهتمام لقدرته على التحكم الدقيق في الجزيئات التي تدخل الجهاز العصبي، إلا إننا نعرف إلا القليل عن تأثير الخلايا المكوِنة للحاجز المسؤول عن وظيفة الجهاز العصبي. قال الدكتور بيجمون هاغيغي، الحاصل على الدكتوراه، وأحد العاملين في معهد باك، والذي كشف الوظيفة الجديدة للخلايا: “كل ما نعرفه حاليًا عن الحاجز الدموي الدماغي ما هو إلا الأساسيات لا أكثر”.

هاغيغي هو الكاتب البارز لدراسة نُشرت في 19 أغسطس عام 2022، وصدرت في المجلة العلمية “وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم” (the proceeding of the national academy of sciences, PNAS) حيث تعرض الدراسة للمرة الأولى دليلاً على أن الإشارات الناشئة من خلايا الحاجز تلعب دورًا مباشرًا في التحكم بوظائف الخلايا العصبية التي يحميها الحاجز، ولوحظ ذلك في دراسة على ذباب الفاكهة.

يصحب انهيار الحاجز الدموي الدماغي عدة حالات عصبية، ومنها الصرع والتصلب المتعدد بالإضافة إلى أمراض الشيخوخة التنكسية العصبية كمرضي الزهايمر وباركنسون. قال هاغيغي: “نجد أن الحاجز لا يعمل فقط على الحماية لكنه أيضًا يعمل على التنظيم”، وتابع: “يتسبب انهيار الحاجز في مشاكل أكثر من مجرد كونه ناتجًا ثانويًا عن الأمراض التنكسية العصبية، ندرك الآن بالتأكيد أنه طريق ذو اتجاهين”.

تقدم النتائج نهجًا تصوريًا جديدًا بحتًا عن العلاجات التي قد تعكس التلف الناتج عن الأمراض التنكسية العصبية، وابتكار استراتيجيات لتمرير العقارات الدوائية عبر الحاجز الدموي الدماغي والوصول للأماكن داخل الدماغ.

يشرح هاغيغي نتائج أبحاث فريقه على النحو الآتي: تخيل أن هناك حارس بوابة يقف عند المدخل ويفحص بطاقات الهوية ليتأكد أن من يدخل مسموح له بذلك حتى إنه يفحص بطاقات الهوية للذين عبروا من الباب الخلفي ويطرد من لا يفترض بهم التواجد، هذه هي وظيفة الحاجز الدموي الدماغي.

والآن تخيل أن حارس البوابة لا يكتفي بذلك، لكنه أيضًا يعطي تعليمات بالاتجاهات وما يجب فعله، اكتشف فريق هاغيغي تلك الوظيفة الثانية.

قام الفريق بدراستهم على يرقات ذباب الفاكهة، والذي على الرغم من عدم امتلاكه نفس التعقيدات الموجودة عند الفقاريات في الحاجز الدموي الدماغي، إلا أنهما متماثلان في معظم الخواص، بالإضافة إلى سهولة دراسة نظامهم.

الخلايا الأساسية التي توفر حاجزًا للأعصاب في ذباب الفاكهة هي خلايا دبقية متخصصة وتشبه في عملها الخلايا البطانية المتخصصة التي تشكل جزءًا هامًا في الحاجز الدموي الدماغي في الفقاريات العليا بما فيهم الإنسان.

بدأ الفحص بالتركيز على الإنزيمات المعدنية المحللة للبروتين بسبب احتمالية كونها رئيسية في التفاعلات بين الخلايا الدبقية والعصبية. تعرف الفريق على المسار المعروف بإشارة الشق، عن طريق المقاربة الجينية للبحث عن المسؤول عن تنظيم التعبير لهذه الإنزيمات، يوجد الشق في كل من ذباب الفاكهة والإنسان، ويرتبط بأمراض الأوعية الدموية والخرف والسكتة الدماغية.

قال هاغيغي:”لم نكن نخطط لدراسة الشق، لكننا اكتشفنا أنه الطرف الرئيسي في الحفاظ على الحاجز الدموي الدماغي”. اكتشفوا أن إشارة الشق في الخلايا الدبقية تنظم بناء الحاجز بشكل تام، وعند منع الإشارة تضعف وظيفة الحاجز بالإضافة إلى “تأثر العمل الأساسي للنظام العصبي” طبقًا لما قاله، بما في ذلك إطلاق الناقلات العصبية والانقباضات العضلية.

يؤثر التلاعب في إشارة الشق تحت ظروف معينة على كيفية إطلاق الخلايا العصبية بالرغم من بقاء الحاجز الدموي الدماغي سليمًا، مما يشير إلى وجود إشارة في الحاجز الدموي الدماغي لا تحافظ فقط على وظيفة الحاجز بل وأكثر، وذلك طبقًا لما قاله هاغيغي. قد يتسبب انهيار وظيفة الحاجز في خلل في النظام العصبي، بدلاً من كونه مترابطًا معه أو حتى ناتج عن تلف آخر.

وقال: “هذا تطور في المنهج الفكري لأننا نرى خللاً في وظيفة الحاجز بدون أي تسريب واضح من الحاجز، مما يعني أن له تأثيرًا على وظيفة التشابكات العصبية”، حيث لم يلحظ أحد من قبل أن خلايا الحاجز تتحكم بنفسها في النشاط العصبي.

وأضاف: “لا يمكننا معرفة السبب والمؤثر بعد، لكن يمكننا القول إنه أكثر من مجرد ترابط يؤدي إلى إصابة بعض المرضى بانهيار الحاجز الدموي الدماغي: إنه خلل مهم مرتبط مع الأمراض التنكسية العصبية”.

تفتح نتائجهم الطريق إلى منظور مختلف تمامًا لتطوير علاجات جديدة تهدف إلى عكس الخلل في وظيفة الحاجز المرتبط بالأمراض التنكسية العصبي.

يسعى فريق هاغيغي في اتجاهات عدة للبناء على هذه الفرضية المثيرة للاهتمام، كانوا يبحثون في اثنين من الطفرات الجينية الأولية لمرض الزهايمر ووجدوا انهيارًا سريعًا في الحاجز الدموي الدماغي عند تعبير هذه الجينات في الذباب. يفترض فريق الدراسات المعلوماتية الحيوية أن معظم الجينات المعروفة في الذباب لها نظائر في الإنسان وأن وظائف الكثير من هذه الجينات في الإنسان مجهولة.

لا نعرف الكثير بعد عن نسخة الشق في الإنسان أو الإنزيمات المعدنية المحللة للبروتين، وخلاف ذلك، فإن الطفرة في بروتين الشق في الإنسان تؤدي إلى انهيار الحاجز الدموي الدماغي والخرف كما وُجد أن العديد من الإنزيمات المعدنية المحللة للبروتين مُعبرة بشكل غير طبيعي في حالة الأمراض التنكسية العصبية والخلل في الحاجز الدموي الدماغي.

ويختم هاغيغي حديثه قائلاً: “نأمل أن نتمكن من العمل بطريقة عكسية حتى نفهم بشكل شامل العلاقة بين الحاجز الدموي الدماغي والأمراض التنكسية العصبية”، وأضاف: “نستكشف كل مسارات هذه الإشارات لنرى إذا كان من الممكن ترجمة وظيفة التشابكات العصبية في اليرقات إلى نموذج عالمي للأمراض التنكسية العصبية وفقًا للعمر”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: آية أبوزيد

تويتر: Ayaabuzaid

مراجعة وتدقيق: ريما الحربي

تويتر: @_reemaharbi


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!