الأطفال الذين يعانون من نقص النوم عُرضة لتأثير ضار مستمر على العقل والنمو الإدراكي

الأطفال الذين يعانون من نقص النوم عُرضة لتأثير ضار مستمر على العقل والنمو الإدراكي

22 أغسطس , 2022

ترجم بواسطة:

عبد الله يحيى

دقق بواسطة:

زينب محمد

وفقًا لدراسة جديدة أجراها باحثون بكلية الطب جامعة ميرلاند، فإن أطفال المرحلة الإبتدائية الذين يتناوبون على النوم لمدة تقل عن 9 ساعات في الليلة الواحدة، يُظهرون اختلافات واضحة في مناطق معينة بالعقل؛ تلك المسؤولة عن الذاكرة والذكاء والسعادة في الإنسان، وذلك مقارنةً بالأطفال الذين تتراوح مدة نومهم ما بين 9 إلى 12 ساعة يوميًا؛ وهي المدة المُوصى بها.

بدا أن تلك الاختلافات على الأطفال الذين يعانون من قلة النوم، مرتبطة بمشاكل عقلية أكثر خطورة مثل: الاكتئاب والقلق العصبي وتنامي السلوك العدواني لديهم، كما ارتبط النوم غير الكافي بصعوبات إدراكية كمشاكل ضعف الذاكرة وعدم القدرة على معالجة المشاكل واتخاذ القرارات. نُشرت تلك المستجدات البحثية في 29 يوليو بمجلة The Lancet Child & Adolescent Health.

تُوصي الأكاديمية الأمريكية لطب النوم (AASM) بضرورة حصول الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 12 سنة على ما مقداره 9 إلى 12 ساعة نوم يوميًا وبانتظام للتمتع بحياة صحية أفضل. لا يوجد حتى الآن دراسات قامت بفحص التأثير طويل المدى لقلة النوم على نمو الجهاز العصبي لمرحلة ما قبل المراهقة.

ولعمل تلك الدراسة، فحص الباحثون البيانات التي جُمعت من حوالي ما يزيد عن 8300 طفل تتراوح أعمارهم ما بين 9 و10 سنوات حيث سُجلوا في دراسة عن التطور الإدراكي لعقل المراهقين. أجرى الباحثون أشعة رنين مغناطيسي ومتابعات طبية واستطلاعات على الأطفال المشاركين وعلى آبائهم وقت تسجيلهم بالتجربة وكذلك متابعتهم بشكل دوري خلال عامين من بداية التجربة إلى حين بلوغهم سن 11 أو 12 عامًا. وتعد تلك الدراسة المُمَولة من معاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH)، هي أطول دراسة (زمنيًا) تُجرى عن نمو العقل وصحة الأطفال بالولايات المتحدة الأمريكية.

صورة توضيحية لتغير المادة الرمادية بالدماغ نتيجة نقص النوم، اللون الأحمر يشير إلى المناطق المتأثرة بالدماغ

يقول دكتور زي وانج، المؤلف المراسل بالدراسة وأستاذ الطب النووي والإشعاعي بكلية الطب جامعة ماريلاند: “وجدنا في بداية الدراسة أن الأطفال الذين يعانون من نقصٍ في النوم، أي أقل من 9 ساعات نوم يوميًا، لديهم مادة رمادية أقل بالدماغ ( المادة الرمادية هي مادة تتواجد بالطبقة الخارجية للدماغ وتعرف بقشرة الدماغ ) في المناطق أو المساحات المسؤولة عن الانتباه والذاكرة والتحكم بالتصرفات، وذلك مقارنةً بالمادة الرمادية الموجودة بقشرة دماغ الأطفال المواظبين على عادات النوم الصحي”.

واستكمل حديثه قائلاً: “استمرت تلك الاختلافات بحجم المنطقة الرمادية بالدماغ بعد مرور عامين من إجراء التجربة، مما ينذر بضرر طويل الأمد لأولئك الأطفال الذين لا يحصلون على نومٍ كافٍ”. يعتبر ذلك أحد أوائل الاكتشافات التي توضح مدى التأثير طويل المدى لنقص النوم على النمو العصبي الإدراكي للأطفال. وفقًا لدكتور وانج وزملائه، فإن هذا الاكتشاف يعزز كذلك وبشكل جوهري من أهمية الالتزام بساعات النوم المُوصى بها.

وجد فريق البحث، من خلال تقييم للمتابعة أجروه، أن الأطفال الحاصلين على معدلات نوم كافية بدؤوا في تقليل ساعات نومهم تدريجيًا خلال العامين التاليين، وهو ما يعد طبيعي مع دخولهم في مرحلة المراهقة، بينما ظلت معدلات النوم للأطفال غير الحاصلين على نومٍ كافي كما هي خلال نفس العامين. تأكد الباحثون خلال تجربتهم من إحكام السيطرة على العوامل الخارجية التي من شأنها أن تؤثر على نتائج التجربة مثل الحالة الاجتماعية الإقتصادية للطفل ونوعه (ذكر أم أنثى) وسن البلوغ الخاص به.

 يقول دكتور وانج: “حاولنا أن نقارب ما بين المجموعتين قدر الإمكان، وذلك من أجل أن نفهم تمامًا التأثير طويل الأمد للنوم غير الكافي على عقل الطفل في مرحلة ما قبل المراهقة، ما زلنا في حاجة لدراسات إضافية لتؤكد نتائجنا ولنرى ما إذا كان هناك أي عوامل خارجية قد تُساعد على تحسين عادات النوم وتعكس تلك الأضرار العصبية الناجمة عنها”.

تشجع “الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال” الآباء على تربية الأطفال وحثهم على عادات النوم السليم. وتشمل نصائح الأكاديمية جعل المواظبة على ساعات النوم الكافية أولوية داخل الأسرة من خلال الالتزام بروتين نوم يومي منتظم، كما تشجع الأكاديمية على ممارسة الأطفال لنشاط بدني أثناء اليوم، بالإضافة لضرورة تقليص الوقت المنقضي أمام الشاشات الإلكترونية، والابتعاد عنهم تمامًا قبل ساعة من النوم.

يقول دكتور الطب والفلسفة ألبرت ريس: “تشير هذه النتائج البحثية الهامة للدراسة إلى مدى أهمية عمل دراسات أخرى طويلة الأمد على نمو عقل الأطفال، عادةً ما يُتجاهل التركيز مع النوم في خضم حياة الأطفال المزدحمة بالواجبات الدراسية والأنشطة المدرسية. لكننا الآن صرنا نعلم ضرر هذا التجاهل على نمو الطفل وسلامة عقله”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: عبدالله يحيى عبدالمؤمن

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!