كيف يؤثر التمييز العرقي على أدمغة ضحاياه؟

كيف يؤثر التمييز العرقي على أدمغة ضحاياه؟

20 أغسطس , 2022

دقق بواسطة:

زينب محمد

قد يترتب على المعاناة من التمييز العرقي تغيرات بالمادة البيضاء في الدماغ.

النقاط الرئيسية

  • يؤثر التمييز العرقي على الصحة العقلية والجسدية لضحاياه على المدى الطويل.
  • تُوصل في دراسةٍ حديثةٍ إلى أنَّه قد تتغير بنية المادة البيضاء في الدماغ لدى أولئك الذين يُمارس ضدهم التمييز العرقي.

تؤثر التغيرات الواقعة على الدماغ الناتجة عن الآثار التراكمية لعيش تجارب عنصرية (تمييز عرقي) على عملية تعامل الدماغ مع الضغط النفسي وقد يؤدي ذلك لسلوكياتٍ مدمرةٍ.

ينجم عن التمييز العنصري (العرقي) آثارٌ على الصحة العقلية والجسدية لضحاياه على المدى الطويل، وهي آثارٌ لا تقل خطورة عن تلك الحاصلة لدى ضحايا العنف الجنسي، والتنمر وضحايا أشكال العنف والتجارب المؤلمة الأخرى. وضح الباحثون في دراسةٍ حديثةٍ موضوعها العنصرية صادرة عن قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية بجامعة (إيموري) أن التوتر (الضغط النفسي) الناتج عن المعاناة من العنصرية يُحدث تغييرًا على الدماغ ويزيد من خطر إصابة الفرد بمشاكلٍ صحيةٍ كالربو، أو داء السكري  أو ألم مزمن.

تتعدى نتائج هذه الدراسة ما قد تُوصل إليه بالفعل بأن التمييز العرقي يضر بصحة وسلامة ضحاياه حيث شملت توضيحها لما يحصل، حقيقةً، لبنية المادة البيضاء في أدمغةِ من خاضوا تجارب مؤلمة تتضمن تمييزًا وعنصريةً عرقيةً ضدهم.

 تشغل المادة البيضاء نصف مساحة الدماغ وتتكون هذه المادة من خلايا عصبيةٍ وأليافٍ (مسارات عصبية) وهي التي تُسهل كُلًّ مِنْ: عملية انتقال المعلومات وعملية اتصال مناطقَ متعددةٍ في الدماغ. وتُعزى تسمية المادة البيضاء بهذا الاسم إلى غمد الميالين الذي يُحيط بحزمٍ من الألياف العصبية والذي يحميها ويعطي النسيجَ لونَهُ الأبيض، بالتالي فإن أيَّ ضررٍ يُصيبُ المادة البيضاء يؤثر على الخلايا العصبية بشكلٍ كبيرٍ.

يرتبط أيُّ تلف أو تغيير في المادة البيضاء بالدماغ بأعراض الخرف، والتدهور المعرفي (تدهور القدرات المعرفية)، وأيضًا مشاكلَ صحيةٍ أخرى تتعلق بالذاكرة، والتوازن، والحركة وقدرة الدماغ على التحكم بالعواطف والانفعالات. هذا وأثبتت أيضًا دراسات عديدة ما يسببه التعرض لعيش تجارب تتضمن معاناةٍ عنصرية (تمييزعرقي) من إتلافٍ للمادةِ البيضاء في أدمغةِ ضحاياها.

حلل باحثو جامعة إيموري محاورًا أو حزمًا عصبية معينة تربط مناطق مختلفة من الدماغ؛ مستعينينَ بنتائجِ فحص أشعة الرنين المغناطيسي لتسعٍ وسبعين سيدةً أمريكية من أصل أفريقي وآخرياتٍ من سوداوات البشرة. عندها وجدوا تغييرات في هذه المحاور العصبية وعُرفت هذهِ الحالة بأنها آلية دماغية معيبة والتي من المحتمل أن تؤدي إلى نتائجَ صحيةٍ سيئةٍ.

اتضح بأن السيدات اللاتي أبلغن عن تجاربَ تضمنت تمييزًا عرقيًا أقسى وأكثر، يعانين من اضطراباتٍ هيكلية في مساحات المادة البيضاء أكثر حدة مِنْ ما تعاني منه الآخريات اللاتي بالمقابل عانين من تمييزٍ عنصري أقلَ قسوة خلال حياتهن.

علمًا بأن المحاور العصبية التي حُللت في هذه الدراسة هي تلك المرتبطة بالتحكم بالعواطف والانفعالات والعمليات العقلية المعرفية وبهذا يفترض هؤلاء الباحثون بأن الضغط النفسي (الإجهاد النفسي) الناتج عن العنصرية، والصدمات المرتبطة بها، والتمييز العرقي يؤثر على المادة البيضاء في الدماغ ويتضح ذلك جليُّا مِنْ خلال إخلاله بطريقة استجابة الأدمغة للتوتر والإجهاد وقد يؤدي إلى تغييرات في سلوك الفرد والتي قد تقود الضحايا للميل للأنشطة المتسمة بالخطورة كتعاطي المخدرات والإفراط في تناول الطعام.

تبين في دراساتٍ سابقة أنَّ ما يخلفه التمييز العرقي مِنْ آثارٍ سلبيةٍ في مرحلة الطفولة المبكرة، بشكلٍ مباشرٍ وغير مباشرٍ، له أثرٌ سلبي عميق فيما يخص الجانب الاجتماعي والعاطفي في حياة الطفل وقد يصل ذلك إلى آثارٍ سلبية أخرى دائمة على كُلٍّ مِنْ صحته العقلية والجسدية كلما تقدم به العمر.

إلّا أنَّه إلى جانب أيِّ شكلٍ مِنْ أشكال التمييز العرقي، التي تمارس بشكلٍ مباشرٍ، قد يكون للتمييز العنصري، غيرِ المباشر مما قد مُرس إمّا على الآباء، أو الأمهات، أو أحد أفراد الأسرة أو آخرين ممن هم في محيط حياة الطفل وأدى إلى تدهورٍ في صحتهم أثرًا سلبيًا مباشرًا على صحة وتطور الطفل الاجتماعي والعاطفي؛ بمعنى آخر، يمكن أنّْ يؤدي ذلك الضغط النفسي الذي يُمارس على الأم والأب أو أحد أفراد العائلة باسم التمييز العرقي إلى لجوئهم لسلوكياتٍ تربوية مدمرة والتي قد تُحدث تأثيرًا سلبيًا شديدًا على الصحة العقلية والجسدية للأطفال والرضع.

على كُلٍّ، هنالك أيضًا أدلة علمية مستجدة شُبهت فيها الأعراض المتعلقة بالجانب المعرفي، والعاطفي والسلوكي الناتجة عن التعرض لصدمة نفسية إزاء التعرض لتجاربَ مؤلمة احتوت تمييزًا عنصريًا بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة ويصاب بهذا الاضطراب، عادةً، قدامى الجنود العائدين من الحروب، ضحايا العنف الجسدي والجنسي أو ضحايا أحد أنواع العنف الأخرى وأيضًا أولئك الذين مروا بكوارثَ خطيرةٍ خلال حياتهم كالحوادث والفواجع المؤلمة.

يُتوقع أنه كلما زاد عدد الدراسات المُجراة لفهم آثارِ ممارسة التمييز العنصري التراكمية والحالية على الأشخاص ذوي البشرات الملونة كأصحاب البشرة السوداء، تمكن الباحثون أكثر من تطوير أدوات التقييم المناسبة للحالات والتوصية بخطط علاجية مخصصة وذلك لعلاج الصدمات النفسية والمشاكل الصحية الناتجة عن المعاناة بسبب التمييز العرقي.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: وجدان سليمان الرشيد

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!