لماذا لن تكون راضيًا عن الحياة أبدًا

لماذا لن تكون راضيًا عن الحياة أبدًا

19 أغسطس , 2022

ترجم بواسطة:

وعد عباس

دقق بواسطة:

زينب محمد

مفاجئة علم النفس حول سبب تأصل عدم الرضا.

النقاط الرئيسية

  • وجد باحثون ان شعور الرضا ليس جيدًا للنوع البشري، لأنه يبعدنا عن السعي وراء فوائد أكثر أو تحسينات.
  • العوامل النفسية التي تجعل الرضا مؤقتًا تتضمن الملل والتحيز السلبي والاجترار والتلذذ التكيفي.
  • إن عدم الرضا ليس سببًا في التخلي عن النجاح، بل سبب لتقديم فرصة لانتصارات دائمة وذات مغزى.

لماذا نحن دائمًا وأبدًا قلقون وغير راضين؟ إننا نعيش في أكثر عصور التاريخ أمنًا وصحة وتعليم وديمقراطية، ومع ذلك فإن جزءًا من الطبيعة البشرية يدفعنا للبحث عن مهرب مما يتقد بداخلنا باستمرار.

 كما قال شاعر القرن الثامن عشر صاموئيل جونسون، “إن حياتي هروب طويل من نفسي”.

الحقيقة أننا لم نفطر على الشعور بالرضا والقناعة أبدًا

يعود ذلك لسبب بسيط وهو كما عبر عنه باحثون لمراجعة علم النفس العام: “إذا دام شعور الرضا والمتعة، سيكون هناك باعث قليل لمواصلة البحث عن المزيد من الفوائد والتقدم”.

بعبارةٍ أخرى الشعور بالرضا ليس جيدًا لنا نحن البشر.

عمل أسلافنا بجهد أكبر، لأنهم تطوروا ليكونوا قلقين دومًا وهكذا بقينا حتى اليوم.

المكونات الأربعة لعدم الرضا

أربعة عوامل نفسية تجعل الرضا مؤقتًا

أولها الملل، إن الفترات التي يتجنب فيها الناس الملل صادمة حرفيًا.

قامت دراسة نشرت في عام 2014 في مجلة ساينس بملاحظة عدد من المشاركين الذين طلب منهم الجلوس بغرفة والتفكير لمدة خمس عشرة دقيقة وكانت الغرفة فارغة، إلا من أداة تسمح للمشاركين بصعق أنفسهم بشكل خفيف لكن مؤلم.

قد تتسائل لمَ قد يود أحدهم فعل ذلك؟!

عند سؤالهم قبل التجربة، قال كل مشارك في الدراسة إنهم قد يدفعون المال لتجنب الصعقة الكهربائية. عند تركهم بمفردهم بالغرفة مع الآلة فقط. قام 67% من الرجال و25% من النساء بصعق أنفسهم ومنهم من قام بذلك عدة مرات.

أظهرت الدراسة أن الناس لا يحبون البقاء وحيدين مع أفكارهم، بل إنهم سيفضلون القيام بأي شيء آخر حتى لو كان هذا الشيء ضارًا.

ليس مفاجئًا إذ أن أشهر خمسة وعشرون موقعًا في أمريكا تتاجر بالهرب من جهادنا اليومي سواء من خلال التسوق أو إشاعات المشاهير أو جرعات صغيرة من التفاعل الاجتماعي.

العامل النفسي الثاني يقودنا للتحيز السلبي.

وقد عُرّف بأنه ظاهرة تكون فيها الأحداث السلبية أكثر بروزًا وتتطلب انتباهًا بشكل أقوى من الأحداث المحايدة أو الإيجابية.

وكما انتهى مؤلف إحدى الدراسات: “يبدو أنه من الحقائق الأساسية المنتشرة في علم النفس أن الشر أقوى من الخير”.

يبدأ هذا التشاؤم في وقت مبكر جدًا من الحياة. حيث يبدأ الأطفال في إظهار علامات التحيز السلبي بدءًا من عمر سبعة أشهر فقط، مما يشير إلى أن هذا الميل يبدأ منذ نعومة أظافرنا.

يعتقد الباحثون أننا نميل لسهولة تذكر الذكريات السيئة مقارنةً بـالجيدة منها، ووجدت دراسات أن الناس على الأرجح يسترجعون ذكرياتهم التعيسة من طفولتهم أكثر من وصف نشأتهم بالسعيدة بشكل عام.

من المؤكد أن التحيز السلبي أعطانا ميزة تطورية. إن الأشياء الجيدة جميلة، لكن الأشياء السيئة يمكن أن تقتلك. لهذا السبب نعطي انتباهًا إلى الأشياء السيئة أولاً ونتذكرها بشكل أفضل. بعبارةٍ أخرى إنه مفيد ومدمر في نفس الوقت.

العامل الثالث هو الاجترار، أي نزعتنا للاستمرار في التفكير بالتجارب السيئة.

إذا سبق لك أن فكرت مطولاً في شيء فعلته أو فعله شخص ما بك، مرارًا وتكرارًا، فهذا يعني أنك ذو تجربة مع الاجترار.

هذه “المقارنة السلبية للموقف الحالي للفرد مع بعض المعايير غير المنجزة” يمكن أن تظهر في أفكار النقد الذاتي مثل، “لماذا لا يمكنني التعامل مع الأمور بشكل أفضل؟”.

كما تلاحظ إحدى الدراسات أن من خلال التفكير في الخطأ الذي حدث وكيفية تصحيحه، ربما يتمكن الأشخاص من اكتشاف مصادر الخطأ أو استراتيجيات بديلة، مما يؤدي في النهاية إلى عدم تكرار الأخطاء وربما القيام بما هو أفضل في المستقبل هذه عملية أخرى من المحتمل أن تكون مفيدة لكن هل يمكن أن تجعلنا بائسين؟

أما العامل الرابع، الذي قد يكون الأكثر قسوة من بين العوامل جميعها وهو التلذذ التكيفي، أي الميل إلى العودة بسرعة إلى مستوى أساسي من الرضا بغض النظر عما يحدث لنا في الحياة.

التلذذ التكيفي هو طعم وتبديل الطبيعة الأم. أي أن كل أنواع الأحداث الحياتية التي نعتقد أنها ستجعلنا أكثر سعادة في الواقع ليست كذلك أو على الأقل، ليس لفترة طويلة.

كما كتب ديفيد مايرز في السعي وراء السعادة: “كل تجربة مرغوبة – حب متقد، وارتقاء روحي، ومتعة امتلاك شي جديد، وبهجة النجاح – هي تجربة مؤقتة”. بالطبع، كما هو الحال مع الملل، والتحيز السلبي، والاجترار، هناك فوائد تطورية للتلذذ التكيفي.

كما يوضح مؤلف إحدى الدراسات: “إن الأهداف الجديدة تجذب انتباه الفرد باستمرار ويسعى المرء دائمًا ليكون سعيدًا دون أن يدرك عدم جدوى هذه الجهود على المدى الطويل”.

هذه المكونات مجتمعة تضيف إلى حياتك المزيد من عدم الرضا عن الحياة حتى لو كانت ظروفك على ما يرام. فقد نكون نحن البشر مجبولين على السعي وراء السعادة، لكننا قد لا نكون مجهزين لتجربة هذا.

هل يمكننا أن نعزف موسيقى الترومبون الحزينة الآن؟ هل العبث مصيرنا؟ بالطبع لا.

عدم الرضا ليس هزيمة

إذا وجدت نفسك غير سعيد بالحياة، فهذا لا يعني أنك هُزمت. فالخلاصة هنا أنه إذا كنت غير سعيد، فأنت طبيعي.

عدم الرضا هو المسؤول عن تقدم جنسنا البشري، وإذا لم تشعر به من قبل ستكون بوضع صعب للغاية. إن عدم الرضا ليس سببًا للتخلي عن النجاح، بل هو سبب لتقديم فرصة لتحقيق انتصارات متكررة وذات معنى في حياتك.

من المهم إدراك أن الكفاح والأوقات الصعبة هي مجرد جزء من كونك إنسانًا. إن المتفوقون يدفعون أنفسهم خلال المشقة والاستياء، بدلاً من محاولة الهرب منه بالإلهاء.

كل يوم هو فرصة للعيش وفقًا لقيمك، والتي أعرّفها على أنها سمات الشخص الذي تريد أن تكونه إن العيش بقيمك يعني قضاء وقتك بإصرار في الأشياء التي تقرر أنها مهمة. يمكنك القيام بذلك بشكل ملموس للغاية إذا قمت ببناء القيم الخاصة بك في تقويمك الخاص. هذا يعني جدولة الوقت لما هو أكثر أهمية.

في نهاية اليوم، يمكنك إلقاء نظرة على ما كنت تنوي القيام به، ومقارنته بما قمت بإنجازه، والاحتفاء بفوزك إذا ما بقيت على المسار الصحيح. عندما ترتقي بقيمك، بدلاً من إلهاء نفسك عن الشعور بعدم الراحة والاستياء، فإنك ستصبح غير مشتت.

المصدر: Psychology Today

ترجمة: وعد عباس

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!