أحلامنا مزيج بين الماضي والمستقبل

أحلامنا مزيج بين الماضي والمستقبل

10 أغسطس , 2022

ترجم بواسطة:

بلقيس الصالح

دقق بواسطة:

منيرة المطيري

أثناء أحلامنا نمزج بعض الذكريات مع تصورات مستقبلية.

نقاط رئيسية

  • تشير دراسة حديثة إلى أن الأحلام تحتوي على ذكريات من الماضي وأحداث مستقبلية خيالية.
  • تختلط في الأحلام أحداث ماضية، وأفكار ومخاوف لتكون مشهدًا جديدًا.
  • الذكريات ديناميكية وبناءة، بالتالي فإن تذكرنا للماضي يحدد مدى قدرتنا على تخيل المستقبل.

أشارت ايرين وامسلي في دراسة حديثة إلى أنه بالرغم من أن معظم الأحلام تحتوي على عناصر من تجارب سابقة إلا أن الكثير منها، ما عادل ٢٥٪ كما أشارت الدراسة، يحتوي على أحداث مستقبلية محتملة.

طلبت ايرين من المشاركين في الدراسة أن يمكثوا ليلة في معمل النوم، حيث قام فريق البحث بإيقاظهم في أوقات مختلفة خلال الليل وطلبوا منهم وصف أحلامهم. في صباح اليوم التالي، استمع المشاركون إلى تسجيلات الليلة وطُلب منهم تحديد مصدر عناصر الأحلام بدقة مع ذكر الذكرى والتاريخ.

إضافةً إلى التعرف على العناصر المتعلقة بالذكريات، طلبت وامسلي من المشاركين أن يزودوها بمعلومات حول العناصر المتعلقة بالأحداث المستقبلية. كانت معظم الأحلام متعلقة بحدثٍ ما في الماضي كما هو متوقع، لكن ما يقرب من 25% من الأحلام احتوت على أحداث مستقبلية مُتخيَلة كالعرض القريب للفرقة المفضلة لأحد المشاركين، أو الانتقال لسكن آخر. وأخيرًا، فإن كثير من الأحلام تتكون من مزيج بين ذكريات من الماضي وأحداث مستقبلية محتملة.

قد تكون تلك النتائج مهمة لفهم الأحلام وآليتها، ولكنها تساعدنا أيضًا على فهم طريقة شعورنا بالوقت عمومًا. تبني أدمغتنا ماضينا وتتخيل مستقبلنا ويحدث هذا في حالة الوعي وفي حدود النوم والاستيقاظ.

تُصنع الأحلام من الذكريات

يؤدي النوم العديد من الوظائف الحيوية والتي تتراوح بين وظائف فسيولوجية أساسية حتى معالجات إدراكية معقدة. عندما نواجه مشاكل جديدة، وتحديات، وقلق نقول sleep on it بمعنى انساها، ولكن علم أبحاث النوم استخدم هذه العبارة حرفيًا، حيث إن العديد من الدلائل تشير إلى أن أمرًا غريبًا يحدث لأدمغتنا أثناء النوم كالمعالجات التي تتم لتخزين الذكريات وفهم الحياة، وله دور أيضًا في جاهزيتنا لاستقبال اليوم التالي بنظرة جديدة.

ماذا عن الأحلام؟ هل لمحتوى الأحلام دور في المعالجة غير الواعية لتخزين الذكريات أثناء النوم؟ يبدو فهم آلية الأحلام كأمنية لباحثي الأحلام. نتصارع وتستحوذ علينا الأفكار بشأن أهمية الأحلام وآليتها إن وجدت، وما إذا كان الحلم بحدث سابق يساعد أو يعرقل تخزين الذكريات.

لا يزال دور الأحلام حول الذكريات سؤالاً مفتوحًا، حيث أشارت الدراسات إلى أن الأحلام قد تدمج الذكريات دون تكرار غالبًا وربما تأتي تلك الذكريات من اليوم السابق (ظاهرة أسماها فرويد بقايا اليوم)، وأحيانًا من خمسة أو سبعة أيام سابقة والتي أسماها باحث الأحلام توري نيلسن تباطؤ الحلم، وفي أحيانٍ أخرى من الماضي البعيد. أشار الباحثون أيضًا إلى أننا نحلم بما يهمنا من أشخاص، وأماكن، وأحداث أو حتى أفكار مهمة، بالإضافة لعناصر عشوائية من حياتنا.

هل تساعد الأحلام في تخزين الذكريات؟ وبصيغة أخرى، هل من الجيد أن تحلم الليلة بما تعلمته أثناء اليوم؟ حاولت الكثير من الدراسات الإجابة على هذا السؤال فوجد البعض منها تحسّنًا في الذاكرة بعد الحلم بمهمةٍ ما، وفشل البعض الآخر في إيجاد أي علاقة.

يتضح أنه لو كان للأحلام علاقة بالذاكرة، فإن تلك العلاقة أكثر تعقيدًا من أن تكون مجرد ظهور الذكرى المهمة في حلم، فلا يبدو على أولئك الذين يدعون أنهم لا يتذكرون أيًا من أحلامهم أي قصور في الإدراك، مقارنةً بمن يحلمون كثيرًا. قد تكون الأحلام من صنيع الذكريات، ولكن هذا لا يعني بأن وظيفتها تخزينها، أو على الأقل ليست تلك وظيفتها الوحيدة.

الذكريات والأحلام بناءة، وديناميكية، ومبتكرة

على الرغم من أن دور النوم في وظائف الذاكرة لا يزال غير واضحًا تمامًا، إلا أنه مقبول في الأوساط العلمية. ولكن ما هي الذاكرة؟ الذاكرة الشخصية ليست أرشيفًا نحفظ فيه أحداث ومشاعر لنستعيدها ونستخدمها متى احتجنا، هذا ما نعرفه عن الذاكرة حتى الآن. يعتقد الكثير من العلماء أن الذاكرة ديناميكية وتتغير مع مرور الوقت، بل وأن كل محاولة لاسترجاع ذكرى ما قد يؤدي إلى بناءها من جديد.

عندما تفكر في ماضيك في ظروف مختلفة، قد تتذكر نفس الحدث تارةً كأفضل شيء حدث لك على الإطلاق، أو كأسوأ قرار اتخذته في حياتك تارةً أخرى. في كل مرة تستعيد فيها حدثًا ما تترك أثرًا على الذكرى الأصلية حتى تصبح في معظمها خيالاً، وكما يقال: “لن تكبر أبدًا على أن تحظى بطفولة سعيدة”.

لكن هل مازال بإمكانك أن تحظى على مستقبل مشرق أيضًا؟ طرح عالم الذاكرة دانيال شاكتر نظرية جديدة وهي، إن قدرتنا على بناء الذكريات أثناء استعادتها يحدد قدرتنا على تخيل المستقبل.

تصنع الأحلام من تخيلنا للمستقبل

عودة للمستقبل، يتطلب تخيل المستقبل مرونة إدراكية، وقدرة على وضع الخطط، والتفكير في شيء لم يحدث بعد. نستعمل الذكريات لتخيل ما قد يكون عليه المستقبل، ولكننا نعلم أيضًا أنه ليس بإمكاننا معرفة المستقبل، وهذا ما يثير قلقنا.

تحوم الكثير من النظريات حول فكرة أن الأحلام تخلق مساحات افتراضية تحاكي العالم أو العوالم، حيث يمكننا أن نجرب سيناريوهات مختلفة. هل لهذه التجارب أن تساعدنا في تحسين وضعنا في هذا العالم التطوري؟ ربما. أو قد تكون مساحات خيالية للهو لا تحسّن جاهزيتنا للعالم الحقيقي فحسب، بل تمكننا من عيش أنواع مختلفة من التجارب.

أشارت عالمة الأحلام كيلي بلكلي إلى أنه يمكن أن نرى الأحلام كوسيلة للعب الذي من شأنه أن يُحسّن مرونتنا الإدراكية ويساعدنا على التعامل مع الحياة بإبداع.

تساعدنا أدمغتنا في التعامل مع الشكوك وتبقينا في الحاضر، بينما تأخذنا بالخيال إلى الماضي وتُطلعنا على المستقبل عن طريق أحلام بسيناريوهات وحكايات جديدة، أو عن طريق مزج أحداث من الماضي، أو من أحلام سابقة، أو حتى جمع عناصر من الماضي وأخرى من المستقبل المتوقع.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: بلقيس الصالح

تويتر: sol_o_bella

مراجعة وتدقيق: منيرة المطيري

تويتر: @muneerah2006


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!