الوسواس القهري عند الأطفال: 4 أمور أتمنى لو عرفها الكبار من حولي

الوسواس القهري عند الأطفال: 4 أمور أتمنى لو عرفها الكبار من حولي

1 أغسطس , 2022

ترجم بواسطة:

عائشة السويركي

دقق بواسطة:

سراء المصري

نصائح لتقديم دعم أفضل للأطفال المصابين باضطراب الوسواس القهري.

من أهم التساؤلات التي ترددت إلى ذهني حول اضطراب الوسواس القهري هو (كم كان عمري حين ظهر لي أول مرة؟). في الواقع لست متأكدًا من الجواب فقد استحوذت الوساوس والهواجس على أولى ذكرياتي وامتدت حتى وقتِ طويل، كُنت أظن أنه أمر طبيعي وأن الجميع مثلي. ولكن ربما يدهشكم أنني لم أتلقَ تشخيصًا حتى بلغت سن السادسة عشر.

الأمر هو أن نشأتك باضطراب الوسواس القهري عادةً ما تكون مخيفة وتُشعرك بالوحدة لكن ما يزيد الأمر صعوبة هو عندما لا يعرف الكبار من حولك الطريقة الأمثل لمساعدتك. فمن هذا المنطلق سأخبركم بأربع أشياء تمنيت لو عرفوها الكبار من حولي عن ذلك الاضطراب عندما كنت طفلًا.

1. اضطراب الوسواس القهري لا يقتصر فقط على الترتيب والتنظيم

يُعد اضطراب الوسواس القهري من الأمراض العقلية المعقدة التي يُساء فهمها وقد يعود ذلك إلى تعدد طرق ظهوره. فعندما يعاني الشخص من الوسواس القهري فإنه يتعرض لهواجس على شكل صور أو دوافع غير مرغوب فيها غالبًا ما تكون عرضية ومزعجة ويتبعها شعور بالرغبة بالتصرف بوسوسة فيقوم بأفعال عقلية أو جسدية تزيل هذه الهواجس. غالبًا يشكل الناس وحتى الأطباء القوالب النمطية للوسواس القهري بشكل خاطئ فيسيئوا فهم أنه يمكن أن يتمحور حول أي شيء وليس محصورًا فقط على الترتيب وعدم الترتيب. عندما كنت طفلًا كانت لدي أفكار وهواجس مزعجة مثل أنني كُنت أرغب بأن يموت أحد أفراد العائلة وكُنت أقوم بوساوس عقلية مثل ترديد عبارة معينة لمنع حدوث شيء ما. لكن لا أحد من البالغين الذين حاولت الوثوق بهم أدرك أنني أعاني من اضطراب الوسواس القهري.

2. لسنا “جميعنا نوسوس قليلًا بعض الوقت” لكنه أيضًا “ليس مجرد مرحلة”

عندما بدأت أُحدّث الكبار بوساوسي ومخاوفي أخبروني أنه “كل شخص لديه مثل هذه الوساوس في بعض الأحيان”. وهذا صحيح إلى حدٍ ما؛ يُقرّ معظم الناس بأن لديهم أفكار وصور غريبة تأتي إلى أذهانهم. على سبيل المثال أن يفكر أحدهم بـ “ماذا لو دفعت شخصًا ما على سكة القطار؟” أو “ماذا لو بدأت بإصدار الشتائم ولم أستطع السيطرة على نفسي” لكن الفرق هنا أنه ليس كل من تأتيه مثل هذه الأفكار يصبح مهووسًا أو موسوسًا.

يدرك معظم الناس أن هذه الأفكار عشوائية ومتقلبة بمعنى أنها لا تمثل قيمهم ومعتقداتهم وبالتالي يرفضونها. أما بالنسبة للشخص المصاب بالوسواس القهري فيمكن أن تصبح هذه الأفكار هي كل ما يشغل تفكيره وتتحول إلى مرض عقلي. وهذا الفرق بالغ الأهمية ومن أجل ذلك لابد من مناقشة ومساعدة الأطفال الذين يتعرضون لمثل هذه الأفكار وعدم رفضها بحجة أن “الجميع يقوم بذلك”. وعلى الرغم من ذلك يرى معظم أولياء الأمور سلوكيات أبنائهم على أنها “مجرد مرحلة”.

وبصفة عامة فإن الوسواس القهري لا يُشفى من تلقاء نفسه، بل يمكن أن يتفاقم ويستمر حتى مرحلة البلوغ إذا تم تجاهله وتُرك دون علاج. فالتدخل المبكر أساسي لضمان عدم رسوخ السلوكيات القهرية.

العلاج السلوكي المعرفي CBT هو العلاج الأكثر فعالية لاضطراب الوسواس القهري وتحديدًا باستخدام أسلوب التعرض وعدم الاستجابة ERP: يتمثل هذا الأسلوب العلاجي بمواجهة المريض لمخاوفه.

3. ينبغي توفير العلاج السريري لمصابي اضطراب الوسواس القهري وليس فقط طمأنتهم والبقاء بجانبهم

من المؤلم مشاهدة طفلك خائفًا حيال شيءٍ ما، لذلك فطريًا يقوم الوالدين بطمأنة أطفالهم ويؤكدون عليهم مرارًا وتكرارًا أن لا شيء يدعو للقلق ولن يحدث ما يخافونه. وفي بعض الأحيان يرغم الوالدين أنفسهم للقيام بأشياء لأجل طفلهم مثل أن يخبراه أنهم سيتحققون بأنفسهم عشرات المرات من أنه ليس هناك شيء سيء تحت السرير، لا داعي للقلق!

لكن إرغام نفسك على فعل هذه الأشياء ليس مفيدًا كما تظن فعلى الرغم من أنها تبعث شعورًا مريحًا إلا أن المشكلة تكمن في أن هذه الأفعال تديم دورة سامة من الشعور بأننا بحاجة لأن نستجيب للقلق ومن ثم جعلنا عالقين في حالة دائمة من الخوف.

وبالتالي مفتاح التعامل مع هذه الوساوس يبدأ في تحدي مكنون شعور القلق. ففي حين أنه ينشأ عمومًا في موضع حب؛ فالتواطؤ مع الوسواس القهري لدى الشباب قد يكون غير مجدي.

4. وضوح الصورة لا يساوي المعاناة

بعد فترة وجيزة من تشخيصي باضطراب الوسواس القهري طمأنتني معلمتي التي أثق بها من أنني سأتحسن، وأن هناك طالبة في مدرستها السابقة تعاني من نفس الاضطراب وكانت حالتها أسوأ مني بكثير وتمكنت بعون الله من التحسن بشكل كبير. وحدثتني أيضًا عن طالبة لديها وساوس من التلوث فكانت تضع الصحيفة على المقعد لتجنب الملامسة المباشرة. وكانت أيضًا ترتدي قفازات لحماية يدها طوال والوقت. أعلم أن معلمتي قصدت طمأنتي لكني أرى تعليقاتها غير مناسبة تمامًا لأنني أعاني وبشدة من مرض عقلي جعلني لا أرغب بالبقاء على قيد الحياة لكن بالنسبة لها فإن هنالك شخصًا آخر كان يعاني أكثر مني. لذلك من المهم أن تدرك أن معاناة الشخص من مرض عقلي لا يمكن ولا يجب أن تُقاس بناءً على كيفية ظهورها لك من قبل شخص آخر.

يخوض الكثير منا معارك داخل رأسه لا يمكنك تخيلها، فكل ما نحتاجه هو التعاطف والاستعداد لسماعنا والتعرف على معاناتنا.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: عائشة السويركي

مراجعة وتدقيق: سراء المصري

تويتر: @Sarraa_mm


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!