السجائر الإلكترونية: هبةٌ من السماء للإقلاع عن التدخين أم حصان طروادة؟

السجائر الإلكترونية: هبةٌ من السماء للإقلاع عن التدخين أم حصان طروادة؟

2 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

ندى أشرف

وجدت دراسة حديثة أدلة على أثرها الضار على المزاج، كما تؤدي إلى تعاطي المخدرات.

النقاط الرئيسية:

  • السجائر الإلكترونية لها فوائد مشكوك في صحتها كعامل يساعد على الإقلاع عن التدخين.
  • ثبُت أن السجائر الإلكترونية تزيد من القلق والاكتئاب تمامًا مثل السجائر القابلة للاحتراق.
  • أظهرت الأبحاث أنها، كالسجائر القابلة للاحتراق، تؤدي إلى خطر تعاطي المخدرات المحتمل.

تعتبر الفوائد والمخاطر النسبية للسجائر الإلكترونية على الصحة العامة موضع جدل دائم. ويسلط البعض الضوء على مخاطرها المحتملة مثل: سرعة انتشارها بين المراهقين الذين لربما يتعرض معظمهم لمادة النيكوتين للمرة الأولى، بينما يجادل البعض الآخر أنها بديل صحي عوضًا عن تدخين السجائر. بالإضافة إلى أنها تشجع على الإقلاع وأن هذه الفوائد تفوق المخاطر.

ووجدت دراسة حديثة أجريت في 11 مايو 2022 عن الإدمان أن للسجائر الإلكترونية آثار وخيمة على أصعدة متعددة للصحة العقلية، مما يدعم الحجة ضدها. لذلك، بماذا يجب أن نفكر؟ هل هي مفيدة أم ضارة؟ ماذا علينا أن نقول للمرضى والعملاء؟

دور السجائر الإلكترونية كعامل يساعد على الإقلاع عن التدخين

الإيجابيات:

يزعم المؤيدون أنها تساعد على الإقلاع، كما أنها أقل سُمية من نظيرتها القابلة للاحتراق. بالإضافة إلى ذلك، وجدت بعض الدراسات أنه من السهل الابتعاد عن السجائر المحترقة في وجود هذه المنتجات، بدلاً من الأساليب الاعتيادية للإقلاع، مثل العلاج ببدائل النيكوتين.

السلبيات:

في المقابل، وعند النظر في عوامل أخرى، قد لا يزيد استخدام السجائر الإلكترونية مقارنةً بالطرق التقليدية الأخرى للإقلاع عن التدخين. على سبيل المثال، ينتهي المطاف بمعظم مستخدمي السجائر الإلكترونية بهدف الإقلاع عن التدخين بالانتقال بين سبل تعاطي النيكوتين من واحدة إلى الأخرى، وإن كانت أقل سُمية.

ثانيًا، قد تعزز السجائر الإلكترونية الإقلاع عن التدخين فقط إذا استُخدمت في سياق تجربة سريرية منظمة، ولكن ليس في العالم الحقيقي. وثالثًا، يمكن لها أن تشجع المدخنين الذين ليس لديهم نية الإقلاع على مزيد من التدخين، ويعود ذلك جزئيًا لحقيقة أن مستويات النيكوتين أعلى بكثير في منتجات السجائر الإلكترونية منها في السجائر التقليدية.

ولهذه الأسباب وغيرها، لم توافق عليها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية كعامل مساعد للإقلاع عن التدخين متوصلين إلى أنه لا توجد أدلة كافية تدعم أن السجائر الإلكترونية… تزيد من علمية الإقلاع عن التدخين، حيث تعمل الأساليب الحالية للإقلاع عن التدخين، مثل استبدال النيكوتين والأدوية (البوبروبيون والفارينيكلين)، بشكل جيد إن لم يكن أفضل.

خلفية عن السجائر والصحة العقلية:

إن الدليل على أن السجائر الإلكترونية لديها القدرة على تحسين الصحة من خلال قدرتها على تعزيز الإقلاع عن التدخين لا يزال ضعيفًا. على الرغم من أن السجائر الإلكترونية أفضل من السجائر القابلة للاحتراق من وجهة نظر الصحة البدنية، فماذا عن آثارها النسبية على الصحة العقلية؟

قبل الإجابة على هذا السؤال، علينا أولاً التطرُق إلى ما نعرفه حول الآثار الضارة لتدخين السجائر على الصحة العقلية.

يسبب التدخين الاكتئاب والقلق

إن المدخنين أكثر عُرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق، ولا يعود السبب فقط لأنهم شرعوا في التدخين كعلاج للمشكلات المزاجية بل توصلت بعض الأبحاث إلى أن تدخين السجائر هو الرابط في حد ذاته.

توصلت دراسات أن السجائر هي المسؤولة عن الحالة المزاجية السلبية للمراهقين والبالغين. وبتحليل نتائج 102 دراسة أجريت على 169500 مشاركًا من جميع الأعمار أن الإقلاع عن التدخين يُحسّن من الصحة العقلية، بما في ذلك القلق والاكتئاب ويعزز من الصحة النفسية.

كما أظهرت الدراسات على الحيوانات أيضًا أن النيكوتين يسبب الاكتئاب. على سبيل المثال، يؤدي تعرض القوارض المراهقة الدائم للنيكوتين إلى اكتساب سلوك يشبه الاكتئاب لاحقًا.

السجائر بوابة مؤدية للمخدرات

تنص “فرضية البوابة” على أن التعرض للتبغ والنيكوتين يمهد الطريق للمراهقين نحو تجربة المخدرات الأقوى واعتيادها، مثل القنب والكحول والمخدرات غير المشروعة. كما دعمت العديد من الدراسات هذه الفرضية أنها المرحلة التي تسبق الإدمان. وأن تدخين السجائر يشكل خطرًا كبيرًا يؤدي إلى التوجه للمخدرات لاحقًا.

كما أظهرت الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن النيكوتين يُنشط نظام المكافأة في الجسم، ويؤدي تعاطي النيكوتين إلى السعي وراء المخدرات لاحقًا. وعلى سبيل المثال، تتوجه القوارض المعرضة للنيكوتين في وقتٍ لاحق إلى مواد، مثل الميثامفاتمين والكوكاين والكحول أكثر من نظائرها التي لم تتعرض له.

وتشير الأدلة المتقاربة إلى أن جميع المخدرات المسببة للإدمان، بما فيها النيكوتين، لها نفس التأثير على وظائف المخ لتعزيز استخدامها المستمر حتى فقدان السيطرة في النهاية. ولهذا السبب عند إدمان مخدر ما فمن السهل إدمان آخر، حيث إن لهم نفس التأثير على نظام المكافأة في الدماغ.

وتعد فترة المراهقة الأكثر عُرضة لآثار التدخين، حيث إن نظام المكافأة في الدماغ لديهم أكثر حساسية وقابلية للتعلم، وأكثر قابلية للتلف من التأثير السام للتدخين والذي يؤثر على وظائف التحكم في الدماغ مثل الانفعالات.

الدراسات الحديثة: آثار السجائر الإلكترونية على الصحة العقلية وتعاطي المخدرات

هل تؤثر السجائر الإلكترونية على الحالة المزاجية وتعاطي مواد إدمانية أخرى بنفس الطريقة التي تؤثر بها السجائر المشتعلة أم أنها أقل سُمية؟ هل تأثيرها يعكس الأنماط التي نراها للصحة البدنية؟ تجاوب الدراسات الحديثة على هذه الأسئلة:

قبل هذه الدراسة، كان من المتعارف عليه أن السجائر الإلكترونية تسبب صعوبات في النوم ناجمة عن القلق والاكتئاب وتعاطي المواد الأخري التي تسبب الإدمان. ولكن يبقى السؤال عما إذا كانت هي السبب أم أن الأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلات هم من لجأوا إلى استخدامها.

في عام 2015، تم سن قانون الحد الأدنى للعمر في استخدام السجائر الالكترونية في بعض مقاطعات كندا وليست جميعها. وأظهرت الأبحاث السابقة أن هذا النوع من القوانين يُقلّص من عدد مستخدميها.

ووفر هذا القانون بيئة اختبار طبيعية للباحثين لتحديد كيف يؤثر الحد من استخدام السجائر الإلكترونية والوصول إليها على الصحة العقلية وتعاطي المخدرات.

وبغرض معرفة المزيد، قام الباحثون بقياس تأثيرات هذا القانون على الاضطرابات المزاجية والقلق وعلاقة الأقران وغيرها من تعاطي المخدرات، بما في ذلك القنب والمخدرات غير المشروعة والسجائر. وأُدرج أكثر من 80 ألف شاب تتراوح أعمارهم بين 15-24 وفحص مجموعتين فرعيتين بفئات عمرية مختلفة (15-18 و15-24).

وبعد تطبيق القوانين، انخفضت مخاطر اضطرابات المزاج بمقدار 1.9 و2.6%، اعتمادًا على المجموعة التي تم فحصها. وانخفضت مخاطر اضطرابات القلق بمقدار 3.6% في المجموعة الأكبر. كما زاد استخدام السجائر الإلكترونية من احتمالية الإصابة باضطرابات المزاج والقلق بنسبة 44% و37 % على التوالي. وفي المقاطعات التي قُيّد فيها استخدام السجائر الإلكترونية، كان هناك انخفاضًا في استخدام القنب والمخدرات غير المشروعة، وأبلغ الناس عن علاقات أقران أفضل.

وفي المناقشة، سلط المؤلفون الضوء أيضًا على كيفية زيادة خطر الانتقال إلى القنب، على وجه الخصوص، والذي قد يُعزى جزئيًا إلى حقيقة أن كلاهما يتم استهلاكه من خلال التدخين الإلكتروني.

وفي الختام

تشير هذه النتائج إلى أن السجائر الإلكترونية، مثل السجائر التقليدية، قد تزيد من الاكتئاب والقلق وتعاطي المواد المسببة للإدمان لدى المراهقين والشباب. وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أن المشكلة هي النيكوتين، وليس التبغ فقط.

إن القيود الواجب على الحكومات فرضها على استخدام السجائر الإلكترونية هو موضوع نقاش مستمر. ومع ذلك، حتى يُتوصّل إلى توافق في الآراء، هناك حاجة إلى مزيدٍ من الدراسات حول الآثار طويلة المدى على الصحة العقلية أيضًا، خاصةً عند الشباب. وعلاوةً على ذلك، ينبغي البحث في كيفية تأثير السجائر الإلكترونية على خطر بدء تناول مواد أخرى، بما في ذلك السجائر التقليدية، إلى مزيد من التحقيق.

في غضون ذلك، يجب على مسؤولي الصحة العامة الاستمرار في إعطاء الأولوية لتقليل إتاحتها للمراهقين والشباب من خلال حظر بعض النكهات، وزيادة العقوبات على المبيعات غير القانونية، وربما رفع الحد الأدنى للسن. ويجب أن نشجع مرضانا على توخي الحذر الشديد بالفعل.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: ندى أشرف

مراجعة وتدقيق: د. فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!