تحسين أبحاث الحمية الغذائية ومرض الخرف

تحسين أبحاث الحمية الغذائية ومرض الخرف

29 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

عبد الله الحربي

دقق بواسطة:

زينب محمد

سيجد أي شخص يبحث عن الأغذية المفيدة للدماغ عبر الإنترنت مقالات عديدة توصي ببعضٍ منها، فبعض هذه المقالات تشير لدراسات نظرية ألمحت إلى وجود رابط بين التقليل أو الإكثار من هذه الأطعمة وبين أعراض مرض الخرف لكن لم تتوصل الأبحاث السريرية إلى رابط مقنع بين بعض الأطعمة والحميات الغذائية وبين الوظائف الإدراكية.

قال أستاذ الطب والأعصاب بجامعة كيك ورئيس تخصص الأعصاب في كنيث آند بيتي فوك في كارولاينا الجنوبية حسين ياسين بأنه: “لم تتوصل العديد من الدراسات إلى أن جعل الأشخاص يأكلون أكلاً صحيًا ويمارسون التمارين الرياضية ينتج الفوائد المتوقعة من الأبحاث الوبائية، وهذا يعني إما أنه ليس هناك علاقة سببية أو أن تلك الدراسات لم تصمم بالطريقة الصحيحة”.

قاد الدكتور حسين مجموعة التغذية للوقاية من الخرف المكونة من فريق من علماء كرسوا وقتهم في السنتين الماضيتين بالإطلاع على الأبحاث المتعلقة بالتغذية ومخاطر مرض الخرف، وذلك لفهم الاختلاف المذكور آنفًا بين الأبحاث الوبائية والأبحاث السريرية.

وتوصلوا في تحليلهم المنشور في مجلة (The Lancet Healthy Longevity) بأنه هناك قصور كبير في تجارب الأبحاث التي تناقش كيف تؤثر التغذية غلى الدماغ وعرضوا في تحليلهم بعض النصائح لإرشاد الأبحاث المستقبلية وتحسينها.

التحديات الفريدة التي تقدمها أبحاث التغذية

وأشار الدكتور حسين بأنه يصعب تصميم أبحاث التغذية جيدًا، فالأبحاث الوبائية توضح لنا على سبيل مثال بأنه يوجد رابط بين الأشخاص الذين يأكلون الأطعمة الغنية بالدهون، مثل سمك السلمون وقلة نسبة إصابتهم بمرض الخرف لكن يصعب عزل العوامل الغذائية عن العوامل المؤثرة الأخرى مثل مكان عيش الشخص وأسلوب حياته وعنما إذا كان بإمكانه تلقي الرعاية الطبية الجيدة أو لا.

قد لا تكون عُمِلت معظم الأبحاث السريرية المتعلقة بالغذاء والصحة الذهنية لفترة كافية لتظهر نتائج مؤثرة، لأننا لا نعلم الوقت الذي تستغرقه الحمية الغذائية لتأثر على الإدراك، وقال الدكتور حسين معلقًا بأنه: “إذا كان يستغرق ظهور تأثير الحمية الغذائية على الوظائف الإدراكية خمس أو عشر سنوات، فالدراسات والأبحاث التي استغرقت سنتين أو أقل لا تمثل ذلك التأثير بدقة”.

ستتحسن الأبحاث المستقبلية إذا قمنا بأبحاث مستفيضة لمعرفة ماهي النسبة المناسبة التي يحتاجها الشخص ليكون بصحة عقلية مثالية فهناك على سبيل المثال نسبة معينة من فيتامين د للحفاظ على صحة العظام، لكن لا توجد نسبة مماثلة للأغذية التي يتوقع الباحثون تأثيرها على الصحة الإدراكية.

تبنّي التكنولوجيا ومجالات البحث الجديدة

وأشارت المجموعة بأن استخدام العلامات البيولوجية عوضًا عن الاختبارات الإدراكية المستعملة لتحليل نجاح التدخلات الطبية قد يقود لنتائج فورية يمكن أن تفيد التدخلات الطبية الطويلة التي تستهدف النتائج السريرية. يمكن لتقنيات مثل التصوير الدماغي أن تكون فعالة في معرفة التغيرات العقلية مع مرور الوقت وقد أشاروا بالإضافة إلى ذلك إلى أن أخذ عينات الدم أو البراز من أجل مؤشرات بيولوجية معينة مثل التقصير في تناول غذاء محدد يمكن أن يستخدم لاختيار أفضل الأشخاص للدراسة وتحديد ما إذا كان أولئك الأشخاص يستجيبون للتدخلات قيد الدراسة.

يمكن أن تكون الاختبارات الجينية أداة فعالة بالنسبة للدكتور حسين الذي يدرس صميم البروتين الشحمي (E4) والذي يعد أقوى عوامل الخطر الجينية المسببة لبداية مرض الزهايمر متأخر الظهور، وأشار إلى أن استجابة الأشخاص الذين لديهم هذا المتحور الجيني للحمية الغذائية مختلفة عن الأشخاص العاديين فيمكن للاختبارات الجينية أن تحسن في هذه الحالة جودة الأبحاث بتدخلات طبية مخصصة.

يمكن للمعلومات الجديدة بشأن الميكروبيوم (مجموع الكائنات الحية الدقيقة المتعايشة داخل جسم الإنسان، أو أي من الأحياء الأخرى وجيناتها) أن تحسن من نتائج الأبحاث فقد أشار الدكتور حسين بأن استفادة الأشخاص من الطعام تختلف بناءً على الاختلاف في الميكروبيوم وأضاف بقوله: “لا يمكنك أن تدرس وتبحث جيدًا عن كيفية عمل حمية غذائية معينة دون دراسة الميكروبيوم”. ونحتاج بالإضافة إلى ذلك لفهم العلاقة الأساسية بين ميكروبيوتا الأمعاء (الميكروبيوتا هي مجموع الكائنات الدقيقة المتعايشة داخل جسم الإنسان أو أي من الأحياء الأخرى) وبين الإدراك في عدد كبير من الناس بمختلف الأجناس.

طريقة جديدة

واختتمت المجموعة وتوصلت إلى أنه يجب على الباحثين التفكير باستخدام أنماط أبحاث أخرى بدلاً من الاقتصار على التجارب المضبوطة، وأنه يجب اختيار الأشخاص المشاركين في التجارب بعناية.

وأشارت إلى استراتيجية تصميم تجارب صغيرة ومخصصة بحيث تأخذ بعين الاعتبار عوامل الخطر الجينية للمشاركين وجودة حميتهم الغذائية وتحليل الميكروبيوم لديهم مع استخدام العلامات البيولوجية التي تشير لوظائف الدماغ. وهناك بالإضافة إلى ذلك طريقة أخرى وهي تصميم تجارب صحية إلكترونية كبيرة وعملية تستهدف الأشخاص المعرضين للإصابة بمرض الخرف وجمع بياناتهم باستخدام الأجهزة اللوحية أو الذكية.

اقترحت العديد من الدراسات بأن مرحلة منتصف العمر قد تكون هي الأمثل لبداية البحث، بدلاً من تركيز معظم الأبحاث على الأشخاص المسنين فقط وذلك ليتمكن الباحثون من تعقب التغيرات الذهنية مع مرور الوقت قبل أن تتضح الأعراض المصاحبة لمرض الخرف. وأشارت المجموعة إلى أنه يجب على الدراسات أن تأخذ التفضيلات الغذائية للمجموعات المعرضة للإصابة بهذا المرض العضال بعين الاعتبار والتي لم يحظى معظمها بالتمثيل البحثي الكافي.

قال أستاذ العلوم النفسية والسلوكية بجامعة كيك ومدير قسم علم النفس والأعصاب في ديلا مارتن لون شنايدر بأن: “هذه الورقة المنشورة مهمة لكل شخص يدرس العلاقة بين الحمية الغذائية وبين مرض الخرف”. وأضاف بقوله: “من المهم أن تكون نتائج التجارب المستقبلية دقيقة بحيث يمكن استخدامها لتحسين مستوى رعاية المرضى”.

وقالت نائبة رئيس منظمة الزهايمر للعلاقات الطبية والعلمية هيذر شنايدر: “سعداء بتعاوننا مع هذه المجموعة ومساعدتهم على جعل تلك التوصيات تنفذ على أرض الواقع”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: عبدالله الحربي

لينكد إن: abdullahalharbi

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!