خمسة أسباب تبرر للناجين من الصدمات عدم الغفران

خمسة أسباب تبرر للناجين من الصدمات عدم الغفران

23 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

بلقيس الصالح

قد يكون الغفران ضارًا لهم على المستوى النفسي والجسدي.

النقاط الرئيسية:

  • قد يؤدي الغفران إلى تعريض الناجين لخطر الإساءة والصدمات الإضافية.
  • يجب أن نضع في الأولوية احتياجات الناجي على التسامح.
  • المسامحة قد تمنع النتائج الطبيعية المتعلقة بالصدمة.

امتلأ بريدي الالكتروني بالرسائل بعد أن كتبت مقالاً بعنوان “لمَ لم يكن الغفران ضروريًا للتشافِ من الصدمات؟”. تلقيت رسائلاً ممن أبدوا شعورهم بالتقدير، بينما أقرّ آخرون بدور الغفران الرئيسي في رحلتهم للشفاء. أشارت بعض الدراسات إلى أثر الغفران الإيجابي على الصحة النفسية والجسدية، ولكن قلة منها تناولت أثره على الناجين من الصدمات، وأقل منها تلك التي درست آثاره السلبية على تشافيهم.

كأخصائية نفسية مختصة في علاج الصدمات، شهدت الأثر المدمر الذي يخلفه الغفران الإجباري على رحلة التشافي من الصدمات. قد يكون الغفران ضارًا على المستوى النفسي والجسدي وربما مهددًا للحياة مع عدم القبول أو الاستعداد. سأركز في هذا المقال على الصدمات في العلاقات أو تلك التي تسبب بها شخص ما.

هنا خمسة أسباب تدعو الناجين من الصدمات لتوخي الحذر بينما يركزون على الغفران لمن اعتدى عليهم:

1. ما دمت لا تشعر بالأمان..

أمانك أكثر أهمية من الغفران، إن كنت لا تزال مهددًا من قبل المعتدي فمسامحته قد تعني احتمال تعرضك للمزيد من الأذى. فمثلاً يشجع بعض المختصين النفسيين ورجال الدين وحتى العائلة والأصدقاء ضحايا العنف المنزلي على أن يسامحوا من اعتدى عليهم فيغفر بعضهم ويعود لنفس البيئة الخطرة حيث ينتهي بهم الأمر مقتولين. اكتشف مكنلتي في بحث نشره عام ٢٠١١ درس فيه العلاقات الزوجية، أن الطرف الذي أبدى ميلاً أكثر للتسامح كان أكثر عُرضة للعنف النفسي والجسدي خلال السنوات الأربع الأولى من الزواج، بينما أولئك الذين كانوا أقل تسامحًا قد لاحظوا تراجعًا في معدل العنف من قبل شركائهم مع مرور الزمن. يمكن أن نستنتج من هذه النتائج أن التسامح مع المعتدي مع انعدام الأمن قد يجعلك أكثر عُرضة للمزيد من التعنيف والصدمات.

2. علاقتك بحاجة لعواقب طبيعية

قد يمنع التسامح العواقب الطبيعية والتي تعد من أهم عوامل بناء علاقة صحية. تستعمل العواقب الطبيعية في علم نفس الطفل ويمكن وصفه بأنه رد فعل دون تدخل من الوالدين على سلوك خاطئ بدر من الطفل، فحين يضرب طفلك زميلاً له مثلاً، قد يرفض زميله حضور حفل عيد ميلاده في الأسبوع التالي. وينصح أخصائيو علاج الأطفال بالسماح للعواقب الطبيعية بالحدوث (بشكل معقول) بدلاً من تدخل الوالدين ومطالبة الطفل الآخر بالحضور مثلاً، مما قد يمنع طفلك من ضرب زملائه في المستقبل. فمن المهم أن نلاحظ أن المغفرة والعواقب الطبيعية السلبية ليسا بالضرورة شيئين منفصلين ويمكن أن تكون المغفرة بحد ذاتها عاقبة طبيعية، فلربما غفر ذاك الزميل لابنك خطأه لكنه لا يزال رافضًا لحضور الحفل لعدم شعوره بالأمان أو الراحة. نحث على الغفران أحيانًا لننقذ شخصًا ما من عواقب فعلته بينما تلعب تلك العواقب دورًا هامًا في نمو شخصيته وتطور أخلاقه.

3. تحتاج التركيز على معالجة مشاعرك

يمكن أن تلجأ للمغفرة كأسهل الطرق وأقلها مقاومة، وهذا لا يعني بالضرورة كونه الأفضل. العلاج من الصدمات مؤلم عاطفيًا وجسديًا في بعض الأحيان، لذا قد يميل البعض لتجنبه بإجبار أنفسهم على التسامح مع المعتدي على أمل أن يقلل من آثار الصدمة، لكن تلك الراحة مؤقتة إن وجدت. أنت بحاجة للوقت والمساحة التي تسمح لك بتقدير جميع مشاعرك بما فيها من غضب، وخوف، وامتعاض، وعار. يأتي الغفران في آخر مراحل العلاج وليس في بدايتها.

4. احتياجاتك هي أولويتك

ستحتاج إلى قدر هائل من الطاقة الجسدية والعاطفية لتحمي نفسك ممن آذاك. قد تكون بحاجة لأن تبني وتعزز حواجز صارمة في العلاقة، أو ربما تنهيها، وستكون بحاجة أيضًا لتقوية حلقة الدعم حولك، اسعَ في علاج جسدك ونفسيتك وابحث في مصادر الدعم الاجتماعي والطبي والقانوني. كل تلك الاحتياجات قد تستنزف طاقتك، مما لا يدع لك مجالاً للتركيز على مسامحة المعتدي وفي هذه الحالة لا يجب أن يكون الغفران من أولوياتك بل احتياجاتك.

5. لا ترغب في الغفران

لست مضطرًا لأن تسامح في حال لم ترغب بذلك بصرف النظر عن الأسباب التي تمنعك، يجدر بالغفران أن يكون قرارك وحدك.  حيث يحتاج الناجون من الصدمات للإحساس بامتلاك السيطرة على قراراتهم وتصرفاتهم والتصرف على هذا النحو حتى يشعروا بالأمان وهذا ما قد يسلبهم إياه الغفران. عمل الدكتور روبرت إنرايت في عام ٢٠٠١ بحثًا عن المغفرة، وأشار فيه إلى “يختار البعض ألا يسامح ومن باب احترامنا لحقوق الآخرين، فعلينا احترام هذا الخيار. يمكننا أن نثقف الناس حول المغفرة ورحلة التسامح ولكن يبقى اتخاذ هذا القرار خيارهم وحدهم”. لذا كان عليك وعلى الجميع احترام عدم رغبتك في الغفران.

هناك الكثير من الأسباب التي تدعو الناجين من الصدمات لأن يكونوا حذرين عندما يركزون على مسامحة من اعتدى عليهم، ولعلك تجد أسبابًا إضافية لم أتطرق لها. إن كنت من الناجين فقد يكون الغفران جزءًا مهمًا في رحلتك للتشافي ولكن هذا لا يعني كونه بالضرورة كذلك.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: بلقيس الصالح

تويتر: sol_o_bella

مراجعة وتدقيق: د.فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!