كشف مسح جديد لخلايا المخ عن “الشيفرة السرية” لعمل ذاكرته الأساسية

كشف مسح جديد لخلايا المخ عن “الشيفرة السرية” لعمل ذاكرته الأساسية

11 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

أمل الملاح

دقق بواسطة:

ندى ماجد

“الذاكرة العاملة” عملية معرفية خطيرة.

تحطمت أخيرًا فكرة استخدام المخ شيفرة سرية لصنع ذاكرته الأساسية، والذي يسمى بالذاكرة العاملة التي تمكن الأشخاص من الاحتفاظ مؤقتًا بالمعلومات ومعالجتها لوقت قصير. ويبرز دور الذاكرة العاملة، على سبيل المثال؛ حين تبحث عن رقم هاتف ما وتتذكر تسلسل الأرقام عند الاتصال أو عند سؤال صديق عن الطريق لمطعم ما وتظل متذكرًا الاتجاهات أثناء القيادة لوجهتك.

صرّح ديريك ني، أستاذ مساعد في قسم الأمراض النفسية والعصبية في جامعة ولاية فلوريدا، أن العمل الجديد يمثل خطوة أساسية للأمام في دراسة الذاكرة العاملة، من خلال بريد إلكتروني لموقع لايف ساينس.

عملية خطيرة

 تساءل العلماء لعقود طويلة عن كيفية ومكان تشفير الذكريات العابرة في المخ.

 أفاد ني، الذي لم يكن مشاركًا في الدراسة الحديثة: “تقترح إحدى النظريات أن الذاكرة العاملة تعتمد على “مخازن” خاصة في المخ، تنفصل عن أماكن تعامل المخ مع المعلومات الحسية القادمة من العيون أو الأنف أو الذكريات طويلة الأمد، مثل من رافقت في حفلة التخرج أو معلومات أساسية تلقيتها في المدرسة”.

واستطرد قائلاً: “هناك نظرية مضادة تقرّ بعدم وجود مراكز تخزين خاصة”، وأضاف: “النظرية المقابلة، أن الذاكرة العاملة هي الظاهرة البارزة التي تحتفظ بالمؤثرات الحسية والحركية وتظهر بينما نربط الماضي بالمستقبل. تبعًا لهذه النظرية، فإن خلايا المخ نفسها التي تعمل عندما تُلقي نظرة خاطفة لأول مرة على رقم هاتف هي نفسها في الذاكرة العاملة عندما تسترجعه مرة تلو الأخرى”.

نُشِرت الدراسة الجديدة في 7 أبريل في جريدة نيورون لتتحدى هاتين النظريتين. بدلاً من عكس ما يحدث عند الإدراك أو الاعتماد على مخازن الذاكرة الخاصة، فإن الذاكرة العاملة يبدو أنها تقوم بخطوة تصاعدية من خلال تجميع المعلومات الحسية وتستخلص منها فقط الأقرب للبيئة المحيطة وتجمعها في شيفرة بسيطة.

 أخبر مؤلف الدراسة كلايتون كيرتس، أستاذ علم النفس والعلوم العصبية بجامعة نيويورك (NYU)، للايف ساينس من خلال بريد إلكتروني: “كان هناك أدلة لعدة عقود على أن ما يُخزَن في (الذاكرة العاملة) ربما يختلف عما نشعر به”.

 لحل لغز الذاكرة العاملة استخدم كيرتس والمؤلفة المساعدة يونا كواك، طالبة الدكتوراه في جامعة نيويورك، تقنية مسح المخ تسمى التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI)، لقياس التغير في سريان الدم في أماكن مختلفة من المخ. تحتاج خلايا المخ النشطة للمزيد من الطاقة والأكسجين، ولذلك تمكن التصوير بالرنين المغناطيسي من رصد نشاط خلايا المخ بطريقة غير مباشرة.

استخدم الفريق تقنية التصوير لخلايا المخ مع تسعة متطوعين أثناء قيامهم بمهمة لتشغيل الذاكرة العاملة، وأكمل كلا المؤلفين المهمة أيضًا وأرفقا بها مسح المخ الذي أُجري في الدراسة.

 أظهر المشاركون في واحدة من التجارب دائرة مكونة من شبكة أو شقوق على الشاشة حوالي 4 ثواني تقريبًا؛ واختفى الشكل بعد ذلك، سُئل المشاركون لاستدعاء زاوية الشقوق بعد 12 ثانية. وفي تجربة أخرى، ظهر للمشاركين غيامة من النقط المتحركة المتجهة في نفس الاتجاه وسُئلوا عن استدعاء الزاوية الدقيقة لحركة السحابة النقطية. 

صرّح كيرتس للايف ساينس: “لقد توقعنا قدرة المشاركين على إعادة تشفير المحفز المركب من الشبكة أو النقاط المتحركة لشيء أبسط ومرتبط بالمهمة قيد البحث”. سُئل المشاركون إعارة الاهتمام لاتجاهات الشقوق أو زوايا غيمة النقاط المتحركة، ولذلك افترض الباحثون أن نشاط المخ قد ينعكس فقط على خصائص خاصةً في الرسم.

استخدم الباحثون نماذج الكمبيوتر لتمثيل النشاط المركب للمخ وصنع نوع من خريطة طوبوغرافية فيها قمم ووديان لنشاط مجموعات مختلفة من خلايا المخ. تلك الخلايا التي تعالج المعلومات المرئية لها “حقل استقبال” معين بمعنى أنها تنشط كرد فعل لمحفز يظهر في منطقة محددة من الحقل المرئي للشخص. أخذ الفريق هذه الحقول المستقبلة في الحسبان داخل النماذج التي ساعدتهم في فهم كيف يرتبط نشاط مخ المشاركين مع ما لاحظوه على الشاشة أثناء مهمة الذاكرة. 

أفصح هذا التحليل عن أن المخ يخزن فقط المعلومات المطلوبة للمهمة قيد البحث، بدلًا من تشفير كل التفاصيل الدقيقة لكل رسم. اعتاد نشاط المخ على تشفير هذه المعلومات بشكل خط بسيط ومستقيم عندما تظهر على الخريطة الطوبوغرافية. وقد تتطابق زاوية الخط مع اتجاه الشبكة أو مع زاوية غيامة النقط المتحركة وذلك بناءً على الرسم الذي ظهر للمشاركين.

تظهر أنماط نشاط المخ على هيئة خطوط في القشرة البصرية، حيث يتلقى المخ ويعالج المعلومات البصرية، أما القشرة الجدارية، فهي المنطقة الرئيسية لمعالجة الذاكرة وتخزينها.

الأمر الجوهري ليس أن اختيار المخ وقع على استخدام الخطوط لتمثيل الصور، حيث قال ني: “حقيقة أن البيانات قد حُصِّلت من شبكة أو حركة إلى شيء آخر مختلف”.

لاحظ ني، أن نقطة ضعف الدراسة أنها استخدمت رسومات بسيطة ليست بالضرورة تعكس التعقيد البصري في العالم الحقيقي. وتمتد نقطة الضعف هذه للعديد من الدراسات على الذاكرة العاملة، وقال إنه يستخدم رسومات بسيطة مماثلة في بحثه الخاص.

ونوَه قائلًا: ” إن المجال سيحتاج التوجه لمحفزات أكثر غنى التي تمثل بشكل أفضل تجاربنا البصرية الطبيعية لمساعدتنا في الخروج من المعمل للمنفعة العملية، واللافت للانتباه أن هذه الدراسة الحديثة تزودنا بنظرة مستحدثة لما يعنيه وضع شيء ما على الإنترنت في الاعتبار مستقبلًا”.

وأردف قائلًا: “تعمل الذاكرة العاملة أساسًا كجسر بين الاستقبال (عندما نقرأ رقم هاتف) والفعل (عندما نتصل بالرقم)، والنموذج التمثيلي لهذه الدراسة لا يمثل ما هو مستقبل ولا ما سيتم فعله، ولكنها تقرأ بوضوح الإشارات البصرية وتقدم نظرة فريدة للمنطقة الوسيطة الغامضة بين الاستقبال والفعل”.

المصدر: Live Science

ترجمة: د. أمل الملاح

مراجعة وتدقيق: ندى الشاذلي


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!