هل يتغير فيروس الهربس البسيط أثناء انتقاله؟

هل يتغير فيروس الهربس البسيط أثناء انتقاله؟

4 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

أميرة عبد المطلب

دقق بواسطة:

غادة أحمد

تُقدم دراسة جديدة أدلة حول كيفية مشاركة التنوع الجيني لفيروس الهربس البسيط (HSV) بين شركاء الانتقال. استخدم الباحثون تسلسل الجينوم الفيروسي لمتابعة عينات عن طريق الفم والأعضاء التناسلية لفيروس الهربس البسيط HSV، جُمعت خلال أكثر من عام من إصابة كل حاملي العدوى. كثيرًا ما، لوحظت نفس المتغيرات الفيروسية في كلا الشريكين داخل زوج الإرسال. وفي بعض الأحيان تطورت هذه المتغيرات إلى اختلافات في الجينوم الفيروسي بين الآباء. وتعد هذه هي الدراسة الأولى التي تقارن جينومات فيروس HSV-1 بين شركاء النقل الجنسي البالغين.

 تساعد هذه الدراسة الجديدة في شرح كيف يمكن للفيروس المسبب للهربس أن يتغير أثناء انتقاله بين الشركاء وبمرور الوقت أثناء الإصابة طويلة الأمد داخل العائل البشري، مما قد يكون له آثار على استراتيجيات العلاج المستقبلية. تلك الدراسة أجراها فريق الباحثين من جامعتي بنسلفانيا وواشنطن، وتعد هي الأولى في تتبع الاختلافات الجينية للهربس البسيط (Hsv-1)، أثناء انتقاله بين شركاء النقل الجنسي البالغين. وكشفت النتائج التي توصلوا إليها أن حركة التجمعات الفيروسية بين الشركاء لها تأثير قوي على ظهور الاختلافات الجينية في بداية الإصابات الجديدة.

تتوفر ورقة بحثية تصف هذا العمل على الإنترنت في مجلة PLOS Pathogens.

وُثقت مئات من الاختلافات الطفيفة لجينوم HSV-1 حول العالم، والعديد من هذه الاختلافات تسمى التحورات ويمكن اكتشافها داخل عائل بشري واحد، كما ذكرت مولي راثبون، طالبة دراسات عليا في الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية في جامعة بنسلفانيا والمؤلف الرئيسي لهذه الورقة. وأوضحت أن عدد المرات التي يتم فيها نقل التحورات ومدى سرعة تطورها داخل الشخص، مازالت بعيدة المنال حتى الآن. ولكن تحسين فهمنا لهذه العمليات قد يساعدنا على فهم سبب الاختلاف بين المصابين بفيروس الهربس البسيط في شدة الأعراض وتكرارها.

تشمل أعراض الهربس البسيط، بثرات مؤلمة في الفم و/أو الأعضاء التناسلية. وتنتقل العدوى بين مرحلتين مختلفتين. أثناء المرحلة النشطة، يتكاثر الفيروس داخل خلايا الجلد، ويُفرز الفيروس المنتج حديثًا من سطح الجلد. كذلك  بين المراحل النشطة يمكن للفيروس أن يظل كامنًا داخل الخلايا العصبية الحسية. وتنتقل العدوى لشخص آخر عند ملامسة سطح جلده للمنطقة المصابة خلال فترات تساقط الفيروس النشط.

تتركز هذه الدراسة على تسلسل الجينوم الكامل لفيروس HSV-1، باستخدام عينات تبرع بها المشاركون في دراستن، كما ذكرت كريستين جونستون، أستاذ مساعد في قسم الحساسية والأمراض المعدية بكلية الطب، والمدير الطبي المساعد لعيادة أبحاث علم الفيروسات في جامعة واشنطن وأحد القائمين على ذلك البحث. تعد هذه الدراسة فريدة من نوعها لأننا أخذنا عينات من المشاركين في غضون أيام إلى أسابيع بعد أول نوبة من عدوى الأعضاء التناسلية بفيروس HSV-1، وأخذنا أيضًا عينات من شريكهم الذي نقل المرض لمعرفة ما إذا كان الفيروس قد تغير على الإطلاق أثناء انتقاله”.

كغيره من الفيروسات يمكن أن يراكم فيروس (HSV-1) الاختلاف في جينومه بمرور الوقت من خلال الطفرات والعمليات الأخرى. وبعد تراكم عدد كاف من التحورات قد يؤدي الجينوم الفيروسي في النهاية إلى تكوين سلالة جديدة من الفيروس.

قالت راثبون: “في المتوسط، يختلف تسلسل الجينوم HSV-1 من العدوى غير ذات الصلة بمقدار 1500 إلى 4000 موضع متحور أكثر من الاختلافات الكافية لإنشاء سلالات مميزة، لأن الاختلاف ولو في موضع واحد يمكن أن يؤدي إلى تغييرات كبيرة في البروتينات الفيروسية، وقد يكون لفهم كيفية ظهور هذه الاختلافات وانتقالها آثار على العلاج والمحاولات المستقبلية لإنتاج لقاح”.

 وجد الباحثون أنه عندما تتكون المجموعة الفيروسية في الشريك المصدر من سلالة واحدة فقط، اٌكتُشِف الجينوم الفيروسي من خلال مداولة شبه كاملة مع الشريك المتلقي المقابل.وعندما تهاجن مجموعة من الفيروس في الشريك المصدر، اُكتشِفت بعض التحورات في هذا الهجين في عدوى الشريك المتلقي. وقد تتطور تحورات إضافية جديدة في تعداده الفيروسي بعد انتقال عدوى الشريك المصاب، مما يؤدي إلى مزيد من الاختلافات بين شركاء الانتقال.

تشير هذه النتائج إلى أنه يمكن تهيجن الاختلافات الجينية لفيروس HSV بين كل إصابة جديدة إذا كان هناك اختلاف موجود في عدوى المصدر قبل حدوث الانتقال. وتكشف هذه الظاهرة عن زاوية جديدة لكيفية وجود العديد من سلالات HSV المختلفة تنتشر حول العالم كل منها يحمل تغييرات طفيفة على الفيروس يمكن أن تؤثر على أعراض العدوى وشدتها.

تساعد تلك البيانات في شرح كيفية انتقال التنوع الفيروسي بين العدوى لهذا المرض، كما قالت موريا زبارا، أستاذ مساعد في علم الأحياء والكيمياء الحيوية وعلم الأحياء الجزيئي في جامعة بنسلفانيا. وذكرت أن هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها النتائج الجينية للانتقال بين بالغين غير مرتبطين بمجموعات فيروسية مختلطة.

استخدم أصحاب الرسالة نهجًا مباشرًا لأخذ عينات المريض لمقارنة جينومات HSV-1 التي جُمعت في مجموعات متعددة من الأيام المتتالية وتمتد على مدار عام كامل. من خلال القيام بذلك، كانوا قادرين على تتبع نمو وفقدان التحورات الفيروسية التي كان من الممكن ضياعها لولا ذلك.

قالت زبارا: “يبدو أن بعض التحورات تتأرجح داخل التجمع الفيروسي بمرور الوقت والتي يمكن ان تكون علامة على استجابة الفيروس لبيئة مضيفة جديدة”. وأضافت أنه سيكون من المهم استكشاف هذه التحورات للعمل عليها في المستقبل.إن مستوى الحساسية الذي حصلنا عليه من خلال أخذ عينات غير جراحية من الجلد تستهدف التسلسل الفيروسي يعد خطوة مذهلة إلى الأمام فيما يتعلق باكتشاف الفيروس. استخدمت العديد من الدراسات على عينات فيروس HSV-1 مزروعة في المختبر. من خلال تسلسل الجينومات الفيروسية الكاملة مباشرة من سطح الجلد، ويمكننا أخيرًا أن نلاحظ كيف تتحور التجمعات الفيروسية في البشر.

وجد الفريق أيضًا دليلًا على أنه في بعض الحالات ،قد تمثل بعض التحورات الفيروسية المُكتشفة داخل الشخص المصاب  سلالتين متميزتين من فيروس HSV-1، ويتناقض هذا الاكتشاف مع النظريات السابقة بأن الهجين لفيروس HSV-1 يعكس التراكم البطىء لمجموعة من التحورات بسبب التكيف. بينما ستكون هناك حاجة لدراسات إضافية للتمييز بين هذين التفسيرين المحتملين، يقترح المؤلفون أن هجين السلالات يمكن أن يفسر على الأقل بعض تنوع HSV-1 الذي لوحظ في جميع أنحاء العالم.

بينما نتوسع في هذه الدراسات الخاصة بالتنوع  الفيروسي لدى البشر، فإننا نهدف إلى فهم كيف يمكن التنوع الجيني لفيروس الهربس البسيط من الهروب من مناعة العائل. وقالت سزبارا: “إن هذا النوع من المعلومات قد يوفر رؤى جديدة لتطوير الأدوية المستهدفة أو استراتيجيات التطعيم الجديدة”.

هذه الدراسة هي أيضًا الأولى التي تقارن تسلسل الجينوم لفيروس HSV-1  من الأفراد الذين يعانون من التهابات الفم والأعضاء التناسلية المستمرة. تاريخيًا، كانت عدوى الهربس الفموي هي السبب الرئيسي في الإصابة بفيروس HSV-1 وتتسبب عدوى الهربس التناسلي من الأنواع ذات الصلة HSV-2. لكن في العقود الأخيرة، ظهر المزيد من الإصابات الجديدة من مرض الهربس التناسلي عن طريق HSV-1 خاصًة في البلدان ذات الدخل المرتفع.

أفادت جونستون: “من المهم أن نفهم ما إذا كانت هذه التحورات ناتجة عن عوامل فيروسية، أو تغيير السلوك البشري، أو كلاهما، من أجل تحسين استراتيجياتنا للوقاية والعلاج من HSV-1 التناسلي”.

هذه الدراسة جزء من جهد تعاوني مستمر بين جامعتي بنسلفانيا وواشنطن، والتي تهدف إلى تحقيق شامل للأعراض، والتساقط الفيروسي، والتنوع المتسلسل داخل الشخص المصاب بعدوى فيروس HSV-1 التناسلية بعد الإصابة الأولية.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: أميرة عبدالمطلب محمد

لينكد إن: amira-abdelmotaleb

مراجعة وتدقيق: غادة أحمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!