استعمل باحثون في جامعتي دوك وميرالند تكرار القياسات في الكمبيوتر الكمي ليشهدوا لمحة عن ظاهرة التغييرات المرحلية والتي تشابه تحول الماء من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية. وقد اكتسب العلماء الخبرة بكيفية وصول الأنظمة الأخرى – الطبيعية والحسابية منها – لنقاط تحولها بين المراحل الكمية بقياس عدد العمليات التي يمكن إنشائها بالكمبيوتر الكمي دون الوصول إلى انهيار تلك الحالات الكمية. تفيد هذه النتائج وترشد علماء الكمبيوتر الذين يعملون على إضافة خاصية التصحيح الكمي والتي ستمكن بدورها الكمبيوترات الكمية من الوصول لأقصى إمكانياتها في نهاية المطاف.

نشرت النتائج في مجلة Nature Physics العلمية في الثالث من يونيو.

تتزايد حركة الذرات تدريجيًا عند تسخين الماء إلى أن تصل لنقطة الغليان لتتحول للحالة الغازية وعلى نفس هذا المنوال يمكن التلاعب تدريجيًا بنظام الكمبيوتر الكمي بإتباع خطوات زمنية منفصلة إلى أن تنهار حالته الكمية وتصبح واحدة.

قالت كريستل نويل، أستاذة الهندسة الكهربائية والحاسوبية والفيزياء في جامعة دوك: ” الشيء المذهل هو أنه هناك رابط عميق بين مراحل المادة ونظرية الكم”. وتابعت بقولها: “يعمل نظام الحساب الكمي مثل الأنظمة الكمية الموجودة في الطبيعة – مثل تحول المادة السائلة إلى المادة الغازية – على الرغم من كونه رقمي”.

تكمن قوة تلك الكمبيوترات في قدرة الكيوبتز (الكيوبتز هي وحدة المعلومات الأساسية في الحوسبة الكمومية) على أن تكون العددان الثنائيان 1 و 0 في آن واحد مع تسارع التعقيد في النظام كلما أضيفت المزيد من الكيوبتز إليه. وهذا يسمح للعلماء بالتغلب على مشكلات عديدة بطريقة موازية، مثل محاولة ملائمة قطع أحجية مرة واحدة عوضًا عن محاولة ملائمتها على حدة. لكن لكي يحدث ذلك يجب على الكيوبتز المحافظة على تراكبها الكمي حتى يتوصل العلماء لحل.

من التحديات العديدة التي تواجه عملية تصحيح الخطأ أن بعض الكيوبتز ستخسر حتمًا بعض من المعلومات، فيجب على النظام أن يكون قادرًا على اكتشاف ذلك وتصحيحه. لكن التحقق من الأخطاء شيء معقد لأن الأنظمة الكمية تفقد جانبها الكمي عند قياسها. حتى مع زيادة الكيوبتز للتحقق من تلك الأخطاء فكلما كانت خوارزمية كمية معينة تبحث عن الأخطاء بعناية، زادت احتمالية فشلها.

قالت نويل: “مثل ذرات الماء التي على وشك أن تصبح بخارًا هناك حد للقياسات التي يمكن للكمبيوتر الكمي أن يتحملها قبل أن يفقد معلوماته الكمية”. وتابعت بقولها: “وعدد هذه القياسات مثال على الأخطاء التي يتحملها الكمبيوتر ليعمل جيدًا”.

راقبت نويل وزملائها في ورقتهم الجديدة عتبة التحول هذه وحالة النظام في أي من الجهتين. أثناء عملهم مع المجموعة المكونة من أستاذ الفيزياء والهندسة المتميز كريستوفر منرو، وماركو ستينا أستاذ الفيزياء المساعد بجامعة دوك ومايكل قولانز وأليكسي قوريشكوف في جامعة ميرالند والمعهد الوطني للمقاييس والتكنولوجيا من المشاركة في تصميم برنامج يقوم بدوائر كمومية عشوائية مصممة لتوائم قدرات نظامهم الكمي. أقيمت التجربة باستخدام كمبيوترات كمية معتمدة على أيونات محصورة تابعة لإحدى مراكز جامعة دوك الكمية والتي تعد من أقوى أنظمة الكمبيوتر الكمومية في العالم.

قالت نويل: “يتميز الكمبيوتر الكمي الذي ذكرته باجتماع هذا العدد من الكيوبتز فيه، بالإضافة إلى كفاءة عملياته ومستوى الأتمتة”. وتابعت نويل بقولها: “تمكنت الأنظمة الأخرى من القيام بإحدى العمليات المذكورة آنفًا منفصلة وليست مجتمعة في الوقت نفسه بنظام أكاديمي وهذا ما مكننا من القيام بهذه التجارب”.

توقع الفريق من خلال حساب متوسط العديد من الدورات الكمومية كيف يؤثر تكرار القياسات على الكيوبتز وكما هو متوقع ظهرت مرحلة معينة حيث خسر النظام تناسقه ومعلوماته الكمية ومن خلال النظر إلى طبيعة النظام في أي جهة من جهات التحول في تلك المرحلة سيتمكن الباحثون مستقبلاً من تصميم طرق فعالة لتصحيح رموز الخطأ. وتعطي البيانات بالإضافة إلى ذلك الباحثين وجهة نظر فريدة بشأن كيفية حدوث التغيرات المرحلية الأخرى في الطبيعة بطريقة لم يعهدوها من قبل.

قال منرو: “وهذا ما يميزنا في مركز جامعة دوك الكمي، فبينما أجهزتنا مكونة من ذرات تحت تحكم رائع بالمحاصرة الكهرومغناطيسية والليزرات والبصريات نستطيع أن نجعل هذه الأجهزة تقوم بشيء مختلف تمامًا. وهذا الشيء في هذه الحالة هو فحص الطبيعة الكامنة للتحولات المرحلية. يمكن أن يقوم هذا الكمبيوتر بحل النماذج الصعبة في مجالات تتراوح بين التفاعلات الكيميائية وفيزياء الفلك وتسلسل الحمض النووي وهذا يتطلب خبرة ليست بالفيزياء الذرية فحسب، بل بهندسة النظم وعلم الكمبيوتر وأي مجال آخر تتطلبه التجربة”.

المصدر: https://phys.org

ترجمة: عبدالله الحربي

لينكد إن: abdullahalharbi

مراجعة وتدقيق: زينب محمد