في استطلاع حديث لأكثر من 6500 طبيب من مختلف أنحاء الولايات المتحدة  يمثل نطاق واسع من التنوع العنصري والعرقي، أبلغ قرابة 30٪ من الذين شملهم الاستطلاع عن معاناتهم من التمييز وسوء المعاملة من المرضى، أو من عائلات المرضى، أو الزوار.

بالإضافة إلى ذلك، تعرّضَ ما يقرب من 20٪ من الذين شملهم الاستطلاع لمواقف  كان يرفض فيها المرضى أو عائلاتهم أو الزوار السماح للطبيب بمعالجتهم بسبب السمات العنصرية أو العرقية أو الجنس.

قالت لوتي ديربي Lotte Dyrbye، الحاصلة على درجة الدكتوراه في الطب، والمساعدة الأقدم لعميد الكلية، ورئيسة الموظفين المعنيين بالسلامة النفسية في كلية الطب في جامعة كولورادو: “هذا عدد هائل، ببساطة وجود مرضى يقولون: “لا، لايمكن أن توفر لنا الرعاية بسبب مظهرك، ليس بسبب كفاءتك، أمر مفجع حقًا”.

نُشر بحث اليوم، استطلعت فيه ديربي والباحثون المساعدين لها أكثر من 6500 طبيب على مستوى البلاد، عن تجاربهم مع سوء المعاملة والتمييز أثناء أداء وظيفتهم. أُجري البحث بالتعاون مع الجمعية الطبية الأمريكية.

فسرت ديربي ذلك بقولها: “أردنا أن نفهم كم مرة يحدث ذلك، ولمن كان يحدث، ماهي العلاقات بين العنصر والعرق والجنس وسوء معاملة الطبيب، كان اهتمامنا باكتشاف العلاقة بين التعاملات السلبية مع المرضى والزوار وأفراد العائلة واحتمالية تعرض الأطباء للاحتراق الوظيفي”.

تَعرُض الأطباء في كثير من الأحيان للتمييز العنصري

خلال التاريخ المهني لديربي، التي انضمت هذا الشهر إلى جامعة كلورادوا في دورها الجديد، أجرت بحوثًا مكثفة على الاحتراق الوظيفي للأطباء، وشاركت في تأليف: (اتخاذ إجراء ضد الاحتراق الوظيفي للأطباء: أسلوب النظم لتحقيق السلامة  النفسية باحترافية)؛ وهي دراسة متفق عليها من الأكاديمية الوطنية للطب، وشاركت في تطوير مؤشر السلامة، وأجازت أداة التقييم الذاتي للأطباء عبر الإنترنت.

أخذ بحثها في الاعتبار الضغوطات المرتبطة بالعمل في قطاع الرعاية الصحية، بما في ذلك جوانب بيئة العمل التي قد تؤدي إلى الاحتراق الوظيفي للطبيب؛ من بين هذه الضغوطات الملاحظات العنصرية والعرقية المسيئة، والتلميحات الجنسية غير المرغوب فيها، والتمييز الجنسي الذي يمكن أن يكون عامل رئيسي في الاحتراق الوظيفي للطبيب.

شاركت ديربي والباحثون المساعدين لها بالجمعية الطبية الأمريكية في استطلاع وطني كبير يتبع اتجاهات الاحتراق الوظيفي الذي يتعرض له الأطباء لأكثر من عقد من الزمان، الاستطلاع الأول كان في عام 2011، ثم في 2014، وفي 2017، وفي 2020.

بعد عمل استطلاع يمكن إكماله على الإنترنت أو ورقيًا، أطلقت ديربي والباحثون المساعدين لها الدراسة بعد أكثر من ستة أشهر من انتشار وباء كوفيد -19، في الوقت الذي لم يكن يتعامل الأطباء فقط مع الضغط الشديد في العمل، ولكن أيضًا  يتعاملون مع الشعور العام الذي من الممكن أن يتراوح بين تكريمهم كأبطال والشك في علمهم.
 
أكمل الاستطلاع أكثر من 6500 طبيبًا، حيث قالت ديربي: ” وكان أكثر شيء صدمنا هو عدد المرات التي عانى فيها الأطباء من سوء المعاملة والتفرقة العنصرية، وكان ذلك أكثر شيوعًا في النساء، وأكثر شيوعًا في الأطباء المتنوعين عرقيًا، مقارنةً بالأطباء أصحاب البشرة البيضاء، ولكن ما برز حقًا هو تكرار هذه المعاناة”.

على سبيل المثال، أبلغ 40٪ من الأطباء الذكور ذوو البشرة السوداء و40٪ من الأطباء الإناث من السكان الأصليين عن تعرضهم لمثل هذه التجارب، وأبلغ 25٪ تقريبًا من الذين أكملوا الاستطلاع عن تعرضهم لتلميحات جنسية غير مرغوب فيها من المرضى أو من عائلاتهم أو من الزوار.

يجب علينا دعم الطبيب

يشكل الانتشار الصادم لسوء المعاملة والتمييز العنصري ضد الأطباء مصدر قلق شديد لدى نظام الرعاية الصحية بالولايات المتحدة. أوضحت الدراسة أن من يتعرض من الأطباء لسوء المعاملة والتمييز العنصري أكثر عرضة للاحتراق الوظيفي، وأوضحت دراسة سابقة أن الاحتراق الوظيفي للطبيب يعد عامل في تبديل الطبيب والنتائج السيئة لحالات المرضى.

أوضحت ديربي: “الاحتراق الوظيفي له تأثير متتابع؛ حيث يؤدي إلى تقليل وقت الأطباء السريري، فيكلف الرعاية الصحية بالولايات المتحدة الأمريكية أموال طائلة، ويضخم النقص في القوى العاملة، ويقلل فرص الحصول على الرعاية، أيضًا إذا تعرض الأطباء للاحتراق الوظيفي يصبحون أكثر عرضة للمشاكل المتعلقة بتعاطي المخدرات والأفكار الانتحارية، ليس من المروع فقط أن تحدث هذه الأشياء في حد ذاتها، بل إنه مروع لأن له أعقاب وخيمة على المرضى والمجتمع”.

وتابعت: ” أضافت بيانات البحث إلى الأدلة الموجودة أن هناك حاجة لاتباع نهج متعدد الجوانب لتحسين أزمة الاحتراق الوظيفي للطبيب، يجب أن يحدث جزء من الاستجابة في بيئة العمل”.

واستطردت قائلةً: ” تنفذ بعض المنظمات سياسات وإجراءات مع من يكرر التمييز العنصري تجاه الأطباء، وأعضاء فريق الرعاية الصحية الآخرون، هناك أيضًا فرص لشراكة كبار مسئولي السلامة النفسية مع كبار مسئولي التنوع لتعزيز ثقافة التنوع والمساواة والانتماء داخل المنظومة”.

هناك خطوات يمكن أن يتبعها الطبيب في نفس اللحظة التي يعلّق فيها المرضى أو عائلاتهم أو الزوار تعليقًا غير لائق؛ يتضمن ذلك التدخل وقول شيء ما عندما يكون السلوك لا يتماشي مع القيم التنظيمية، ومعالجة السلوك مع المرضى أو عائلاتهم أو الزوار، وتحديد التوقعات والحدود، وإبلاغ المسؤولين عن السلوك إذا دعت الحاجة لذلك، بحيث يمكن إنهاء علاقات الرعاية الصحية مع المرضى.

تقول ديربي: ” بالتأكيد لا يمكنك التخلي عن المرضى، وستتحمل عواقب السلوك أكثر من المرضى الذين يعانون من الهذيان أو الجنون أو من غير مؤهلين، لكن بالنسبة لباقي العالم يمكن أن تكون لدينا توقعات أعلى”.

تقع مسؤولية صناعة بيئة يستطيع أن يزدهر بها كل عامل في الرعاية الصحية على عاتق كل مستويات المنظومة، بدايةً من السياسات والإجراءات لتقليل المضايقات والتحيز من المرضى أو عائلاتهم أو الزوار، لنتأكد أن جميع الأطباء يشعرون بالدعم، كما يتطلب توفير تدريب على التحيز اللاواعي والتهديدات النمطية، ودعم الأطباء لممارسة الرعاية الذاتية، وصياغة الوظائف التي تقدم لهم المعنى والهدف.

تقول ديربي: ” من المهم أن يفهم الجمهور العام أن الاحتراق الوظيفي يؤثر عليهم، لماذا يجب أن يقلقوا من تعرض الأطباء للاحتراق الوظيفي؟ يجب أن يقلقوا لأن تبديل الأطباء وتقليل ساعات العمل الناجمة عن الاحتراق الوظيفي يكلف نظام الرعاية الصحية بالولايات المتحدة 4.8 بليون دولار كل سنة، حيث يقلل الأطباء الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي الوقت السريري، ومن المرجح أن يتركوا الممارسة مرتين إذا عليك إيجاد طبيب جديد، ومن الممكن أن يقدم الأطباء الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي رعاية أكثر تكلفة أو أقل جودة. إذا كنا نريد رعاية صحية بجودة عالية وبتكلفة معقولة، يجب أن ندعم الأطباء“.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: شروق إبراهيم محمد

تويتر: shroo2_Ibraheem
لينكد إن: shrook-ibraheem
فيسبوك: shrook.ibraheem.33

مراجعة وتدقيق: زينب محمد