قوة الرفض وسر النجاح والإنتاجية

قوة الرفض وسر النجاح والإنتاجية

11 يونيو , 2022

ترجم بواسطة:

نورة سعود

دقق بواسطة:

زينب محمد

سر النجاح وزيادة الإنتاجية هو قول كلمة: لا.

أن لا تفعل شيئًا ما سيكون دائمًا أسهل وأسرع. تُذكرني هذة العبارة بعبارة تعلمتها في البرمجة تقول: “تذكر أنه لا يوجد رمز code أسرع وأسهل من عدم وجود رمز code من الأساس”.

 تظهر هذة الفلسفة في منحنيات أخرى من الحياة. مثلاً، لا يوجد اجتماع اليوم أسهل من عدم وجود اجتماع من الأساس.

هذا بالطبع لا يعني أنه لا يجب عليك حضور اجتماع للأبد، ولكن الحقيقة هي أننا في كثير من الأحيان نقول نعم للأشياء التي لا نريد فعلها. هناك العديد من الاجتماعات التي عُقدت ولا يلزم عقدها وهناك الكثير من البرمجيات المكتوبة التي يمكن حذفها.

كم مرة يطلب منك الناس أن تفعل شيئًا ما وتجيبهم بالإيجاب ثم وبعد ثلاثة أيام تشعر بالارتباك حيال مقدار ما هو موجود في قائمة مهامك؟ نشعر بالإحباط من التزاماتنا الكثيرة رغم أننا كنا من قلنا لهم نعم في المقام الأول.

إنه من الجدير السؤال عما إذا كانت بعض الأشياء ضرورية، لأن الكثير منها ليس بالضرورة فعله وستكون كلمة “لا” البسيطة أكثر إنتاجية من أيّ عمل غير ضروري يقوم به الشخص المُنتج.

ولكن إذا كانت فوائد قول كلمة “لا” كثيرة جدًا، فلماذا نقول “نعم”؟

لماذا نقول “نعم”؟

نحن نوافق على العديد من الطلبات ليس لأننا نريد تنفيذها، بل لأننا لا نريد أن ينظر الناس إلينا على أننا وقحون أو متعجرفون أو حتى غير مفيدين. ولكن في كثير من الأحيان سيتوجب عليك إبداء الرفض لشخص ستتعامل معه مرةً أخرى في المستقبل، سواءً كان زميلك في العمل أم زوجتك وعائلتك أم حتى أصدقائك.

قد يكون قول “لا” لهؤلاء الأشخاص أمرًا صعبًا بشكل خاص لأننا نحبهم ونريد دعمهم، ناهيك عن أننا كثيرًا ما نحتاج إلى مساعدتهم أيضًا. ولأن التعاون مع الآخرين يعد عنصرًا مهمًا في الحياة، فالتفكير في توتر العلاقة يفوق التزام أوقاتنا وطاقاتنا. ولهذا السبب، قد يكون مفيدًا أن تكون لطيفًا ومراعيًا في ردك.

ولكن حتى بعد أن أخذنا في الحسبان هذه الاعتبارات الاجتماعية، لا يزال الكثير منّا يقوم بعمل ضعيف في المقايضة بين قول كلمة “نعم” أو “لا”. نجد أنفسنا ملتزمين أكثر من اللازم بالأشياء التي لا تُحسّن أو تدعم من حولنا بشكل هادف، وبالتأكيد لا تحسن حياتنا أيضًا.

ربما تكون إحدى أهم المشاكل كيف نفكر في معنى كلمتا “لا” و “نعم”.

الفرق بين قول كلمة “لا” وكلمة “نعم”

دائمًا ما يتم استخدام الكلمتين “نعم” و “لا” بالمقارنة مع بعضهما البعض في كثير من الأحيان بحيث يبدو أنهما يحملان نفس الأهمية في أيّ حوار. ولكن في الواقع إن هاتين الكلمتين ليستا مختلفتين في المعنى فحسب، بل لهما حجمان مختلفان في الالتزام.

حينما تقول “لا” فأنت ترفض خيارًا واحدًا فقط أو مهمة واحدة فقط، ولكن حينما تقول “نعم” لشيء قد لا ترغب به فأنت ترفض أشياء أخرى كثيرة ترغب بالقيام بها.

يُعبر عن هذة الفكرة بطريقة مميزة الخبير الاقتصادي تيم هارفورد حين قال: “في كل مرة نقول فيها نعم، نقول أيضًا لا لأي شيء آخر قد ننجزه بنفس الوقت”. بمجرد أن تلتزم بشيءٍ ما، تكون قد قررت بالفعل كيف ستقضي ذلك الزمن المستقبلي من وقتك.

بمعنى آخر، قول كلمة “لا” يحفظ لك وقتك، أما قول كلمة “نعم” يكلفك الكثير من وقتك في المستقبل. كلمة “لا” هي شكل من أشكال الائتمان للوقت والمحافظة عليه، فأنت تحتفظ بالقدرة على قضاء وقتك المستقبلي كيفما تشاء. وعلى الصعيد الآخر، كلمة “نعم” هي شكل من أشكال الديون الزمنية ويجب عليك أن تسدد التزاماتك بها في وقت ما.

كلمة “لا” اختيار، أما كلمة “نعم” فمسؤولية.

وظيفة الرفض

يُنظر أحيانًا إلى الرفض على أنه ميزة لا يستطيع الحصول عليها سوى من هم في مواضع السُلطة والقوة. قد يُعتبر هذا صحيحًا كثيرًا من الأحيان؛ فإن رفض الفرص يكون أسهل عندما تمتلك الأمان الذي يوفر لك القوة والمال والسُلطة. ولكن من الصحيح أيضًا أن قول “لا” ليس مجرد امتياز مخصص للناجحين من بيننا، بل إنها إستراتيجية يمكن أن تساعدك على أن تصبح ناجحًا بنفسك.

يُعتبر قول “لا” مهارة مهمة يجب تطويرها في أي مرحلة من مراحل حياتك المهنية لأنها تحتفظ بأهم عنصر في الحياة ألا وهو: الوقت. كما يقول المستثمر ورجل الأعمال بيدرو سورينتينو: “إذا لم تحرس وقتك فسوف يسرقه الناس منك”.

من الواجب أن ترفض كل ما لا يقودك نحو أهدافك وطموحك ويُعتبر عاملًا في إلهاءك. فكما أخبرني احد القرّاء من قبل: “إذا قمت بتوسيع التعريف الخاص بكيفية تطبيقك لكلمة “لا”، فقد امتلكت الحل المميز والوحيد للإنتاجية. لأنك في النهاية تختار الرفض تجاه أي إلهاء من أجل أن تكون منتجًا”.

وبالتأكيد لا يوجد أحد قد جسّد هذة الفكرة وطبقها أفضل من ستيف جوبز، الذي قال: “يعتقد الناس أن التركيز على أهدافك يعني قول نعم للشيء الذي عليك التركيز عليه، ولكن هذا ليس ما يعنيه الأمر على الإطلاق. بل إن التركيز على أهدافك يعني قول لا لمئات الأفكار الجيدة الأخرى الموجودة أمامك، لذلك يتوجب ان تختار بعناية”.

نستنتج من ذلك أنه يوجد توازن مهم يجب تحقيقه هنا. لا يعني رفضك لشيءٍ ما أنك لن تفعل شيئًا ممتعًا أو مبتكرًا أو عفويًا. إنه فقط يعني أنك تقول “نعم” بطريقة مركزية ومكثفة أكثر لأشياء أخرى تريد تحقيقها. بمجرد أن تتخلص من المشتتات، فسيكون من المنطقي أن تقول نعم لأي فرصة يمكن أن تحركك في الاتجاه الصحيح. فقد تضطر إلى تجربة العديد من الأشياء لاكتشاف ما يصلح وما تستمتع به. وقد تكون فترة الاستكشاف هذه خطوة إيجابية ومهمة في بداية مشروع أو وظيفة أو مهنة خصوصًا.

عززّ قوة رفضك

مع مرور الوقت وبينما تستمر في النجاح والتطور، قد تحتاج لتغيير استراتيجياتك.

كلما ازدادت تكلفة وقتك، أصبحت ناجحًا أكثر فأكثر. لذا كأول خطوة، يتوجب عليك أن تتخلص من المُلهيات والمشتتات الواضحة أمامك، وبذلك تتحسن مهاراتك وتتعلم الفصل بين ما قد يقودك للنجاح وما قد يقودك للفشل.

عليك أيضًا ان ترفض الفرص التي قد توهمك بأنها جيدة لإستثمار وقتك فيها من أجل توفير المساحة لفرصٍ أفضل واستخدامات أحسن لوقتك. قد تكون مهمة جيدة، ولكنه من الصعب إتقانها. بمعنى آخر، عليك تعزيز قوة رفضك وقول كلمة “لا” مع مرور الوقت. 

حينما تعزز هذه القوة، لا يعني أنك لن تقول “نعم” للأبد! إن هذا فقط يعني أن تمرّن نفسك على قول كلمة “لا” بشكلٍ افتراضي وتلقائي أكثر، وأن تدرس قول كلمة “نعم” بمنطقية أكثر. يدعم هذا المبدأ المستثمر ورجل الأعمال برينت بيشوت حينما قال: “قول لا هو أمر قوي جدًا، لأنه يحافظ على فرصة قول أجل”.

لذا وباختصار، إذا كان بإمكانك أن تتعلم رفض المُلهيات والمشتتات، فستحصل في النهاية على حقك في قول “لا” للفرص التي قد تبدو جيدة وستطمح لاستثمار وقتك في فرص أفضل منها.

كيف تقول “لا”؟

ربما يكون معظمنا سريعًا جدًا في قول نعم وبطيئًا جدًا في رفضه. يجب أن تسأل نفسك، في أي مكان من هذا النطاق تصنف نفسك؟

إذا كنت تواجه مشكلة في قول “لا” فقد تجد الاستراتيجية التالية التي اقترحها تيم هارفورد -الاقتصادي البريطاني الذي ذكرته سابقًا- مفيدة. يقترح هارفورد: “إحدى الحيل وهي أن تسأل نفسك إذا طُرح عليك شيء ما “إذا توجب علي القيام بهذا الشيء اليوم وفي هذه اللحظة فهل سأوافق؟”، إنها ليست حيلة أو قاعدة عامة سيئة لأن أي التزام مستقبلي وبغض النظر عن بعده سيصبح مشكلة وشيكة إذا لم ترغب بفعلها”.

إذا كان ما قد طُرح عليك مثير وشيق بما يكفي للتخلي عن كل ما تفعله الآن، فإن الجواب هو “نعم”. أما إذا لم يكن الأمر كذلك، فربما يتوجب عليك أن تفكر مرتين قبل فعله.

هذا مشابه لحدٍ ما لاستراتيجية ديريك سيڤرز “بالتأكيد, “نعم” أو بالتأكيد “لا” Hell Yeah or Hell No”. إذا طلب أحدهم منك أن تفعل شيئًا ما وكانت ردة فعلك الأولى هي “نعم، بالطبع!” فافعل ذلك. ولكن إن لم تكن كذلك، فحينها يتوجب عليك الرفض.

إنه من المستحيل بالطبع أن تتذكر  طرح هذة الأسئلة على نفسك في كل مرة تواجه فيها قرارًا ما، ولكن لا يزال مفيدًا أن تأخذها بالحسبان من وقت لآخر. قد يكون قول “لا” أمرًا صعبًا، ولكنه غالبًا ما يكون أسهل من كلمة “نعم”. كما أشار الكاتب مايك داريانو من قبل: “من الأسهل تجنب الالتزامات بدلاً من الخروج من الالتزامات. إن قول “لا” يجعلك تتجه نحو الطرف الأسهل من هذا الفعل”.

ما ينطبق على الصحة الجسدية ينطبق أيضًا على الإنتاجية: درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج.

قوة الرفض

يُهدر الكثير من الجهد حينما نقوم بأشياء فائدتها أقل من الجهد المبذول. يزورني اقتباس لبيتر داركو الشهير يخص هذة الفلسفة، حينما قال مرة: “لا يوجد شيء عديم الفائدة أكثر من القيام بشيء بكفاءة مُطلقة تفوق قدرها”.

المصدر: https://jamesclear.com

ترجمة: نورة سعود

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!