هل نستطيع تغيير صفات الأشخاص من حولنا حتى لو لم يرغبوا بذلك؟

هل نستطيع تغيير صفات الأشخاص من حولنا حتى لو لم يرغبوا بذلك؟

11 مارس , 2022

ترجم بواسطة:

مدى أحمد

دقق بواسطة:

زينب محمد

هل يمكن للشركة أن تدرب الموظف ليصبح أكثر وعيًا، حتى لو لم يساهم الموظف في تحسين تلك الصفة؟ دراسة جديدة أجابت: ذلك ليس بمستحيلٍ البتة!

الاستقرار العاطفي وسماتنا الشخصية

ذكر أستاذ علم النفس ناثان هدسون (Nathan Hudson) من جامعة ساوثرن ميثوديست أنه ليس من الممكن تحسين الاستقرار العاطفي (emotional stability) للعميل إذا لم يبدي بدورهِ أي نوع من أنواع الالتزام.

أشارت العديد من الدراسات بأن التدخل من الممكن أن يغيّر سمات الشخصية بالفعل. وكما يُلاحظ في الدراسة الجديدة التي أجراها هدسون، فأن صفاتنا الشخصية ترتبط بشكلٍ وثيق بالحياة والمحيط حولنا، فهي تعتمد على أمور، مثل جودة علاقاتنا، أو بازدهارنا الوظيفي، وغيره من الأمثلة. 

كان الهدف الكامن وراء بحث هدسون الأخير الذي نشر في مجلة Research in Personality، هو اختبار نظريتين: ما إذا كان تدخل الشخصية الناجح يتطلب اختيار المشاركين للصفات التي يعزمون على تغييرها، وما إذا كان ينبغي عليهم المساهمة فعليًا بتغيير تلك السمات المستهدفة.

ووُجد أن الوعي (conscientiousness) – أي القدرة على أن يكون الشخص منظمًا ومسؤولًا ويعمل بجد- يمكن أن يُحسّن حتى لو كان المشاركون يفتقرون لدافع التغيير، ووُجد أيضًا بإنَّ انجاز سلسلة من المهام بشكلٍ منتظم قد يغير العادات وبالتالي يُحسِن الوعي.

هل يمكننا تغيير الآخريين؟

غير أنّ الاستقرار العاطفي كان قصة أخرى تمامًا، لكونه مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقدرة على التعامل مع المواقف الصعبة. فلن يتمكن المشاركون في الدراسة من تحسين تعاملهم مع تلك المواقف طالما لم يختاروا تعزيز استقرارهم العاطفي، وما عدا ذلك، فأن المهام التي كُلفوا بها على مدار الأربعة أسابيع باءت بالفشل.

وذكرَ هدسون بأنَّ: “هذا يوفر أدلة واعدة للمدارس والشركات وحتى المنظمات، إذ بإمكانهم الطلب من منسوبيهم اجراء تغييرات طفيفة نسبيًا تعينهم على تحسين حياتهم، وذلك من خلال جعلهم أكثر تنظيمًا ومسؤولية مع مرور الوقت. وفي المقابل، يبدو أن الاستقرار العاطفي قد يتطلب المزيد من الاستثمار من الأشخاص المخولون بالتدخل”.

شدّد هدسون بأن هذا البحث لا يتعلق بالسيطرة على الناس البتة.

وذكر بـ “أن فكرة تغيير صفات الآخرون تبدو مروعة –خصوصًا عندما يحاول الأشخاص تغيير بعضهم البعض. ولكن شئنا أم أبينا فأن المجتمع مليء بالتدخلات التي صُممت سلفًا لتغيير صفاتنا الشخصية”،  ثم أضاف: “تعتبر المدرسة الابتدائية مثال حي لذلك، فهي تدخل ضخم، صحيح أنها تهدف أولًا إلى مساعدة الأطفال ليصبحوا أكثر ذكاءً، ولكن ليبرعوا أيضًا في صفاتٍ معينة كالمسؤولية، والاجتماعية، واللطف، والاجتهاد”.

وفي بحوثٍ سابقٍة لهدسون وعلماء نفس آخرون ظهر أن الأشخاص الذين بذلوا جهدًا ونشاطًا مذكورًا لتغيير جوانب من شخصيتهم كانوا في كثير من الأحيان ناجحين في تحقيق رغباتهم.

لكن قبل الآن، لم يكن من الواضح ما إذا كان الشخص يمكن أن يحقق نتائج مرجوة لو لم يحدد السمة التي يطمح بتغييرها ولم يبذل جهدًا في سبيل تحقيق هذا التغيير.

كيف أُجريت هذه الدراسة؟

أجرى هدسون دراستين منفصلتين، واستمرت كلٌ منهما أربعة أشهر.

ففي الدراسة الأولى، عُيِّن بعشوائية ١٧٥ طالب جامعي لتغيير إما الوعي، أو الاستقرار العاطفي. ثم كُلفوا بمهامٍ معينة لتحسين السمات المراد تغيرها. فمثلًا، أولئك الذين اختيروا لتحسين عملية الوعي تعرضوا لتحديات مثل “تنظيم وتنظيف مكاتبهم”، أو “إعداد قائمة بالمهام التي يرغبون بإنهائها”.

أما عن التجربة الثانية، فقد حوت على ٤٠٠ طالب من شتى الجامعات، ثم طُلِب منهم تحديد السمة التي يطمحون بتحسينها، إلا أنه وبشكلٍ سري، تم الاختيار بشكلٍ عشوائي نصف المشاركين ليتلقوا تحدياتٍ تستهدف خاصية لم يقوموا باختيارها.

وبالطبع، في كلتا الدراستين تم قياس سمات الطلاب قبل وبعد تلقيهم للمهام، والمعيار التي قِيسَ به سماتهم هو (44-item Big Five Inventory) مقياس العوامل الخمس الكبرى المكون من 44 عنصر، وهو مقياس متعارف عليه بين علماء النفس.

وجد هدسون أن الطلاب الذين أكملوا المزيد من المهام المتعلقة بـ “بناء الوعي”، كانوا قد شهدوا تحسنًا كبيرًا حتى عندما لم يكونوا على علمٍ بسبب تكليفهم بتلك المهام من الأساس. أما بالنسبة لأولئك الذين لم يختاروا تحسين استقرارهم العاطفي، فكانت التحديات التي خاضوها غاية في الخمول، مما جعل هذه السمة تبدو أسوأ بكثير مما هي عليه.

لمَ يختلف الاستقرار العاطفي عن الوعي؟

يشك هدسون بأن الناس بالعادة تنتابهم الحماسة لتغيير استقرارهم العاطفي لكون هذه السمة تخلّصهم من المشاعر السلبية بشكلٍ أساسي.

وذكر: “يستصعب على البعض التوقف عن الشعور بالغصب من فورهم”، أو “التوقف عن الشعور بالقلق”، لذا أعتقد بدوري، أن الاستراتيجيات غير المباشرة لتغيير مشاعر شخص ما، مثل التدوين أو التفكير في أشياء إيجابية، لا يمكن أن تنجح إلا عندما يرغب الناس في استخدام تلك التقنيات لتغيير مشاعرهم”.

أما بالنسبة للوعي، فيمكن تزييفه بسهولة ويزداد من خلال الأعمال الآلية والتلقائية، كتنظيف حجرتك مثلًا أو استعانتك بالتقويم.

وأضاف هديسون بأن: ” الدافع لا يملك صلة قوية بالتدخلات التي تستهدف الوعي، طالما بذل المشاركون كامل جهدهم والتزموا التزامًا تامًا بالتدخل”.

المصدر: ScienceDaily

ترجمة: مدى أحمد

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!