تغير المناخ قد يؤدي إلى تقلص الطيور الاستوائية

تغير المناخ قد يؤدي إلى تقلص الطيور الاستوائية

5 مارس , 2022

ترجم بواسطة:

فاتن ضاوي المحنا

دقق بواسطة:

كريم طارق

يتقلص حجم العديد من الطيور الاستوائية، ويعتبر الطائر المسمى بوكو كابينسيس  (Bucco capensis) مثالاً على ذلك. يعتقد العلماء أن تقلص الحجم قد يساعد الطيور على إبقاء درجة حرارة أجسامها معتدلة في المناخ الحار.

الكشف عن سبب ظاهرة تقلص حجم الطيور

في زاوية نائية من غابات الأمازون المطيرة بالبرازيل، أمضى الباحثون عقودًا في اصطياد وقياس الطيور في رقعة كبيرة من الغابات لا تشوبها الطرق والمدنية، أو خضعت لعملية إزالة جزء من الغابة. وتكشف هذه الزاوية نموذجًا للتنوع المذهل في منطقة الأمازون، حيث بدأت الدراسة، والتي كانت المخطط التجريبي أساسها، الكشف عن كيف يمكن للمدنية، مثل تجزئة الغطاء النباتي، أو قطع الأشجار، أو إنشاء الطرق، أن تفرغ حديقة الغابات المطيرة البرية. ولكن في هذا الجزء البكر من البرية، شوهد تحول أكثر دقة حيث لاحظ العلماء تقلص حجم الطيور.

فعلى مدار 40 عامًا، انخفضت كتلة العشرات من أنواع الطيور الأمازونية، حيث أفاد باحثون في 12 نوفمبر في مجلة العلوم المتقدمة (Science Advances) أن العديد من الأنواع تفقد ما يقرب من 2 ٪ من متوسط ​​وزن الجسم عند كل عقد من الزمان. علاوةً على ذلك، حظت بعض الأنواع بأجنحة أطول. ويقول الباحثون إن التغييرات تتزامن مع مناخ أكثر سخونة وتغيرًا، مما قد يؤدي إلى أجسام أكثر رشاقة وكفاءة تساعد الطيور على إبقاء حرارة أجسامها معتدلة.

يقول بن وينجر، عالم الطيور في جامعة ميشيغان في آن أربور الذي لم يشارك في البحث ولكنه وثق انكماشًا مشابهًا في الطيور المهاجرة: “تغير المناخ ليس شيئًا من المستقبل، إنه يحدث الآن وله تأثيرات لم نفكر فيها”. ويقول إن رؤية الأنماط نفسها في العديد من أنواع الطيور عبر سياقات مختلفة على نطاق واسع تتحدث عن ظاهرة عالمية.

علاقة درجة الحرارة بحجم الجسم

لطالما ربط علماء الأحياء حجم الجسم بدرجة الحرارة. ففي المناخات الباردة، من المفيد أن تكون كبيرةّ؛ لأن وجود مساحة سطح أصغر بالنسبة لحجم المرء يقلل من فقدان الحرارة عبر الجلد ويبقي الجسم أكثر دفئًا. ومع ارتفاع درجة حرارة المناخ تتولد احتمالية انكماش أحجام الجسم لمساعدة الكائنات الحية على التخلص من الحرارة بشكل أفضل، على حد قول فيتيك جيرينك، عالم البيئة في مركز أبحاث البيئة المتكاملة في بلو ليك، كاليفورنيا.

وأفاد وينجر وزملاؤه في عام 2020 في مجلة الرسائل البيئية،  أن العديد من أنواع الطيور المهاجرة في أمريكا الشمالية أصبحت أصغر حجمًا وإن تغير المناخ هو الجاني المحتمل، ولكن نظرًا لأن المهاجرين يواجهون مجموعة واسعة من الظروف أثناء هروبهم حول العالم، فلا يمكن استبعاد عوامل أخرى، مثل تدهور الغطاء النباتي التي قد يواجهها الطيور.

ولمعرفة ما إذا كانت الطيور التي بقيت في مكانها قد تقلصت أحجامها أيضًا، حلّل جيرينيك وزملاؤه البيانات عن الطيور غير المهاجرة التي جُمعت من عام 1979 إلى عام 2019 في منطقة سليمة من الأمازون تمتد على مسافة 43 كيلومترًا. وتتضمن مجموعة البيانات قياسات، مثل: الكتلة، وطول الجناح لأكثر من 11000 طائر من 77 نوعًا. كما قام الباحثون بفحص البيانات المناخية للمنطقة.

التغيرات المناخية وعلاقتها بطول أجنحة الطيور الاستوائية وأوزانها

وجد الباحثون أن جميع الأنواع تراجعت في الكتلة خلال هذه الفترة، بما في ذلك الطيور المختلفة، مثل: روفوس النمل المغطى (Formicarius colma) الذي يخطف الحشرات من قاع الغابة، والموتموت الأمازوني (Momotus momota) الذي يتغدى على الفاكهة في أعلى الأشجار. وتفقد الأنواع من حوالي 0.1 % إلى ما يقرب من 2 ٪ من متوسط ​​وزن جسمها كل عقد من الزمان. فعلى سبيل المثال : تقلص الموتوت من 133 جرامًا إلى حوالي 127 جرامًا خلال فترة الدراسة.

وتزامنت هذه التغييرات مع زيادة إجمالية في متوسط ​​درجة الحرارة بمقدار 1 درجة مئوية في موسم الأمطار و 1.65 درجة مئوية في موسم الجفاف. كما أصبحت درجة الحرارة وهطول الأمطار أكثر تقلبًا خلال الفترة الزمنية، وهذه التقلبات قصيرة المدى، مثل الموسم الحار، أو الجاف بشكل خاص، توضح اتجاهات الحجم بشكل أفضل من الزيادة المطردة في درجة الحرارة.

يقول جيرينك: “إن موسم الجفاف مرهق حقًا للطيور”. حيث انخفضت كتلة الطيور أكثر من غيرها في عام أو عامين بعد نوبات الحر والجفاف بشكل خاص، وهذا يؤكد فكرة أن الطيور تصبح أصغر حجمًا للتعامل مع الإجهاد الحراري. ويمكن أن تؤدي عوامل أخرى، مثل انخفاض توافر الغذاء  إلى تقلص الحجم كذلك. لكن بما أن الطيور التي تتبع نظامًا غذائيًا مختلفًا بشكل كبير انخفض حجمها، فإن القوة الأكثر انتشارًا، مثل تغير المناخ هي السبب المحتمل.

كما لوحظ نمو طول الجناح أيضًا لما يصل إلى 61 نوع مع زيادة قصوى تبلغ حوالي 1 % لكل عقد من الزمان. يعتقد جيرينك أن الأجنحة الأطول تجعل الطيور أكثر كفاءة، وبالتالي أكثر برودة. فعلى سبيل المثال، تحتاج الطائرة المقاتلة، ذات الهيكل الثقيل والأجنحة المدمجة، قوة هائلة للمناورة. على النقيض من ذلك، يمكن لطائرة شراعية خفيفة وطويلة الأجنحة الطيران على خط مستقيم بشكل أكثر كفاءة.

وعند تطبيق ذلك على الطيور، يقول: “قد تساعد الأجنحة الأطول في الطيور على الطيران بكفاءة أكبر وتنتج حرارة أقل في التمثيل الغذائي، وهو ما يمكن أن يكون مفيدًا في الظروف الأكثر حرارة. لكن هذه مجرد فرضية”. كان هذا التغيير في الجسم أكثر وضوحًا في الطيور التي تقضي وقتها أعلى الغابة، حيث تكون الظروف أكثر حرارة وجفافًا من أرضية الغابة.

وفيما إذا كانت هذه التغييرات في الشكل والحجم تمثل تكيفًا تطوريًا لتغير المناخ، أو مجرد استجابة فسيولوجية لدرجات حرارة أكثر دفئًا لا يزال غير واضح. وبغض النظر عن ذلك، يقترح جيرينك أن التغيير يُظهر القوة الخبيثة للنشاط البشري ويقول: “إن غابات الأمازون المطيرة غامضة وبعيدة وتعج بالتنوع البيولوجي. و لذلك تشير هذه الدراسة إلى أنه حتى في أماكن، مثل تلك البعيدة كل البعد عن الحضارة، يمكنك أن ترى آثار تغير المناخ”.

المصدر: https://www.sciencenews.org

ترجمة: د. فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri

مراجعة وتدقيق: كريم طارق شحات مصطفى


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!