ما خطبي؟ قد يصعب التفريق بين اضطراب النهم (الشرَه المرضيّ) وبعض الاضطرابات الأخرى

ما خطبي؟ قد يصعب التفريق بين اضطراب النهم (الشرَه المرضيّ) وبعض الاضطرابات الأخرى

13 فبراير , 2022

ترجم بواسطة:

آلاء العزابي

دقق بواسطة:

رحاب الدوسري

قالت إحدى مريضاتي (ميليندا): ” أنا آكل و آكل وأعلم أنّ عليّ التوقف ولكنني لا أستطيع. آكل بنهم للحد الذي يصيبني بالغثيان وتؤلمني معدتي واضطر إلى الاستلقاء. أشعر أحيانًا أنني سأنفجر إن لم أكل كل ما تطوله يداي”.

سلطت كلماتها هذه الضوء على ما يقاسيه الناس من عذاب الضمير عندما يسيطر الطعام على حياتهم.

كثيرًا ما شعرت ميليندا بالعجز وفقدت الأمل بأن سلوكها هذا قد يتغير، ومعاناتها هذه هي مثال لما يمر به المصابون باضطراب نهم الطعام.

اضطراب نهم الطعام

بعض المفاهيم والمعلومات الأساسية عن هذا الاضطراب:

من المحتمل أن أكثر من 25% من الأفراد ذوي الأوزان الكبيرة الذين يسعون إلى إنقاص أوزانهم مصابون باضطراب النهم، وهذا الاضطراب على عكس اضطرابات الأكل الأخرى  شائع عند الرجال كما النساء ويصيب الجميع بمختلف جنسياتهم.

إذا كنت تمر بفترات تأكل فيها كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة (تعريف النهم)، فمن الممكن أن تكون مصابًا باضطراب نهم الطعام والذي من أعراضه صعوبة التحكم بكميات الطعام التي تأكلها والعجز عن التوقف بالرغم من  شعورك بالشبع أو التخمة، هذا إلى جانب إحساسك ربما بالذنب والخجل، فقد تعزل نفسك وتأكل بمفردك بسبب خجلك من الكميات الكبيرة التي تأكلها.

تصاحب نوبات نهم الطعام ثلاثة أو أكثر من الآتي:

  •  أكلك بسرعة أكبر من المعتاد.
  • إفراطك في الأكل إلى حد شعورك بعدم الراحة والتخمة.
  • أكلك كميات كبيرة من الطعام رغم عدم إحساسك بالجوع.
  •  أكلك بمفردك لأنك محرج من أكلك الكثير.
  • شعورك بالذنب، وبالكآبة، أو بتأنيب الضمير بعد الإفراط في الأكل.

 تبدأ عادةً معاناة المصابين بهذا الاضطراب مع الطعام ومظهر أجسامهم أبكر من أقرانهم؛ فغالبًا ما يكون لديهم تاريخ طويل من محاولات إنقاص الوزن وإتباع الحميات الغدائية في سن مبكرة، كما قد يكون لديهم هوس شديد بأوزانهم و قوامهم والذي تنتج عنه أفكار أشبه وأقرب لأفكار المصابين بالنهم العصبي؛ مما تشبه أفكار ذوي الوزن الزائد الذين لايعانون من النهم.

من السمات البارزة لهذا الاضطراب تعرض الفرد في الماضي لسلسلة من التعليقات السلبية حول وزنه وشكله وأكله؛ فعلى الرغم من ارتباط إتباع الحميات الغدائية غالبًا باضطراب نهم الطعام، فإن سلوك النهم نفسه يبدأ قبل ذلك.

يصيب اضطراب نهم الطعام النساء والرجال على حدٍ سواء، وهو أكثر انتشارًا بثلاثة أضعاف من اضطرابيّ فقدان الشهية العصبيّ والنهم العصبيّ مجتمعين، كما يعتبر أكثر اضطرابات الأكل شيوعًا في الولايات المتحدة.

دعونا نتحدث الآن عن هوس الطعام

أصبحت (جين) مفعمة بالحيوية حالما تحدثنا عن علاقتها بالطعام. أخبرتني أنها لطالما كانت مهووسة به،  حدثتني عن كيف تزداد ضربات قلبها ويسيل لعابها ما إن تدخل الممر الخاص برقائق البطاطس في المتجر، وعن محاولاتها لتجنب التسوق لمعرفتها أنها لن تستطيع مقاومة شراء كيس رقائق البطاطس الكبير الذي كان نقطة ضعفها، ولكنها مع ذلك وصفت ترقبها وانتظارها لتحصل عليه وشبهته بشعور مدمن المخدرات الذاهب لتعاطي الكوكايين،  قالت أنها كانت كالطفلة في متجر الحلوى، مرتاحة الضمير ومتحمسة وسعيدة بمشترياتها، كما قالت أنها شعرت أحيانًا أن عليها أن تشرح للبائع سبب فتحها لكيس البطاطس قبل دفعها لثمنه معللةً ذلك بقولها:” أنا أتضور جوعًا لأنني لم أتناول طعام الغداء اليوم!” كانت تبرم وعودًا وتعقد صفقات ومساومات مع نفسها حتى تمنعها من شراء كيس البطاطس ذاك، وإن حدث واستسلمت لأهوائها واشترته وعدت نفسها أنها ستتناول نصف الكيس فحسب ومن ثم ستتركه، كما ابتكرت بعض العقوبات التي تعاقب بها نفسها إن أخطأت، عادات أكلها بدت حقًا خارج السيطرة.

كيف تعرف إن كان لديك هوس بالطعام؟

لا توجد معايير محددة يمكن بها التعرف عليه، كما أن كلّاً من هوس الطعام وإدمانه ليسا تشخيصين معترفين بهما في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM)، ولكن بعض الدراسات التي أجرت عليهما استخدمت مقياسًا يعرف بمقياس ييل لإدمان الطعام (YFAS ).

وجد الباحثون باستخدامهم لذات المعايير المستخدمة في تشخيص المصابين بإدمان المخدرات أن نتائج حوالي 5 ـ 10% من السكان جاءت موجبة، منهم حوالي 7% من الأطفال.

 أظهرت النتائج أيضًا أنّ نهم الطعام كانت نسبته أعلى بنحو 15 ـ 25% في الأفراد ذوي الأوزان الكبيرة، وزادت النسبة ( 30 ـ 50%) لدى من يسعون لإجراء جراحة السمنة وذوي الأوزان الكبيرة الذين يعانون من اضطراب نهم الطعام، إلى جانب ذلك توافقت نتائج حوالي 57% ممن شخصوا باضطراب نهم الطعام مع المعايير المقترحة لكل من هوس الطعام وإدمانه، الذين عانى الأفراد فيهما من فقدان السيطرة على الأكل والاستمرار في الإفراط في الطعام بالرغم من العواقب السيئة التي تتبعه، إلى جانب عجزهم عن تغيير سلوكياتهم هذه.

علاوةً على ذلك، يميل المصابون بهوس الطعام إلى التعرض لدرجات أعلى من الاكتئاب، وضعف الثقة بالنفس، وصعوبة في التحكم في مشاعرهم.

الأكل العاطفي:

يمكن تعريف الأكل العاطفي بأنه الأكل استجابةً للمنبهات العاطفية أو للترويح عن النفس وتعديل المزاج، وهو النقيض للأكل استجابةً للجوع الحقيقي.

ليس هناك أي معايير متفق عليها لتشخيص الأكل العاطفي، ولكن هذا المصطلح هو وصف للسلوك المذكور في الفقرة التالية:

أتمّت (ماريان) عامها الستين للتو، متزوجة وممرضة ناجحة، بالرغم من رضاها عن أغلب شؤون حياتها إلا أن صراعاتها مع الطعام وشكل جسمها لا تنتهي.

عندما تكون سعيدة أو حزينة أو غاضبة تفرط في الأكل، عندما يتأخر زوجها في العمل وتبقى في البيت وحيدة تفرط في الأكل، وصفت ماريان الطعام بكونه صديقها المفضل، وبالرغم من قراءتها للعديد من الكتب عن الحميات الغذائية واتباعها للكثير منها، إلا أنها لا تستطيع كفّ نفسها عن أكل “بضع قطع كعك إضافية” لكن هذه القطع عادةً ما تصبح نصف علبة أو علبة كاملة من الكعك، وبعد أن تنهيها ينهشها الذنب وتحس بالعار لفقدها السيطرة على نفسها، تظن ماريان أنها ما كانت لتفرط في الأكل لو كانت حياتها أسهل، وأنها ما كانت لتلجأ للطعام ليريحها لو أن زوجها كان حنونًا وعطوفًا أكثر.

قد يحس العديد ممن يواجهون مشاكلاً مع الطعام والوزن بأن مشاعرهم  أحيانًا هي المتحكمة بهم، كما قد لا يفسحون أي مجال للوصول إلى مشاعرهم أو ربما يواجهون مشكلة في تحديد ما يشعرون به.

تمثل ردود الفعل وجهين لعملة واحدة، فهي إما محاولات للهرب من مشاعرهم أو من فوضى عاطفية ما (والتي قد يشعر فيها الفرد أن مشاعره هي المسيطرة).

لكي يتعافى المرء من فوضى مشاعره عليه أن ينمو عاطفيًا بحيث يصبح قادرًا على التعرف على مشاعره والتعبير عنها، وفهمها، والأهم من ذلك كله التحكم بها وضبطها؛ فليست المشاعر من تسبب المشاكل بل محاولات تجاهلها وكبحها هي السبب.

قد تجد مشاعرنا عندما لا نعترف بها طريقة أخرى للتعبير عن نفسها؛ فتظهر في طريقة أكلنا وشكل جسمنا، أو عبر أكلنا للطعام الذي قد يسعدنا للحظات ولكنه لا يطفئ ظمأ روحنا للتعبير.

والتحكم بالمشاعر يعني القدرة على التعامل معها دون اللجوء إلى سلوكيات محبطة ومؤذية للنفس.

تعلُّم كيفية التعرف على مشاعرك ووضع اسم معين لما تشعر به هي أولى الخطوات التي ستمكنك من التعبير عن مشاعرك بطريقة صحية وآمنة، التعبير العاطفي مهم، لأنه يمكّنك من أن تكون نفسك بمشاعرك، و تصوراتك وآرائك، وهو أيضًا جزء ضروري من كونك إنسانًا.

هل التسميات مهمة؟

اضطراب نهم الطعام هو الاضطراب الوحيد المسجل في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية من بين كل الاضطرابات التي ذكرناها، وهذا يعني أنه الاضطراب الوحيد الذي يغطي التأمين الصحي علاجه، أظن ـ بغض النظر عن مخاوفنا بشأن التأمين الصحي ـ  أن وجود تسمية محددة لما تحس به سيساعدك على تحسين فهمك  لمشاعرك وسيشعرك أنك لست وحدك وأن ما تمر به حقيقي.

خلاصة الأمر هي إذا كنت تعاني من اضطراب نهم الطعام، أو هوسه، أو من الأكل العاطفي، فاعلم أن الدعم والمساعدة متوفرين، مثل كتيبي عن التعافي من إدمان الطعام المتوفر مجانًا هنا.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: آلاء العزابي

مراجعة وتدقيق: رحاب الدوسري

تويتر: lectoror


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!